دراسات علمية تثبت علاقتها بالفشل الكلوي والسرطانات :النفايات الالكترونية
ما وراء تنامي اعداد مرضى السرطانات والفشل الكلوي؟ سؤال يتبادر الى الاذهان وتكاد الحيرة تنهش افكار الباحثين للسبب الحقيقي. ومن الناس من يقول بأن هذه الامراض كانت موجودة منذ عشرات السنين ولكنها كانت مجهولة بسبب تخلف ادوات التشخيص. ولكن هناك من يدحض هذا الحديث.. ويرمي بالتهم لعوامل قد يفترضونها دون الارتكاز الى بحث علمي دقيق..مثل «المعلبات التي تحتوي على مواد حافظة «مسرطنة» وذات تأثير على وظائف الكلى.. أو لمياه الشرب الملوثة ومنهم من ذهب الى «النفايات التي دفنت في عهد مايو وبالتحديد في الصحراء الغربية»..وقد بنوا هذا الافتراض بارتفاع عدد الاصابة بالسرطانات «حمانا الله واياكم».. في الولاية الشمالية ولكن ايضاً دحضت الاحصائيات الواردة من الولايات الاخرى هذا الافتراض.. وقد أدخل ظهور السرطانات وأمراض الفشل الكلوي في مناطق خالية من النفايات النووية الباحثين في حلقة مفرغة وجعلهم يبحثون عن «ابرة في كوم إبر» وليس إبرة في كوم قش لان الابرة يمكن تمييزها في كوم القش. قد تكون القراءات التي سقناها غير دقيقة أو تكون من جملة العوامل المفترضة وغير الجازمة الا اننا وضعناها تحت المجهر ليدلي المتخصصون بدلوهم ويبحثون في امرها.
———
خردة الالكترونيات
من خلال دراسات امتدت لسنوات توصل الخبير الفيزيائي م.نزار مصطفى الى حقيقة مخيفة وتكمن خطورتها في اننا نتعايش ونتعامل مع الاسباب التي تؤدي الى الاصابة بأمراض خطيرة كالتي تنتشر وتستشري وبالاخص في السودان بصورة خطيرة. ومن خلال ندوة عقدتها «منظمة تقنيات الاتصال والمعلومات العالمية»، كشف تقرير صادر من ذات المنظمة بأن «خردة الالكترونيات سبب مباشر بالاصابة بالسرطانات والفشل الكلوي، واشار المتحدثون بانهم قدموا هذا التقرير الى السلطات المعنية الا ان «تداخل المصالح» حال دون التفرس فيه، وقُذف في جوف سلة المهملات بالرغم من ان المعالجات التي جاءت في التقرير سهلة التنفيذ نظراً للامكانيات الكبيرة التي تتمتع بها الجهات العاملة في مجال «الالكترونيات» ونظراً الى «ضخامة الخطر الذي يهدد البشر والتربة» والذي كان من المفترض الاسراع في وضع معالجة عاجلة له فقط بوضع تحذير على الاجهزة الالكترونية وكيفية التخلص منها حال انتهاء فعاليتها.
بطاريات الموبايلات
ويقول نزار مصطفى الباحث في الفيزياء بان «النفايات الالكترونية التي نجدها على قارعة الطرق وفي المنازل والمخازن تمثل خطراً كبيراً على صحة الانسان والتربة لما تحتويه من مواد مشعة، واذا تم تجميعها واستخدامها يمكن ان تصنع منها قنبلة «نووية»، ويضيف بان «بطاريات» الموبايل خاصة التالفة اذا تم رميها في بقعة من الارض ومكثت فترة من «3 الى 6» اشهر يؤدي ذلك الى تلوث الارض على امتداد «5- 6» امتار لمدة «001» عام كاملة وهذا تم اثباته من خلال دراسات امتدت لسنوات.. واردف: فما بال الانسان الذي يتأثر بأقل العوامل، ويضيف بأن اجهزة الكمبيوتر الهالكة التي تتجمع في المخازن أو محلات الصيانة على الارفف تمثل خطراً بيئياً كبيراً والمسلك الخطأ الذي ينتهجه المواطنون في التعامل مع مخلفات التكنولوجيا الحديثة لا سيما في مجال الاتصالات بالقاء بقايا النفايات الالكترونية بجهل تام في المجاري ومكبات القمامة دون الانتباه الى مخاطرها على البيئة وصحة الانسان، فيما كشف خبير في مجال الالكترونيات -فضل حجب اسمه -عن توقعاته بأن النفايات الالكترونية وراء اصابة عدد مقدر من المواطنين بمنطقة بحري بالسرطانات بسبب التأثير الاشعاعي الناتج عن تراكم النفايات الالكترونية بالمنطقة، بالاضافة الى ارتفاع نسبة الرصاص في السوق العربي. وعكس ما ذهب اليه العديد من الباحثين استبعد م.عمري ابوبكر احد العاملين في مجال الحاسوب بأن كمية الاجهزة الالكترونية المستهلكة في السودان وبالاخص التالفة لا يمكنها تلويث البيئة واصابة المواطنين بالسرطانات وامراض اخرى مرتبطة بالاشعاع.
