منى سلمان

العوض علي الله


[ALIGN=CENTER]العوض علي الله[/ALIGN] (أحضنوا الأيام) واحدة من أجمل أغاني وردة الجزائرية، فيها تتحسر على خيانة الحبيب الذي سعى لإيقاعها في حبائل حبه بشهد الكلام وسكّر الأماني، وعندما سقطت في عسل الغرام باعها بالرخيص .. تغني وردة:
م الشهد دوّقونا وبالـسكر دوّبونا .. وبعد ما حبيناهم وبعد ماهنيناهم
بالمر سقــونا وبالرخص باعونا
وبإيدينا آه إنكوينا .. لما بالحب إبتلينا .. إبتلينا وإتنسينا وإنتهينا
بس طول ماهو جاي بكره .. ربنا يعوّض علينا
يعوّض الله .. يعوّض الله .. يعوّض الله
الدنيا لسه بخيرها .. والله يعوّض الله
وقديما كانت العادة عندما يموت لاحداهن طفلا ثم تضع بعده مولودا جديدا، أن تسميه (العوض) أو (عوض الله)، وإن كانت المولودة بنتا تسميها (عوضية)، ولكن تلك العادة اختفت ولم نعد نسمع هذه التسميات بين أسماء الأطفال، بل ولم يتبقى لنا منها إلا نكتة (أهل العوض) ..
وإن ضاع من احدهم شيئا ولم يتمكن من استعادته، أو زاره (الحرامية) وقمّحوه وعدموا بيته (نفاخة النار) .. يؤآجره الناس بـ (الله يعوّض عليك) و(عوضك علي الله)، فـ عندما زار (أبو الحرمرم) ديار حاجة (أم زين) للمرة الثانية بعد بضعة أشهر من زيارته الأولى، آجرتها جاراتها بـ (عوضك عند صاحب العوض) .. أجابتهم في كرب ونكد عظيم:
هي حرامي البخت ده ما كان يستناني لمن أتعوض ملاياتي السرقن المرة الفاتت .. إلليلة نارن ما بردت !!
كذلك تسمى الغرامة (عوض)، وخير مثال لذلك عندما تستلف احداهن من رفيقتها غرض ما ويتلف أثناء وجوده في حيازتها، كأن تشحت توب جارتها الفسلة ولسوء حظها (تتشه) المكواة قبل أن تقشر به للحفلة، أو تستلف شبشب صاحبتها الكعب العالي شَدّة، فتتسبب كرعينها المفلطحات وعراض في انبراشته وتفتق جوانبه، أو أن تتسبب مشيتها المكعوجة في فقد أحد كعابه وتعود به (سكّرّج) ..
حينها سيكون عليها أن تختار بين أمرين أحلاهما مر، أما أن تعيد الغرض المعيوب لصاحبته كما هو وتعتذر عن أن ذلك حدث (غصبا عنها) وتتحمل (حنفة الوش) والغضب المكظوم الذي سيقابل به اعتذارها، أو أن تآخدها من (آصرها) وتقوم بشراء غرض جديد عوضا عن التالف وتعيده من سكات، وهنا – احتمال كبير إذا اكتشفت صاحبته أمر الاستبدال أن تعيده لها بحجة (والله نحنا ما بنقبل العوض) وتقولها في سياق يفهم منه (عشان تبقى ليك توبة .. آخر مرة تشحدي مني) !
و(العوض) لمن تتوفى عنه زوجته وتترك له صغار (لحمة حمرة)، يتم بتعويضه واحدة من شقيقاتها لتحل محل المرحومة بعد حذفها من الدنيا، وليس على زوج المتوفية أن (ينقي) أو يختار بين الشقيقات إذا كان للمرحومة أكثر من شقيقة (هو كمان عندو نفس ؟)، وإنما يرضى حامد شاكر بمن يقع عليها إختيار الإسرة لتضحي بنفسها من أجل أن لا تتولى مرا غريبة تربية صغار شقيقتها .. لم تزل ظاهرة العوض بشقيقة أو قريبة المتوفية موجودا وإن كان بصورة أقل مما كان يحدث زمان.
– خلّص (يونس) نفسه بمشقة من بين يدي شقيقه (حسن)، وحاول إجلاسه على الأرض وهو يقول:
استغفر .. استغفر يا حسن ياخ .. انت زول مؤمن الدوام لله .. إخلاص في الجنة ان شاء الله لانها ماتت في الوضوع.
تتفن (حسن) على التراب وجعر جعرة عالية وحارة، وقال بين شنهفاته المكلومة:
اععععععع الليلة يا اخلاص بعدك بسوي شنو .. آآآآ كان تسوقيني معاك !
انتهره (يونس) وهزه من كتفه بعنف:
بطل بكاء النسوان ده فضحتنا فضيحة .. أصبر شوية ياخ الرجال ما ببكوا كده !
– لكن ما قادر .. ما قادر .. آآآه يا حسن خليني أبكي بي راحتيييييييي !
وهنا اقترب منهم الحاج والد (إخلاص) وقد تحزم بعمامته في وسطه من هول المصيبة .. جلس على الأرض بجوار (حسن) و(يونس) وقال بثبات وصبر:
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه .. الفقد واحد يا حسن يا ولدي ونارك ونارنا واحدة .. لكن دايرك قدام أخوك ده، تختار أي واحدة من أخوات المرحومة التلاتة وحرم أعقد ليك عليها يوم التالتة .. إن درتا (آمنة) الكبيرة العاقلة عشان تبقى لعيالك أم .. ماعندي مانع، وإن درتا المتوسطة (نوال) وقلتا تمرقا من الشغل ما بنقول ليك لا .. يا زول إن درتا الشافعة الصغيرة (انصاف) الما تمت المدرسة دي ……….
قبل أن يكمل الحاج جملته كانت دمعة (حسن) الحارة قد طارت .. مسح (حسن) أنفه السائل بطرف جلبابه وقال بشحتفة شديدة وصوت مبحوح من كثرة الجعري:
إنصاف .. إنصاف .. داير إنصاف !!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com


