محمود الدنعو

من ملاوي إلى بوركينا فاسو

[JUSTIFY]
من ملاوي إلى بوركينا فاسو

صورتان مشرقة وقاتمة أظهرتهما القارة الأفريقية لمستوى الممارسة الديمقراطية في هذه القارة التي اقترنت في المخيلة الدولية بأنها قارة الحروب والانقلابات العسكرية والانتقال القسري للسلطة، أو هكذا تصورها وسائل الإعلام الدولية بالحق أحيانا وبالباطل أحايين كثيرة.
أما الصورة المشرقة، فجاءت من مالاوي الدولة الأفقر في الجنوب الأفريقي، حيث أقرت رئيسة مالاوي المنتهية ولايتها جويس باندا، بالخسارة في الانتخابات، ودعت جميع المالاويين إلى مساندة القيادة الجديدة، وقالت باندا: “أتمنى للرئيس المنتخب كل التوفيق، وعلى الشعب مساندة القيادة الجديدة”.
وقد تبدو هذه الكلمات روتينية يقولها المهزوم في الانتخابات ليس في حق الفائز، وحسب بل من أجل تبييض صورته أمام الإعلام والظهور بمظهر السياسي الذي يحترم قواعد اللعبة الديمقراطية، ولكن باندا التي قالت إنها صلت كذلك من أجل نجاح الرئيس الجديد، أرست أدبا رفيعا في أفريقيا بتجاوز مرارات الهزيمة المزدوجة، هزيمة الانتخابات والهزيمة أمام القضاء المالاوي الذي أبطل مفعول قرارها، وهي الرئيسة للبلاد إلغاء نتائج الانتخابات الأولية بحجة أن هناك مخالفات جسيمة. وقالت إن هذه الانتخابات لاغية وكأنها لم تكن، ولكن القضاء أبطل مفعول قرارها هذا، فاحترمت باندا قرار القضاء وأقرت بفوز منافسها الذي دعت الشعب لمساندته والصلاة من أجل نجاح مهمته، وتلك هي الديمقراطية لعمري، فهل من مدرك من زعمائنا الكرام، وذاك هو احترام المؤسسات واستقلال القضاء كما ينبغي!
أما الصورة القاتمة، فهي استمرار العادة الأسوأ لدى الزعماء الأفارقة، وهي التشبث بالسلطة حتى آخر لحظة في حياتهم عبر التعديلات المتكررة للدستاتير التي فصلت على مقاس طموحاتهم في البقاء السرمدي في السلطة، وبينما كانت الصورة المشرقة في مالاوي تملأ فضاءات الميديا الدولية يوم السبت من خلال مراسم تنصيب الرئيس الجديد بحضور الرئيسة السابقة، كانت صورة أخرى شائهة تبث من استاد في واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، حيث احتشد عشرات الآلاف رفضاً لاستفتاء سيلغي تقييد فترات الرئاسة بفترتين، ما يسمح لرئيس البلاد بالترشح لولاية جديدة العام القادم، وقال زعيم المعارضة، زيفيرين ديابري، أمام الحشد “لا نريد تفويضاً رئاسياً غير محدود، لأن بوركينا فاسو ليست مملكة يظل فيها الحاكم في السلطة حتى وفاته، بل إنها جمهورية يتغير فيها الرجال، وتبقى المؤسسات”.
ويخشى البوركينييون من تواطؤ دولي مع الرئيس كومباوري الذي يحكم البلاد منذ أن قاد انقلاباً في العام 1987، فهو يعرف على أنه رجل الغرب القوي في غرب أفريقيا، وهو حليف مقرب من فرنسا والولايات المتحدة في حربهما على الإسلاميين المرتبطين بـ (القاعدة) في منطقة الساحل والصحراء.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي