ارتباك حكومي!!
< كثرة التصريحات التي يعقبها النفي تضر بالحكومة وتشوه صورتها وتشوش على من يتابع أداءها، في حالة وزير الخارجية علي كرتي ثم ما نسب لوكيل الخارجية وغيرها من أقوال لمسؤولين في الدولة، فقبل أن يجف مداد أي تصريح وحديث تلاحقه الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية بالتبرؤ منه والتغليظ في نفيه والفرار منه كما الصحيح من الأجرب، فهذا أسلوب لا يليق بالحكومة ولا يمكن احترامها وهي تنتهج هذا السلوك الغريب. < فإما أن تكون الحكومة ووزاراتها ووزراؤها ومسؤولوها، على قدر كلماتهم ويتحمَّلون حصائد الألسنة، أو يلتزم الجميع الصمت المطبق إلا في حالة الضرورة القصوى، وتنأى الحكومة بنفسها عن الكلام المباح وغير المباح، فالسياسة لا تحتمل كثرة الأخطاء والغرق في «شبر مية» كما يقول إخوتنا في شمال الوادي. < فلماذا تتكاثر هذه الظاهرة، فالحكومة مخبوءة تحت لسانها، فأقوالها يجب أن تكون محسوبة بدقة، وتصريحات المسؤولين في المواقع المختلفة لا بد من تنسيقها حتى لا يظهر التعارض والتقاطع وسوء التقدير، مما يضطر في نهاية الأمر إلى مضغ عبارات النفي الثقيلة اللزجة. < والذي يجب أن تعيد الحكومة تقييمه وتتعامل معه، أن ما يجري في الداخل السوداني ينعكس مباشرة على صورة البلاد لدى العالم الخارجي، ولعل السيد وكيل وزارة الخارجية في الخبر الذي نشرته الصحف أمس، كان مصيباً في مراده ومقصده عندما أطلق تصريحه الذي حاولت وزارة الخارجية التنصل عنه، فصحيح أنه موجود في العاصمة البريطانية للعلاج، لكن هاله ما يراه أمامه من حملة إعلامية وسياسية ودعاية سوداء ظالمة وكاسحة ضد البلاد لا سابق لها ولا شبيه خلال العشرين سنة الماضية بسبب قضية المرتدة أبرار أو مريم، ففي وقت واحد في بريطانيا اتفقت الأحزاب الثلاثة الكبيرة «العمال، المحافظون والأحرار الديمقراطي الليبرالي» على مهاجمة السودان بلا هوادة، وترافقت معها حملة مغرضة في مجلس العموم ومجلس اللوردات ووسائل الإعلام، وكتبت الصحف افتتاحياتها وتصدرتها صورة الفتاة المحكوم عليها بالإعدام نتيجة ردتها عن الإسلام في قضية لم تكن الدولة طرفاً فيها، وحسب ما نما إلينا من علم، فإن السيد الوكيل كان على اتصال قبل الإدلاء بتصريحاته لـ «بي. بي. سي» ووسائل الإعلام البريطانية الأخرى ورويترز، مع قيادة الوزارة خاصة السيد الوزير علي كرتي. < وزارة الخارجية هي الجهة الأولى في تقدير مصلحة البلاد العليا في علاقاتنا مع الخارج وكيفية تكوين صورة إيجابية لبلدنا والتصدي لما يُحاك ضدها، فالتضارب في التصريحات ونفي الأخبار والأحاديث إن كانت في سياقاتها الصحيحة يضر بمسار المعالجات للقضايا المراد توضيحها. وعليه فإن السؤال المهم، هل كانت تصريحات وكيل الخارجية ذات عائد إيجابي أم لا، وهل هي صحيحة ومتسقة مع صحيح القانون في تناول هذه القضية ومراجعتها؟ الإجابة سهلة، ردود الوكيل الموجود في لندن الذي استطاعت وسائل الإعلام الإنجليزية الوصول إليه واستنطاقه، جاءت في سياقها الصحيح ومكانها المناسب، وتقديراته وتقديرات الوزير الذي كان على اتصال به هو التصدي بقدر المستطاع والمتاح للحملة الإعلامية الجائرة المتصاعدة في الإعلام الغربي ووقف تداعياتها، وهذا واجب أصيل يجب أن تضطلع به وزارة الخارجية بما لا يتعارض مع توجهات البلاد ومرتكزات سياستها الخارجية. < الأمر الثاني أن الوكيل تحدث في الاتجاه الصحيح وكانت تأكيداته بأن قضية المرتدة أبرار بيد القضاء، وما تم هو حكم ابتدائي يمكن استئنافه، وفي إطار القانون وموجباته ومقتضياته فإن الإفراج عنها قد يكون في غضون أيام. ويتضح من هذا أن جلب المصلحة ودرء مفسدة كبرى كان مقصداً من مقاصد التصريحات التي حاولت بعض الجهات وعينها على الداخل وليس الخارج تصويرها كأنها لم تكن صحيحة وليست في مكانها وسياقها. لو أحسنت الحكومة التعامل مع مثل هذه القضايا بأفق مفتوح لوفرت على الجميع مؤونة ومشقة عظيمة نكابدها في تبرير التصرفات والوقائع التي تحدث في الداخل ويكون لها دوي هائل في الخارج. < ولعل البعض هنا على يقين أن هناك جهات في الداخل تسعى لتأجيج هذه النيران لتحرق الجميع، فهل يتذكر الناس قرار والي الخرطوم الأسبق المرحوم مجذوب الخليفة عندما منع عمل النساء في طلمبات البنزين والخدمة في الفنادق، في نفس اليوم والليلة صعدت القضية بكل تفاصيلها حتى وصلت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.. فمن الذي صعد قضية أبرار المرتدة وجعلها بهذا لحجم؟! [/JUSTIFY][/SIZE]أما قبل - الصادق الرزيقي صحيفة الإنتباهة
هكذا انت دائماً يا الرزيقي دوماً تبحث عن شماع تعلق عليها اخطاء ( جماعتك) او كما يقال عذر البليد مسح السبوره .