تعليق واحد

  1. في البدء سلام الله عليكم نحن كا سودانيين لم نجتمع علي شي لكن الكل يجمع بروعة قلمك حفظك الله

  2. والله( شيمفل)shamefull يا حسن زي ما بيفولوا اخوانا العسكريين حيال تصرفات من نوع شر البلية ما يضحك …والله يا استاذه منى يبدو اننا معشر الرجال جلنا يحمل هذه الصفة المضحكة المبكية فاحدنا ماتت له زوجتين فلاقاه صديفه وبدلا من تعزيته ساله قائلا (انت النسوان البموتن ديل قاعد تجيبن من وين ؟؟)

  3. يا أخت مني انت من وين في السودان ؟ عشان قالو البيئة ليها تأثير علي أفكار الكاتب

  4. استاذه مني لك التحيه احييك علي كتاباتك التي تجعل كل امر جلل يهون ومثال ذلك هذا المقال الذي جعلتي القارئ يتعاطف مع سي حسن في مصيبته الخلتهو يجعر بالصوت العالي والانجدك لقيتي ليهو الحل في قالب من الكلام البطيب الخاطر زي ما طيبتي خاطر سي حسن بي انصاف ( سؤال للقراء الرجال اذا كنت في نفس الموقف اي واحده من الاخوات تختار ؟)

  5. هلا بالاستاذة منى اليوم الموضوع من دسامته ما بتوصف امانة شيخ حسن دة ما طلع ولد خلبوص بقى كدة خالى بالو من انصاف الصغيرة حاجة عجيبة نحن معشر الرجالة باين فعلا ما لينا امان برضو كدة يا حاج حسن تعملها فينا وتشنى سمعتنا فى الامم المتحدة برضو 😉 😉 😉

  6. اليوم زرت هذه الصفحة كثيرا لاقرا الموصوع والتعليقات التي ترد تباعا…
    الاستاذه منى لقد كنت رائعة جدا وانت تصفين الطريقة التى طلب فيها سي حسن انصاف فقد نقلتيننا الى المشهد وكاننا نرى سي حسن بطرف العين ونحن نضحك على لهفته ولفافته التي فاقت الحدود…. لك الله يا استاذه ودمتي في حفظه ورعايته

  7. لله درك اختي العزيزة مني سليمان وهاك دي:
    الوالده عندها قصة تقولها دايما في عدم صبر الراجل بعد موت زوجته وهو انو الواحد يكون الجنازة شايلناها وهو عينو في النسوان وبي قلبو يقول: ياربي ياتها؟……………ياربي ياتها؟!!!;)

  8. إي والله إنصاف إنصاف إنصاف….ونعم العوض يا إنصاف…صغيرونه حلاتها
    تلاعبه ويلاعبها…

    ودمتي لنا أيتها الرائعة دوماً تتحفينا بكتاباتك التي يفيح منها عبق الورد والياسمين والفل……تسلم إيديك يارب ….1

  9. اععععععع الليلة يا اخلاص بعدك بسوي شنو .. آآآآ كان تسوقيني معاك !
    غايتو مت من الضحك بالله كان بيقول كده ولما جو يصبروه طلع جاهز وخاتى عينو على اصغر واحدة كمان؟ هههههههههه

    الله يجازى محنك:D زكرتنيى قصة حكاها صاحبى قال زوجة المرحوم خالو كانت جارية ورا البوكس الشايل الجنازة حفيانة وتقول ادفنونى معاه ، نفس الزولة دى عرست ليها واحد صغير اصغر منها وبتصرف عليه ، الزمن احسن علاج للحزن

  10. الاخت مني لك كل التحية والتقدير ، والله ضحكت بصوت عالي من دقة الوصف لو مديري كان قاعد كان اترفدت بسبب مقالاتك لانني ماعندي صبر امشى البيت واقراها . عندي اقتراح حقو تتدخلى مجال الاخراج واكيد حتنجي 100%.

  11. رائعة رائعة رائعة
    قرأت القصة وكأني اشاهدها وكأنهم اناس حقيقيون اعرفهم
    هناك قصة سمعتها ولا ادري ان كانت حدثت فعلا
    زوج كزوج المرحومه بعد مضي عدة ايام من وفاتها وبدأ الحديث عن من ستكون الام البديلة لاولادة … سألوه و قال ” داير الكانت شايلة الجردل للبرود”
    يعني ما اندفنت وعنو زاقت
    رجال اخر زمن

  12. سبحان الله لهم غفور رحيم ولنا شديد العقاب
    يعنى الرجال يختاروا العروس من العزاء
    والمراة اكان عرست بعد سنة يشيلوا حسها