طوق النجاة
وفي وقت سابق أعلن مختصون في ورشة بالمجلس الوطني فشلهم في تحديد خارطة طريق للخروج من نفق تأثيرات النفايات الالكترونية، وتطرق عدد منهم للجهل السائد في مجال التكنولوجيا في اوساط المستهلكين، وعلق احدهم بقوله: «يبدو ان عامل اقتناء الموديل دفع المواطن السوداني باللهث وراء المزيد» وحمل مراقبون الدولة مسؤولية انتشار امراض معينة بسبب عدم ضبط استخدام تقنيات الاتصالات، بالاضافة الى عدم اهتمامها تقنين عملية التخلص من النفايات الالكترونية.
ونبه المتحدثون إلى ان الخطر الحقيقي يكمن في اجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية رغم اعتراض العديد لافتراضاتهم ، واكد المهندس نزار الرشيد مصطفى – الامين العام لمنظمة تقنيات الاتصال والمعلومات العالمية – بان التخلص غير السليم من النفايات الالكترونية وحرقها يتسبب في اضرار بيئية وصحية مثل هشاشة العظام والامراض العصبية والسرطانات والفشل الكلوي وضعف الذاكرة بجانب الشيخوخة المبكرة، ودعا الى ضرورة سن قوانين تهدف الى حماية الانسان والبيئة وحظر التخلص من النفايات الالكترونية في المناطق السكنية.
ومن جانبه وجه الخبير صديق تاور بعدم الاعتماد على موجهات اللجنة العالمية للوقاية من الاشعاع غير «المؤين» والاتجاه للاستعاضة عنها بموجهات الدول التي تعتمد التأثيرات غير الحرارية ومراعاة الآثار الصحية في موجهات الدولة القومية.
الخطر يكمن هنا
وأكد د.حسن عواد خطورة النفايات الالكترونية على صحة البشر والتربة عن طريق الانبعاثات الحرارية وامتصاص المياه الجوفية للسموم التي تصنع منها الاجهزة الالكترونية مثل الزئبق والرصاص والكلورفيلور.
وأبدى عدد من الخبراء استغرابهم من تهاون الدولة في هذا الامر الذي يكلفها الكثير جداً ودعوا الى ضرورة تكوين لجان قومية وسن التشريعات وقوانين صارمة تعمل على مراقبة الوارد من الاجهزة الـ«سكند هاند» ذات التأثير القوي على الانسان وتسببها في اصابته بأمراض تكلف الدولة ملايين الدولارات.
ويقول د.عبدالسميع الكردي بأن ما نشهده الآن من ارتفاع معدلات الامراض السرطانية وأخرى قاتلة بالتأكيد وراءها سبب ربما يكون النفايات الالكترونية، وأضاف بالرغم من وجود بعض الامراض منذ مئات السنوات الا ان تناميها بهذه الصورة تدعو الى التمعن جيداً والبحث المتواصل لتحديد عواملها، ويضيف بأنه لا يمكن ربط النفايات كلياً بالامراض المنتشرة ولكن ربما قد تكون لها اليد الطولي.
ودعا عبد السميع «الباحثين عن الثراء» حسب قوله على حساب صحة الانسان الكف عن التلاعب بأرواح الناس وتبرئة ذممهم باطلاق محاذير كما في علب السجائر.
وكما قال د.عبدالسميع فالشاهد على اعداد رواد مراكز غسيل الكلى- والواقفين في صفوف الانتظار امام غرف العلاج بالذرة يدرك جيداً بأن وراء هذه الكارثة عاملاً وفد حديثاً على البلاد، وربما قد تكون النفايات كما اكد العدد من الباحثين.
? اخيراً
الدولة بعد ان وهنت من وطأة دفع تكاليف ادوية زارعي الكلى اعلنت ايقاف زراعة الكلى الى اجل غير مسمى. بالتالي كان الاجدر ان تمنع اصابة المواطن بحمايته بقوانين صارمة تحد من تلاعب المتلاعبين بصحته من اجل الثراء ولا ندري كم سيبلغ عدد المصابين بالفشل الكلوي والسرطانات في السنوات المقبلة؟ وكيف ستجابه الدولة كل الاعداد المتوقعة بالنسبة للفشل «3%» شهرياً- والسرطانات «5.2%» حسب احصائية تقديرية.. وننبه المستخدم للاجهزة الالكترونية عدم القاء مخلفاتها في فناء الحوش أو تركها في الغرفة والقيام باحراقها فوراً في مكان بعيد.
من جهة أخرى، نلفت الانتباه الى خطورة استخدام كروت شحن الموبايل من جانب بعض النسوة في «عواسة» الكسرة، بديلاً للقرقريبة، والخطورة تكمن في ان كروت الشحن اثناء عملية صناعة الكسرة تتعرض لدرجة حرارة عالية، مما يتسبب في تحرير المواد الكيميائية الموجودة بالكروت واختلاطها بالكسرة.
نبيل صالح :الراي العام