تحقيقات وتقارير

ملتقى مستقبل العلاقات السودانية الأمريكية خطوة هامة تجاه التطبيع

تجد العلاقات السودانية الأمريكية اهتماماًً منقطع النظير في أعقاب تسلم الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس باراك أوباما لمهامه في منتصف يناير الماضي، حيث أعلن أوباما في إحدى خطبه إعادة تنظيم السياسة الخارجية لبلاده واضعاً السودان في أعلى مرتبة في جدول أعماله وسعيه لإعادة تنشيط الحوار بين الخرطوم وواشنطون، الشيء الذي اعتبره المراقبون بمثابة حسن نوايا من إدارته تجاه السودان: غير أن ذات المراقبين يؤكدون على ضرورة أن تتبع تلك الخطوات خطة عمل تقوم على احترام سيادة السودان ووحدة أراضية، مع عدم التدخل في شؤونه الداخلية فضلاً عن استمرار الحوار بين البلدين من منطقة الندية وتأثير كل من البلدين ودورهما في الساحة الدولية. وعلى صعيد ذلك نشط مبعوث الرئيس أوباما للسودان سكوت غرايشن في القيام بعدة زيارات للسودان، للتعرف عن قرب على الأوضاع فيه بعيداً عن التقارير التي رفعها سلفه السابق، فهو يريد أن يكون فكرة عامة ومن ثم يدفع بتقريره أمام طاولة الكونغرس الأمريكي، والذي استمع لتقرير منه كان الأفضل من نوعه في الآونة الأخيرة. حيث يرى المراقبون أن ما حمله تقرير غرايشن عن السودان ومطالبته برفع اسمه من قائمة رعاة الإرهاب في العالم، دلالة على جدية الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه السودان. وبالمقابل نشطت تحركات عدة من الخرطوم صوب واشنطون للاستفادة من هذه الأجواء، وإبداء الجدية في ضرورة إصلاح العلاقات بين البلدين والسعي للتطبيع بين الخرطوم وواشنطون، وحملت الزيارات التي قام بها وفد السودان لواشنطون العديد من الإشارات الموحية التي تصب في دفع العلاقات بين البلدين، وفي خضم كل تلك الأحداث هنا وهناك استغل المركز القومي للإنتاج الإعلامي هذه الأجواء، وأقام ملتقى للعلاقات السودانية الأمريكية صباح الأحد الماضي برعاية كريمة من الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية، وشارك فيه بالحضور الدكتور لام أكول أجاوين وزير الخارجية السابق وافتتحه وزير الدولة بوزارة الخارجية السماني الوسيلة بقاعة الشارقة جامعة الخرطوم . وحشد المركز لفيف من العلماء والمختصين والسفراء للاستفادة من آرائهم وأفكارهم في وضع إطار علمي ومنهج أكاديمي ذي بعد إستراتيجي، يمكن أن تستفيد منه الأجهزة المعنية بإدارة الحوار الخارجي عموماً والحوار بصفة أخص مع الولايات المتحدة الأمريكية والخروج بمادة بحثية تفيد القائمين على الأمر. والتزم المركز بحسب مديره العام المهندس قبيس أحمد المصطفى بتفعيل هذا الجانب المتعلق بالجهد البحثي للمساهمة في تقديم الحلول الناجحة للقضايا الوطنية. ويرى قبيس أن المركز يسعى من خلال مبادرته هذه للانطلاق من رؤية مرتكزة على أسس وعلى قناعة بأهمية الحوار الأمريكي السوداني والذي من شأنه أن يصل إلى مرحلة التطبيع. وقبل أن ينفض سامر المؤتمرين أوصوا ع بضرورة استقلالية السياسة الخارجية وأن تقوم على أساس المبادئ والمصالح، وطالب المؤتمرون في توصياتهم بالاستفادة من المراجعة التي تجريها الخارجية الأمريكية لسياستها الخارجية وتغيير محدداتها السياسية تجاه السودان. واشترط المؤتمر ضرورة رفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب وتهيئة المناخ للحوار، وناشد الإدارة الأمريكية بأن تقف جانب الحياد بعدم استغلال المحكمة الدولية ضد السودان، مع تكثيف الاتصالات بالجهات التي تستمع إلى الأصوات التي تنادي برفع الحصار الاقتصادي عن السودان، منادياً بالعمل على تحقيق أقصى النتائج والغايات بأقل أضرار أو تكاليف وإدراك محركات وأهداف أمريكا تجاه المنطقة. ونبه المؤتمر في توصياته إلى إستراتيجية الرئيس أوباما تجاه المنطقة وما يمكن أن يطرأ من متغيرات، والأخذ في الاعتبار مجموعات الضغط التي ترفض إستراتيجية السياسة الخارجية التي أعلنها أوباما، والتي تحاول إعادة المدار الخارجي الجديد إلى عهد الرئيس السابق بوش، مؤكداً ضرورة أن يعمل السودان بالتعاون مع العالم العربي على دعم العناصر الإيجابية في السياسة الأمريكية الجديدة والعمل على نجاحها، وإقراره بدعم أمريكا لجهود الإغاثة في الجنوب ودارفور، وطالب المؤتمر بضرورة إنفاذ اتفاقيات السلام التي وقعتها الحكومة وإزالة العقبات أمام انسياب التحول الديمقراطي، والعمل على تمتين الجبهة الداخلية باعتبار أن أمريكا تستغل ضعفها لتحقيق أجندتها. وأكد على ضرورة مراعاة مكامن القوة في الولايات المتحدة من لوبيات ومجموعات ضغط ومؤسسات مالية وفائض قوة عسكرية، فضلاً عن إعداد مضادات وقائية تجنب السودان مآلات العراق وأفغانستان، وأمن المؤتمر على ضرورة تغيير لغة الخطاب السياسي الحالي بين مكونات القوى السياسية المختلفة. عموماً نجح المركز القومي في لعب دور كبير بإنجاح هذا الملتقى، ويبقى الأمل معقوداً على إنجاح هذه التوصيات من قبل متخذي القرار في السياسة الخارجية للبلاد، والعمل على إنفاذ ما جاء فيها ما أمكن ذلك. ويبقى للمركز أجر المجتهد في تناوله لهذه القضية الهامة والتي أصبحت الهم الشاغل للدبلوماسية الخارجية، في ظل الادارة الامريكية الجديدة بقيادة أوباما والتي أبدت مرونة تجاه السودان على عكس سابقتها.
المصدر :اخر لحظة