منى سلمان
إياكم وحمام المقاشيش
يدعوا بها كبارنا العارفين بمتاعب (بشتنة) أرذل العمر ثلاثية الإعاقة:
( الكبر) و(المرض) وثالثهم (الخرف).
والدعوة تحمل في ظاهرها معنى الدعاء على النفس بالموت .. فـ (القوة) هي تمام العافية والمروّة، و(الهوة) هي الحفرة العميقة أي القبر أو كما قال فكي (أبكر):
محل بردموكم ردم.
لكن باطنها يحمل تضرعا لله كي يقيهم شرور أرذل العمر، وأن ينعم عليهم الله بميتة هينة سريعة لا يسبقها طول رقاد من مرض أو هرم، وبذلك يكفيهم مشقة التعويل على الآخرين في تدبر شئونهم، وحسن ظنهم في (بر أبنائهم) وعشمهم في صبر هؤلاء الأبناء على حسن رعايتهم عندما (يردتوا) إلى عالم الطفولة في أرذل العمر، ويصيروا مثل الأطفال أحوج ما يكونوا إلى الحب والحنان والإطعام و(الحمّام) ..
وفي تلك الأخيرة الحمّام – قصة حكتها لي صديقة عزيزة لأسرتنا، عندما سمعتها ذات مرة تدعوا لشقيقتي لأنها (أم صبيان) بأن يكفيها الله شر بشتنة الكبر فقالت:
عاد يختي .. بعدين الله يكفيك شر حمّام المقاشيش.
شدّني مصطلح (حمّام المقاشيش) ورفع قرني استشعاري الشمارية، وقبل أن أتدخل وأطلب تفسير رسمي لهذه الدعوة سألتني صديقتنا:
(انتي يا منى سمعتي بي حمام المقاشيش؟)
أجبتها بأن (عاد يطرشني) فتبرعت لي بالحكاية التي تحمل الكثير من العبر لمن يعتبر:
تحكي قصة الدعوة التي صارت مثلا يضرب لمعاناة أرذل العمر، عن سيدة كان نصيبها في الذرية ابنين توقفت بعدهم عن الإنجاب قبل أن تسعد بـ (البنيّة حلاتا) .. عكفت السيدة على تربية أبنائها الإثنين ولم تبخل عليهما بشيء من عافية بدنها أو محنة قلبها حتى استوى عودهم وصاروا رجالا، فزوجتهما وأفردت لهما مكانا ليعيشا معها في البيت بعد وفاة أبيهما فعاشوا جميعا تحت مظلة حنانها وعطفها ورعايتها الشاملة.
ولكن لأن (دوام الحال من المحال) وكما غنى (أونسة) فقد مرت (أيام وراء أيام واتكاملت أعوام) .. مرّت سنوات تغيرت فيها مراكز اتخاذ القرار، وتحولت سلطات تصريف شئون مملكتها الصغيرة رويدا رويدا من بين يدها إلى يدي زوجتي ابنيها ..
ثم مرت تآآآني سنوات وسنوات كبرت فيها هذه السيدة وأصابها الهرم بالحجز والمرض، فصارت لا تقوى على الحركة إلا بمشقة شديدة ثم ارتدت إلى طفلة صغيرة لا تستطيع التحكم حتى في ما يخرج من السبيلين ..
وهنا (عافتها) السليفتان وتضجرتا من رعايتها والحفاظ على نظافتها الشخصية ولكن لأنهما من ملة الناس الـ (تخاف ما تختشيش) كما يقول المصريين فقد كانتا تحرصان على نظافة نسيبتهم العجوز خوفا من ابنيها زوجيهما لذلك ابتكرن طريقة (فعّالة) تتيح لهن تنظيف مخلفات العجوز دون أن يضطررن لتلويث أيديهن بها، فكن يحملن نسيبتهما ويضعنها في (نص الحوش) ثم تحمل احداهن خرطوم المياه وتحمل الأخرى المقشاشة، وبعد أن يجردنها من الثياب يفتحن صنبور المياه ويقمن بعد صب الصابون السائل عليها بتحميمها بـ (المقشاشة) !!
طبعا كل هذا يحدث من وراء ظهر الأبناء القاعدين في (أضان طرش) عن ما يحدث لأمهما، فعندما يعودا للبيت يجدانها نظيفة تلمع و(تراري) ومكرفسة زي اللقمة في نص السرير !!
ذكرتني قصة المثل ببكاء سيدة عجوز من معارفنا عندما توفت ابنتها الوحيدة، وكان عشم تلك السيدة كبيرة السن، أن تكبر وتخرف تحت رعاية ابنتها بدلا عن أن تبكيها، فالبنات أحن وأولى برعاية امهاتهن في الكبر من الأبناء .. قالت:
يا حليلة البتعدل الحالة المايلة .. وتقش الريالة السايلة.
قال تعالى: (ومنكم من يرد إلى أرذل العمرلكيلا يعلمَ من بعد علم شيئًا) (سورة النحل)، كما قال سبحانه وتعالى: (وَمَن نّعَمّرْهُ نُنَكّـسْهُ فِى ٱلْخَلْقِ) (سورة يس) صدق الله العظيم.
قبل أن نضع اللوم على انعدام بر الأبناء وقلة حرصهم على رعاية آبائهم في الكبر، علينا تدبر الحكمة التي تقول (داين تدان)، ومع اجتهادنا في رعاية آبائنا وكبارنا كي يرعانا أبنائنا في المستقبل .. علينا أيضا مراقبة الله في عافيتنا وشبابنا فيما نبليه حتى ننعم بشيخوخة كريمة نبلاها بي عرق العافية ..
