عثمان ميرغني

إهانة الشعب السوداني


[JUSTIFY]
إهانة الشعب السوداني

قبل يومين حكمت ظروفي أن أنجز بعض إجراءات شخصية في موقع يطلق عليه (البينية) في قلب (الحديقة الدولية!!) غرب مركز عفراء التجاري بالخرطوم.. وهو مركز خدمات شرطية متعددة منها الجوازات والسجل المدني وترخيص المركبات.

تمنيت لحظتها لو كان معي كاميرا لتصوير أفضل مشهد لإهانة المواطن السوداني .. وأي إهانة .. إهانة مدفوعة نقداً من حر ماله..

طلب الشرطي مني إبراز (الرقم الوطني) بسرعة استخرجته من هاتفي.. اعتذر بأدب (يجب إبراز ورقة السجل المدني المطبوعة..) حاولت إفهامه أن بياناتي مسجلة في كمبيوتر وزارة الداخلية.. وأن مجرد معرفة الرقم الوطني كافية لاستخراجها.. ذهبت للضباط الأعلى.. بلا طائل.. يجب إبراز (ورقة مطبوعة!!) عليها الرقم الوطني..

أتعرفون ما معنى هذا..!!

هذا يعني أن ملايين الدولارات (بالتحديد اليورهات) التي دفعها الشعب السوداني من حر مال فقره المدقع راحت بلا طائل.. هدر..

فكرة (الرقم الوطني) التي دفع فيها شعبنا كل هذه الأموال الطائلة.. تقوم على مبدأ واحد بدونه تنهار الفكرة كلياً وتصبح مجرد مضيعة مال وزمن وعمر.. الفكرة المركزية لـ(الرقم الوطني) مقصود منها نقل (أمن إثبات الهوية) من الورق إلى الكمبيوتر.. الورق يسهل تزويره.. لكن معلومات الكمبيوتر المباشرة On-line لا يمكن تزويرها إطلاقاً.

فكرة (الرقم الوطني) مقصود منها .. التحقق من الهوية مباشرة من الكمبيوتر وليس من (ورقة مطبوعة) يسهل تزويرها.. ويفترض أن المواطن عند وقوفه أمام أي منفذ حكومي ليس مطلوباً منه سوى كتابة رقمه الوطني.. وتتولى الجهة الرسمية (بما فيها البنوك) التحقق من الرقم الوطني مباشرة من الكمبيوتر.. حيث يمكن الاطلاع على بيانات المواطن وصورته بل وحتى بصمة أصابعه..

لكن بعد كل هذه السنوات الطويلة من تطبيق نظام السجل الوطني.. لا تزال الشرطة نفسها.. وليس أي جهة أخرى تصر على إرفاق (ورقة مطبوعة) مستخرجة لحظة إدخال بيانات الرقم الوطني.. وهي ورقة يسهل تزويرها والتلاعب ببياناتها.. ولا تحتوي على الصورة الشخصية..

نظام السجل المدني .. من الزاوية الفنية البحتة.. هو نظام كمبيوتري سهل للغاية.. يمكن لأي طالب في السنة الأولى من كلية علوم الكمبيوتر أن ينجزه في أقل من شهر.. وفي بعض الدول العربية (المملكة العربية السعودية مثلاً) أنجز شبابها هذا النظام منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي.. ومع ذلك لا نزال نحن في السودان وفي العام (2014) نشترط إرفاق ورقة مطبوعة لإثبات الرقم الوطني.. هذا ليس مجرد إهدار للمال الوطني بل لزمن الشعب الذي دفع ما يستحق معه الخدمة الأفضل..

ليت بعض منظمات المجتمع المدني .. مثل منظمة حماية المستهلك. تتبنى الدفاع عن (عمر الشعب السوداني) المهدر في الوقوف وانتظار الطوابير الطويلة في إجراءات حكومية لا مبرر ولا عذر لتخلفها التكنلوجي.. كل العالم من حولنا حتى الدول الأفقر منا تخطت هذه المرحلة ويتمتع مواطنوها بخدمة سريعة بلا انتظار أمام نوافذ الخدمة في الطوابير الطويلة.. فلماذا نكابد نحن رغم كل ما خسرناه في استيراد مثل هذه التقانة الحديثة..

ليت البرلمان يستدعي وزير الدخلية ليجيب على سؤال حتمي.. لماذا وبعد كل الإنفاق السخي والجهد .. والوقت الطويل الهدر.. لا يزال الرقم الوطني مجرد رقم مطبوع في أوراق.. لا تستفيد منه الدوائر الحكومية والخاصة.. وتتطب إجراءات الحكومة بما فيها الشرطة نفسها إبراز ورقة مطبوعة من السجل المدني..
[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]


تعليق واحد

  1. انت بتنفخ في قربه مشروطه وممزقه وتتحدث عن خدمه مدنيه
    ﻻحقه امات طه