منى سلمان
المرة .. من باب بيتا ولي ورا
واصلت في اعداد العشاء ولكن تعالي أصوات الضحكات المنبعثة من ضيوف (عباس) في الصالون، دفعتها لتلقي السكين من يدها وتخرج من المطبخ .. وقفت خلف الباب ونادت على زوجها فخرج إليها بعد بضعة دقائق وفي يده كأس وعلى شفتيه بقايا ضحكة .. همست بغيظ مكتوم:
انت عارف الساعة كم؟ أصوات ضحكّم تجيب الضهبان .. أصحابك السكارى ديل حقو يحترموا البيت القاعدين فيهو .. فضحتونا مع الجيران ..
تحولت الضحكة في شفتي (عباس) إلى تكشيرة عابسة وزجرها بحزم:
هوي يا (نادية) احترمي نفسك انتي وما تغلطي في الكلام .. ديل ضيوفي لمي لسانك الطويل ومافي داعي للإساءة.
حاولت أن تخذي الشيطان وتعود للمطبخ، ولكن ارتفاع صوت الضحك بعد دخوله للصالون دفعها لتغير طريقها وتدخل لغرفة النوم .. فتحت الدولاب وسحبت أقرب ثوب ولفته عليها ثم تسللت خارجة من البيت.
سارت على قدميها لأكثر من ساعة غير آبه بظلمة الليل ولا وحشة الطرقات إلى أن وصلت لبيت أسرتها .. طرقت على (باب النسوان) طرقات خفيفة وماهي إلا لحظات حتى سمعت صوت أمها تسأل في خوف:
الفي الباب منو؟
أسرعت بفتح الباب عندما سمعت صوت (نادية)، فرمت الأخيرة نفسها باكية على صدر أمها .. ظلت (نادية) (تحكي) و(تبكي) عن مسلسل معاناتها المتواصل بسبب اكتشافها بعد الزواج أن زوجها مدمن على شرب الخمر، وكيف أنه كان يتركها وحيدة في البيت ويعود في أواخر الليل مخمورا .. شكت له من شعورها بالوحدة والخوف من (الحرامية)، في محاولة منها لتشعره بمسئوليته عنها وعن تأمينها عساه يقلع عن تلك العادة، ولكن كل ما أفلحت فيه هو أن تدفعه لدعوة الشلة لتسهر معه في البيت، وتسهر هي على خدمتهم بضبط المشويات والمحربّّشات.
استيقظ إخوة وأخوات (نادية) على صوتها وعلا جدالهم حول الموضوع، فسارعت أمها لاسكاتهم خوفا من استيقاظ شقيقها (مضوي) الذي كان ينام في الجهة الأخرى من البيت:
هسس يا أولاد .. أرقدوا للصباح ما يقوم خالكم يصحى وينكدا علينا في الليل ده.
فقد كان (مضوي) يقيم معهم منذ وفاة والدهم، وعرف عنه تشدده والتزامه بالعادات والتقاليد الأصيلة، فحتما سوف يغضب إذا ما علم بعودة (نادية) وحدها في الليل .. ولكن قبل أن تكمل الأم جملتها قاطعها صوت (مضوي) الأجش بفعل النوم:
خير؟ في شنو مالكم بتنقنقوا نص الليل؟
وعندما انتبه لوجود (نادية) بينهم إلتفت إليها في انزعاج شديد .. أمطرها بوابل من الأسئلة: جيتي بتين يا بت ومع منو ؟ ودخلتي بي وين ؟ وينو راجلك .. ما تنضمي مالك متبكّمة ؟!!
وقفت (نادية) بين يديه ترتعش وتحاول أن تستجمع اطراف شجاعتها لتحكي له سبب (حردانها) ومغادرتها لبيت زوجها، ولكن ما أن بدأ (مضوي) في استيعاب (الحصل)، حتى صفعها صفعة قاسية ألقت بها على السرير، فأسرعت أمها لتحوش عنها الضرب .. واصل (مضوي) أسئلته المستنكرة:
الراجل ده طلقك وللا فتح ليك الباب وطردك يا بت؟
اجابته وسط دموعها بهزة من رأسها ..
– سمح ضربك وللا أسائك بي حاجة؟
انفعلت (نادية) وقاطعته بشجاعة:
إساءة أكتر من يلم لي السكارى جوة بيتي .. أنا الاتربيت على الأدب والأخلاق وطاعة ربنا .. آخر عمري دايرني أخدم السكارى؟
قاطعها (مضوي) بدوره:
السكارى ديل جوك جوة في محلك؟ فعاودت هز رأسها بـ (لا) .. واصل السؤال: سمعتي منهم كلمة جاي وللا جاي ما رضتك؟ عاودت هز رأسها، فرفع ريده عاليا وقال في غضب عظيم:
نحنا ما عندنا مرة بتمرق من بيتها إلا للمقابر .. وعلي القسم ما بتبيتي هنا .. أمرقي هسي قدامي النرجعك بيتك .. بلاش مسخرة فاضية.