قيل في الأثر أن شابا خرج مع أحد الصالحين لنزهة ، وكان هذا الصالح قد بلغ من الكبر عتيا ..فلما جاء ليركب القارب قفز كقفزة الشاب أو أجمل ، فتعجب منه رفيقه فقال له بثبات المؤمن :
حفظناها في صغرنا فحفظها الله لنا في كبرنا!!
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com
الله يفتح عليك ,ذكرتينا بالواجبات العلينا تجاه الوالدين, وحمام المقاشيش ده انا سمعته عند واحدة قريبتنا وللاسف بتعمله لامها يعني القصة منتشرة.
هذا المقال استاذة منى جميل وطيب ويحمل معانى ومضامين تدعو للتأمل فمرحلة الكبر يمكن ان يمر بها اى شخص اذا امد الله فى العمر والمثل الاول ذكرنى بوالدتى عليها رحمة الله كانت تدعو به الى توفاها الله فى عمر 69 عاما وهى فى كامل صحتها نسأله المولى الكريم ان يديم نعمة الصحة والعافية للجميع والاعمار بيد الله
وبر الوالدين والاهتمام بشئونهم كاملة وهم فى ارزل العمر تعطى الابن او الابنة رصيد من الرضا الربانى يدخل صاحبه جنات عدن فرضاء الله من رضاء الوالدين احيك استاذة المنينة
شاكرين لك ومقدرين على ما تسطرة يداك بعد موافقة سيد الاسم
اامل ككثيرون ان يحول ماتكتبينة الى عمل درامى تلفزيونى لتثبيت بعض المعانى والقيم
التى تسطرينها الى عمل مشاهد فى ظل الانصراف من القراءة للشاشة والقنوات التى
نعلمها حتى لاتندثر حكاوينا وتلحق امات طة
وننتقل من هاى :lool:
لى ازيكن يابنوت
الاخت مني بالجد ما قادر اعبر
اقول لا حوله ولا قوة الا بالله
الحين انا قاعد ابكي هذا مستحيل يحصل عندنا في السودان
اختي المنينه أم الرير نسأل الله العفو والعافية هل هناك في الواقع مثل هذة القصص
يا لطيف والدعاء منكم لكل امهتنا وابائنا الحيين والميتين اميييييييييييييييييييييييييين
انا من الناس البخافو من ولادة البنات رغم انهم حنينات وبيشيلو اهلهم فى الكبر لكن تربيتهم صعبة. الحمد لله الذى جعلنا من البارين لوالديهم لكن اختى اخذت النصيب الاكبر فى رعاية الوالدة خلال مرضها الطويل الله يعافيها وجميع مرضى المسلمين.
لك التحية ايتها الرائعة دوما مقال رائع ينبغي قراءته بكل تمعن وربنا يدينا الفي مرادنا
أ / منى
تحية طيبة
عندي ليكي سؤال ، هو الواحد إذا عايز يكون كاتب يجب عليه أن يكون أنسان مجامل في المناسبات إضافة أن يكون معاصر لأجداده لأخذ المواضيع والمقالات والحكم منهم وطرحها في عموده ؟ هذا الحديث ليس نقداً لكي أو انتقاصاً من شأنكي ، ولكنه لعلمي التام بأنك يمكن أن تقدمي أجود من ذلك ، وأن لا تحصري نفسكي في الحكايات المنقولة .
مع كل الاحترام
الاخت الغاليه دوما منى جزاك الله خير على تذكيرنا . وربنا ابرك فى ابناءك
الاخت منى حياك الله
تسلم يداك على المواضيع الحلوة التي تنقلنا الى صورة حية وتذكرنا بالايام الماضية
ولك الشكر
الاخت الرائعة دوماً منى
لك التحية وانت تمتلكين تلك الحاسة الكتابية التى لا مثيل لها(ما شاء الله عينى باردة عليكى) وتغرسى كل تلك المعانى الانسانية النبيلة فى قلوب قراءك بهذه السلاسة والبساطة
جعلتينى ادمن كتاباتك _ يعنى بالواضح كده لو ما قريت لى مقال فى اليوم يمسكنى وجع راس:cool:
الاخ ودبحرى مع احترامى لما كتبته من تعليق لكن ارى انك بعيد كل البعد عن مسأله النقد الادبى بالرغم من الاخطاء الاملائيه التى حفل بها تعليقك الا إننى تمكنت من فهم ماكتبته
عندما يكتب احدهم قد روى له فلان قصه أو انه رأى فلان يعمل كذا ويستدل بذلك فيما يكتب ليس بالضرورة ان ذلك حدث بالفعل ولكنه اسلوب من اساليب التشويق والحبكه الدراميه
فليس كل ماكتبته الاستاذ منى قد استدمته من العلاقات الاجتماعيه أو انها كانت معاصره لاجدادها هذا فهم قاصر تحتاج معه للمزيد من الاطلاع عن فن كتابة العمود الصحفى
تحياتى
جزاك الله خيرآ يارائعه دومآ ،، وعوده جميله بما فيه فائده مضاعفه للمتابعين دومآ لمقالاتك ،، واجرك عند الله فى تنبيه الغافلين ان كانوا من امثال ابناء تلك الحاجه او سواهم وهم كثر ،،، وهنيئآ لمن دمعت عيناه وهى تبحر بين سطور مقالك وفى ذلك دليل رحمة فى قلبه ،،، كذلك فى حياتنا كثير من القصص التى تروى عن ابناء ابروا بوالدتهم وباعوا الدنيا وملذاتها لاجل رعاية وخدمة وراحة الام التى هى الدنيا ،ودمتى
لله درك يا أستاذة مني علي هذه الدرر الغوالي من مقالاتك الرائعة .. ونسأل الله تعالي أن يعطي والداي الصحة والعافية وطول العمر وأبرهما في حياتهما ومماتهما .