عالمية

خدعة “كلينتون” لإفشال الإفراج عن المقراحي

ما أن تواترت التقارير الصحفية حول قرب الإفراج عن الليبي عبد الباسط المقرحي المدان في قضية لوكيربي ، إلا وعاودت واشنطن ممارسة “حيلها” القديمة في “ابتزاز” ليبيا ، حيث أكدت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون معارضتها الإفراج عنه والسبب واضح وهو دفع طرابلس لتقديم مزيد من التعويضات لضحايا لوكيربي أو تقديم تسهيلات واسعة لشركات النفط الأمريكية للاستثمار في ليبيا .

فوزيرة الخارجية الأمريكية تعرف جيدا أن قرار الإفراج عن المقراحي بات أمرا محسوما ، كما تدرك مدى تلهف طرابلس لإطلاق سراحه ولذا رأت أن الفرصة تبدو سانحة جدا لتكرار أساليب الابتزاز التي مارسها من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش مع ليبيا ، بالإضافة إلى التأكيد للعالم أن واشنطن مازالت هى التي تحسم الأمور.

وكانت كلينتون أكدت مجددا في 19 أغسطس / آب معارضتها الإفراج عن المقراحي ، قائلة :” سيكون بالقطع خطأ من جانب الحكومة الاسكتلندية أن تطلق سراحه أو تسلمه الى بلده ليبيا ليكمل عقوبة السجن هناك ، إنني أعرف عائلات ضحايا الحادث ، تحدثت معهم عن الرعب الذي مروا به ، أظن أنه خطأ قاطع أن يطلق سراح شخص تم إيداعه السجن إستنادا إلى دليل على تورطه في مثل هذه الجريمة المرعبة”.

وجاءت التصريحات السابقة بعد أن أجرت أيضا في 12 أغسطس / آب اتصالا هاتفيا بوزير العدل الاسكتلندي كيني ماكاسكيل أعربت خلاله عن رؤيتها بضرورة أن يكمل المقراحي عقوبته في اسكتلندا.

ورغم أن التحركات السابقة قد تحقق بعض النجاح في تأخير الإفراج عن المقراحي الذي كان مقررا مع حلول شهر رمضان المبارك ، إلا أنها على الأرجح لن تحقق أهدافها في ابتزاز ليبيا هذه المرة ، فقرار الإفراج عن المقراحي وإن كان يتردد أنه يأتي في إطار صفقة سياسية بين لندن وطرابلس ، إلا أنه يستند أيضا لأسس قانونية وقضائية من شأنها أن تعجل بتنفيذه رغم أنف كلينتون .

ففي 18 أغسطس / آب ، وافق قضاة المحكمة العليا في أدنبرة عاصمة اسكتلندا على طلب المقراحي التنازل عن الاستئناف الذي تقدم به مؤخرا ضد الحكم بسجنه ، وبقبول الطلب، يكون المقراحي قد تخلص من أحد العوائق أمام نقله إلى سجن في بلده.

أيضا فإن صحيفة “الديلي تليجراف” كشفت أن وزير العدل الاسكتلندي كيني ماكاسكيل الذي يملك القرار بشأن الأفراج عن المقراحي من عدمه بات في موقف حرج لأن مأمور سجن جرينوك، حيث يقضي المقراحي عقوبته، حذر من أنه لا يتمكن من توفير الرعاية اللازمة التي يحتاجها المقراحي في مراحله الأخيرة من سرطان البروستاتا.

هذا بالإضافة إلى أن والد ضحية بريطانية لقيت حتفها في حادث تفجير طائرة الخطوط الجوية الأمريكية (بان أمريكان) فوق بلدة لوكيربي قبل أكثر من عشرين عاماً يعتزم تحريك دعوى قضائية ضد الإدعاء الاسكتلندي ، حيث كشفت صحيفة ” صنداي تليجراف ” في 17 أغسطس / آب أن جيم سواير الذي لقيت ابنته فلورا (24 عاماً) حتفها في الحادث يعد لمقاضاة الإدعاء الاسكتلندي انطلاقاً من قناعته بأنه تعمد عرقلة جميع المحاولات لتقديم القتلة الحقيقيين إلى العدالة .

وأضافت الصحيفة أن سواير (73 عاماً)، أحد أبرز الناشطين في مجال الدفاع عن تحقيق العدالة في بريطانيا والمتحدث باسم عائلات ضحايا لوكيربي، مقتنع بأن المقراحي أدين بصورة خاطئة ، كما يعتقد مؤيدوه بأن السياسة الدولية منعت الكشف عن الحقيقة خلال التحقيق بحادث تفجير طائرة الخطوط الجوية الأمريكية (بان أمريكان) فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية عام 1988 والذي أدى إلى مقتل جميع ركابها وطاقمها البالغ عدده 259 شخصاً ، إلى جانب 11 شخصاً آخرين من سكان البلدة.

وتابعت قائلة :” سواير بعث رسالة إلى وزير العدل الاسكتلندي كيني مكاسكيل أصر فيها على تقديم قتلة ابنته إلى العدالة ، وسلط الأضواء على أن الأدلة الحقيقية تم حجبها أكثر من 12 عاماً ولم تستخدم خلال محاكمة المقراحي عامي 2000 و2001 الذي صدر فيه حكم إدانته ، ومن بينها شهادة حارس أمني يعمل في مطار هيثرو حيث أقلعت الطائرة في طريقها إلى نيويورك “.

وانتهت الصحيفة إلى القول :” الحارس الأمني كشف بأن منطقة حقائب الطائرة المنكوبة في مطار هيثرو جرى اقتحامها قبل 17 ساعة من موعد إقلاعها باتجاه نيويورك ، ويعتقد سواير أنه تم خلال هذه الفترة زرع القنبلة التي فجرت الطائرة “.

وأمام الحقيقة السابقة ، فإن وزير العدل الاسكتلندي بات في موقف حرج ولذا فإنه حتى وإن استجاب لضغوط واشنطن ، فإن هذا سيكون فيما يتعلق بتأخير الإفراج عن المقراحي لبعض الوقت وليس إلغاء الأمر.

المصدر :محيط