انتبهت (نادية) من سرحانها الطويل الذي عاد إلى الوراء أكثر من عشرين عاما ماضى – بعد تسليمها من صلاة الصبح – على صوت فتح الباب ودخول (عباس) من المسجد .. قامت وطوت (مصلايتها) .. تبسمت له في عتمة الفجر وقالت:
تعال النشرب الشاي .. سويتو هداهو جاهز .. دابن بتك المشوطنة (دينا) دي تصحى من النوم .. بعد ما انت نمتا أمبارح جات زعلاآآآنة من راجلا .. قلتا ليها انحنا ما عندنا بت بتحرد من بيتا .. لكن خليك ارقدي نومي للصباح وبعدين ابوك يرجعك بيتك !!
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com
سلام اخت منى
يالله عليك وياروعتك فى سرد الحكاية وعفوية الكلام . نهاية القصة كررتها كذا مرة علشان افهم الحاصل لكن والله نعم التربية مش زى بنات وامهات الزمن دا الام تقول لبتها خلى الاجى هو يسوقك ولا اب ولا اخ اديها على راسة . شكرااااااااااا.
حقاً انها قصة لها معانى كثيرة
تستحق 10/10
قصة مش حلوه صراحة ومافيها فايدة يعنى الواحدة تعرس سكران ويجيب ليها ناس سكرانين فى البيت تصرفاتهم مامعروفه وبايخه وتصبر ولا شنو ولا قصة وخلاص …. وربنا يتوب على الجميع وخاصة صديقى وحبيبى ابو …………….. ودمتم
iهذه القصة رائعة وهى تعبر عن ما يحدث فى المجمتع السودانى والمراة اذا صبرت على زوجها الله يجازيها كثيرا بحق قصة جميلة وهى سلسة ومشوقة مثل هذه القصص التى تاخذ من البيئة لها مدلول جميل فى نفس القارىء
لك التحية استاذة منى
بالرغم انو فى كتير من الناس بنصلح حاله بعد المرور بفترة من العربده لكنى لا اوافق مطلقا على تزويج أى بنت لهذه الفئه فشرب الخمر يُعد من الكبائر لانه يذهب بالعقل وبعد ذهاب العقل توقع حدوث ما لايخطر على البال والخاطر وبالطبع شخص يعيش فترة ليست بالقصيرة وهو لايدرك ماحوله بسبب شربه الخمر لا يستأمن على بيته ولا على شرفه
اللهم اهدى الجميع
اعتقد هذه القصه لاتصلح ليستخلص منها فائده ولايمكن لراجل عاقل يقبل ان تعيش ابنته او اخته في وضع كهذا والطلاق من هذا العربيد افضل مليون مره ونسأل الله الغفو والعافيه.
لك التحيه على الموضوع والسرد الجميل ( والمفردات الاحلى ) ويسلم خال ناديه ( الحكبم بتصرفه ) وبالتاكيد كان لاعادته لناديه لبيتها رغم شكواها شى مما اعاد عباس لرشده ،، وكم كم من بيوت هدمت وتشتت افرادها نتيجة خلاف لم يجدوا حينها من فى حكم مضوى ،، ولك التقدير ودمتى
تفاوتت الاراء واختلفت ما بين مؤيد ومعارض ، انا اعتقد انو شئ صعب المعيشة مع سكران لانو اولا زوجته ما تأمن على نفسها من اصحاب السوء ثانيا بيصرف على الخمر مبالغ قد تكون ضرورية لعائلته ده غير السمعة السيئة لابنائه وخصوصا البنات عند الزواج والعمائل البيعملها السكران وهو مش بوعيه كلنا عارفنها وتسبب القلق والفضيحة وسط الجيران من صياح وضحك بنص الليل الله يهدى الجميع ويصبر اهل مدمن السكر والحشيش
كم اغتاظ من هؤلاء السكارى . الغريبة ما في زول بنصح السكارى واللوم مرمي على الاخرين وليعلم هؤلاء السكارى انه جنى على ابنه عندما يقال له ابن السكران وجنى على زوجته عندما يقال لها هذه متزوجة بواحد سكران حيران هذا قبل ان يكون قد جنى على نفسه بانه يفقد نعمة العقل التي ميز بها الانسان من الحيوان اي بفعله هذا قد تردى الى مرتبة الحيوان بل الحيوان احسن لانه لم يجن على نفسه برغم انه ليس له عقل