محمود الدنعو

حارس البوابة لم يمت


[JUSTIFY]
حارس البوابة لم يمت

يصادف يوم غد الثالث من مايو، اليوم العالمي لحرية الصحافة، والسؤال الدائم كل عام بهذه المناسبة.. أين وصلنا من تراجع في الحريات الصحافية واستهداف مباشر وغير مباشر للصحافيين من قتل وقمع ومحاولات منعهم الوصول إلى الحقيقة أو حجبها عنهم؟.. التقارير والأرقام التي تصدرها المنظمات الدولية العاملة في مجال الدفاع عن حرية الصحافة لا تشير إلى أن العالم مع التطور التقني المهول وبروز الإعلام الجديد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يزال يمارس أبشع أنواع القمع والكبت لحريات الصحافيين. حيث يشير التقرير السنوي لحرية الصحافة لعام 2013، إنه تم قتل 71 صحافياً، واعتقال 826، واختطاف 87، كما تم تهديد أو الاعتداء الجسدي على 2160 صحافياً، وفرار 77 من بلدانهم، كما تم قتل 6 متعاونين مع وسائل الإعلام، وقتل 39 مواطناً إلكترونياً ومواطناً صحافياً، واعتقال 127 مدوناً ومواطناً إلكترونياً، أما تقرير منظمة “فريدوم هاوس” فيقول إن حرية الصحافة في العالم تراجعت إلى أدنى مستوى لها في أكثر من عقد لاسيما بسبب اعتداءات كبيرة على الصحافيين ووسائل الإعلام في منطقة الشرق الأوسط.
المخيف ليس في هذه الأرقام وغيرها مما تصدره هذه المنظمات سنوياً، فهذه الأرقام التي تشبه في حدتها وقسوتها نصال السكاكين.. تعود الصحافيون العبور فوقها نحو ممارسة مهنية حرة ونزيهة، هدفها الأوحد الكشف عن الحقيقة كما هي مهما كان الثمن ودون تزييف أو تدليس، لكن المخيف تصريح كارين كارليكر، مديرة مشروع التقرير الذي أصدرته فيردوم هاوس والتي تقول في ذلك التصريح: ” نشهد تراجعات لحرية الإعلام على المستوى العالمي بسبب جهود الحكومات للسيطرة على الرسالة ومعاقبة الرسول”.
إذن من يمارس كبت الحريات الصحافية هي الحكومات، ديمقراطية كانت أو دكتاتورية، فكلها في القمع سواء، فالتقرير السنوي لحرية الصحافة أشار إلى تدهور كبير في الولايات المتحدة وجمهورية أفريقيا الوسطى.!
وهذا مؤشر خطير وتراجع مريع في الحريات، فإذا كانت (نظرية حارس البوابة) التي درسناها في الجامعات ويعرفها كل دارسي الإعلام قد شيعت إلى مثواها الأخير بفضل التقنية الحديثة التي فتحت الفضاء الإعلامي أمام المتلقي، وتقوم النظرية باختصار بالسيطرة على الأخبار من خلال حارس بوابة يمنع مرورها، إما بالحذف أو التعديل أو الإضافة أو الحجب أو التوجيه أو التكرار أو التجاهل، هذه النظرية التي ظهرت منذ عشرينات القرن الماضي، كنا نظن أنها لم تعد صالحة للاستهلاك في القرن الحادي والعشرين لتوفر البدائل في وسائل الإعلام ووسائل تقنية المعرفة عموماً، لكن مثل هذه التقارير -والإشارة إلى سيطرة الحكومات على الرسالة الإعلامية- تجعلنا نعيد تقييم تفاؤلنا بنهاية حارس البوابة، ونقول إنه لم يمت بعد.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي