استخدموه يرحمكم الله
سلاح المقاطعة والتضييق الاقتصادي هو الأمضى والأكثر فتكا في ساحة الدبلوماسية الدولية. من النماذج الطازجة الهرولة الدبلوماسية الهولندية نحو المملكة العربية السعودية لتجنب سيف العقوبات الاقتصادية الذي شهرته المملكة منذ أساءت النائب اليمني المتشدد في البرلمان الهولندي فيلدرز للإسلام وللمملكة بسبب ملصقات تحمل شعارات مناهضة للإسلام على شكل علم المملكة وأثارت تصريحات فيلدرز المعادية للإسلام غضب الكثيرين الذين هدد بعضهم بقتله لدرجة أنه يعيش تحت حراسة مسلحة على مدار الساعة منذ العام 2004.
ولكن المملكة لم تلجأ إلى التهديد بالقتل بل استخدمت السلاح الأنجع، وهو إعلانها فرض عقوبات تجارية على شركات هولندية ونيتها خفض عدد تأشيرات الدخول المعطاة لرجال أعمال هولنديين، ردا على تصرفات فيلدرز اعتبرتها المهينة للإسلام، وصدر أمر ملكي سعودي يدعو الشركات السعودية إلى “عدم تمكين الشركات الهولندية من المشاركة في المشاريع المستقبلية في المملكة، سواء بشكل مباشر أو من الباطن”.
وتدرك هولندا جيدا خطورة العقوبات التجارية السعودية، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو خمسة مليارات دولار، وتعد هولندا واحدة من أكبر المستثمرين في السعودية وبلغت استثماراتها نحو أربعة في المائة تقريبا من إجمالي الاستثمار الخارجي المباشر، وبالإضافة إلى التجارة في النفط والغاز تصدِّر هولندا مجموعة متنوعة من المنتجات والتكنولوجيا في الزراعة والمعدات والقطاعات الكيماوية والبتروكيماوية إلى السعودية.
تهديد السعودية بالعقوبات التجارية والتزامها بها، أرغم هولندا على التراجع ورفض تلك التصريحات المهينة للإسلام الصادرة عن النائب المثير للجدل فيلدرز، بل إن هولندا أعلنت عزم وزير خارجيتها فرانس تيمرمانز زيارة الرياض سعياً لـ (حل سريع) للمشكلة، في حال موافقة السعوديين. وجدد موريس بورتشز السكرتير الأول للشؤون الاقتصادية والثقافية في السفارة الهولندية في الرياض في حديث لصحيفة (الاقتصادية) السعودية الصادرة أمس الثلاثاء، رفض حكومة بلاده للتصرفات (الصبيانية) التي قام بها النائب فيلدرز.
رغم أن المملكة لا تزال تتريث في الرد على قبول زيارة وزير الخارجية فرانس تيمرمانز الذي ترغب بلاده في حل سريع لهذا التوتر، ولكن الأهم هو أن المملكة استخدمت السلاح المناسب في معركتها الدبلوماسية ضد هولندا التي تبرأت من النائب المثير، ووصفت تصرفاته بالصبيانية، وهو كذلك ليس فقط في الإساءة إلى الإسلام والمملكة، ولكن في مواقفه من الهجرة والمهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي، وخيرا فعل الناخب الهولندي عندما لم يمنح حزبه حزب الحرية الهولندي المعادي للهجرة في الفوز في انتخابات هولندا الخاصة بالبرلمان الأوروبي التي جرت في الأسبوع الماضي.
وزير خارجية هولندا ينتظر على أبواب المملكة لأكثر من أسبوعين حتى يسمح له بالدخول ليعتذر، إنه سلاح الاقتصاد، فاستخدموه يرحمكم الله.
[/JUSTIFY]العالم الآن – صحيفة اليوم التالي