منى سلمان

فاروظة وناس ما محظوظة

[JUSTIFY]
فاروظة وناس ما محظوظة

لم تدخل الاحجار الكريمة يوما في ثقافة زينة النساء السودانيات، فالاصفر الرنان ومشغولاته من غوايش وختم وحلقان، لم يترك مجالا لغيره من الغالي والنفيس ليجد لنفسه موقعا في الافئدة والوجدان .. حتى العاملين على تدبيج النسوان لم يكن للكثيرين منهم باع او معرفة تجعلهم يفرقون بين الياقوت والمرجان ولمعة ضهر ابو الجعران ..
مصطفى كان احد الذين لا يعلمون ولا يأبهون، فبعد ان تخرج من الجامعة وبدلا من مباراة المساطب والجلوس تحت ظلال النيم وجنب سيد الدكان، قرر ان يشغل نفسه بتجارة الشنطة بين الخليج والسودان، وفي احدى سفراته التقى هناك باحد المهتمين بتجارة الاحجار الكريمة، فحدثه الرجل عن الكنوز المطمورة تحت تراب السودان، وحكى له عن الاجانب الذين يدخلون بلادنا تحت ستار السياحة لـ يخمو ويصرو ثم يغادرون دون ان ينتبه لهم احد، ثم اهداه كتاب يرصد انواع الاحجار الكريمة وكيفية تميزها واماكن احتمال وجودها ..
بعد عودته لم يفكر مصطفى في ركوب صعاب التعدين والتنقيب بين الجبال والوديان، بل قرر لحصافته ان يؤمم صوب سوق الصاغة بام درمان، وذلك لانه كان يعلم انهم يتعاملون مع الاحجار كريمها وذليلها على انها مجرد (فواريظ) زينة فلا يضعونها في الحسبان ولا ينصبون لها ميزان ..
حمل كتابه وتوجه لأول دكان وطلب من صاحبه ان يمده ببعض الفواريظ لمعاينتها، ولدهشته اخرج له الرجل قفة مليئة بالاحجار اشكال والوان وسمح له في غاية الاريحية ان (ينقي) منها ما يريد، فـ جلس الى الارض واختار منها حوالي العشرين حجرا مستعينا بهدي صور وتوجيهات الكتاب، ثم سأل صاحب المحل عن سعرها ولكن الرجل بكل كرم عرض عليه ان يأخذها بالمجان وقد كان ..
في اول سفرية له للخارج حمل الفواريظ القديمة وعرضها على احد الخبراء في معرض مشهور للمجوهرات، فعرض عليه الرجل ان يأخذها منه كلها ويعطيه مقابلها الف دولار، ولكن شيئا من (الحسكنة) جعلته يتراجع وغادر المحل على وعد بأن يشاور نفسه ويعود، ولكنه ذهب لمحل آخر فعرضو عليه ان يأخذوها منه بـ خمسة الاف، فقرر ان (يتقل) ويعود بكنزه الثمين دون بيعه بعد ان طمع في ان يجمع المزيد الحجارة ويسافر بها الى بلد آخر علم ان تجارة الاحجار الكريمة فيه تجارة رائجة ومربحة ..
عند عودته (لبد) بالموضوع فلم يصرح لـ انس أو جان عما كان، ووضع كنزه الثمين داخل كيس وقام بقفله في دولاب ملابسه الفي الديوان ..
الغريبة ولسوء الحظ ان مصطفى قرر ان يؤجل رحلته ويسافر لحضور زواج احد اصدقائه خارج العاصمة، وبعد ان قضى اسبوعا مبهجا في ضيفة وقرعة نضيفة يرتع في كرم اهل القرى والفرقان، عاد لبيته ودخل لتغير ملابسه، ولكنه فوجئ باختفاء الدولاب من الديوان .. نادى امه مزعورا ملهوفا وسألها:
يمه دولابي الكان في الديوان وديتيهو وين وغيرتو شكل المكان ؟
فاجابته بقلة اهتمام ان اخواته قررن انه ليس من اللايق وضع دواليب الهدوم في مكان جلوس الضيفان، فقامن بتفريغ ما فيه ونقلنه الى غرفة أخرى ..
اسرع ليتفقد كيس احجاره ولكن لم يجد له اثرا، فسأل اهل البيت عنه واحدا واحدا دون ان يجد من يدله على مصيره، الى ان مرت من امامه شقيقته الصغيرة وعندما سألها منه في قنعان افادته بكل براءة:
ايووو .. الكيس الفيهو حصحاص ملون .. كنا بنلعب بيهو يوم داك في الشارع وجدعناهم جنب الدكان !!

[/JUSTIFY]

منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]

‫2 تعليقات

  1. قصة شيقة يا أستاذة منى … لكن أخشى أن مصطفى قرر الجلوس في المساطب ومتابعة المباريات بعد تلك الحادثة …