منى سلمان
رايح ليك وش ؟
لا شيء أشد ألما على النفس وأشد خطورة في النتائج من روحان الأطفال .. اذكر عندما كنا نلعب أمام البيت في طفولتنا، أن اقتربت منّا طفلة صغيرة – أقل من ثلاثة سنوات – وكانت تبكي بكاءا مريرا وتنادى على أمها، وقد اختلطت افرازات عيونها وانفها وفمها لتشكل شلال من السوائل اللزجة على وجهها ..
تحلّقنا حولها في فضول مشوب بالحنان وسألناها (أمك وينّه؟) لكنها لم تتوقف عن البكاء المزعور .. تجمع الأطفال حولنا على شمار (الشافعة الرايحة) وجاءت بضعة من نسوة الحي المارات بالطريق وحاولن إسكاتها وسؤالها عن مكان أهلها، ولكن دون أن تجازف واحدة منهن بحملها أو إحتضانها، لأن الطفلة والتي يبدو أن روحتها طالت، قد (فعلتها) على نفسها مما زاد عدد المجتمعين حولها بتوافد الذباب وهجومه على ملابسها الداخلية المنتفخة بما تحمل ..
ظل الحال على ما هو عليه إلى أن اجتذب صوت الضجة (أمي) فمدت رأسها للشارع لتطمئن علينا، وعندما علمت بقصة الطفلة سارعت لحملها وإدخالها إلى البيت .. أجلستها على (طش) وقامت بتحميمها ولفتها بملاءة وتخيرت لها من ملابسنا (لبسة) تلائم حجمها وألبستها لها ثم وضعتها على السرير .. كل هذه الخطوات تمت تحت متابعة شمارنا التقيل، وبعد نظافة الطفلة واطعامها هدأت وبدأت في الضحك واللعب معنا حتى راودنا أمنا عليها:
عليك الله يمة خليها لينا عشان نلعب بيها !
ولكن يا لفرحتنا الما تمت، فقد حضر مجموعة من الناس مع سيدة تبكي بحرقة يسألون عن (شافعة رايحة)، فكان أن دلاهم الشفع لبيتنا وكان اللقاء بين الطفلة وأمها مؤثرا اندى عيون الجميع، خاصة بعد أن علمنا أنهم يقيمون في حي بعيد وأن الطفلة تاهت بعد أن خرجت مع اخوتها للشارع، فضلت الطريق وظلت تمشي على قدميها لساعات قبل أن تلم فيها أمي وتمسح معاناتها ودموعها ..
أسوأ إحساس يمكن أن تعيشه (أم) هو عندما يضيع منها صغيرها، وهذا ما عشته للحظات بسيطة، حين حسبت أن (الريان) قد ضاعت مني داخل مجمع تجاري في هامبورغ، فعندما إلتفت ولم أجدها .. أصابني الرعب لإدراكي بخطورة ضياع طفلة في بلد غريب اللسان والمجاهل والمظان، فصرت أجري كالمجنونة وأنادي عليها حتى سمعتها تناديني من الخلف: (أنا ياهوندي يا ماما) فساحت ركبي وإنهرت على الأرض وأنا أحتضنها وأصرخ عليها في نفس الوقت )تاني أوعك تزحي من جنبي).
تقع اللائمة دائما على الكبار عندما (يروح) الصغار ويتهموا بالتقصير في رعايتهم، خاصة إذا كان السبب في ضياع الطفل هو إهمال أمه وقلبها المقدود، فقد لفتني خبر أوردته (حكايات) ضمن القضايا القديمة عن أم نسيت طفلتها على الأرض بجوار الجزار وحملت قفتها وذهبت .. هذه الأم برأي تستحق أن يمن عليها بلقب (جوجوي قلب السخلة) والتي يقال أنها خرجت بصحبة صغيرها في مشوار وهي تمسك بيده في يدها، وكان أن نسته حيث ذهبت وعادت لبيتها وطوال الطريق تحدث قلبها:
يا ربي أنا كنتا شايلة شنو في يدي ونسيتو ؟!
وقد كانت لنا زمااان .. زمن صبانا مع نسيان العيال والعودة للبيت من دونهم حكاية طريفة، فقد جاءت لزيارتنا ابنة خالتنا الصغيرة حوالي الخمس سنوات – في صحبة أمها، فتعلقنا بها وطلبنا من أمها أن تتركها عندنا لنتونس معها لأنهم يقيموا في منطقة بعيدة والزيارات بيننا متباعدة ..
طوال فترة وجود الشافعة معنا كنا نمارس عليها تدريبات الأمومة، فقد كنا نتبارى على تحميمها حتى خافت عليها أمي من أن (تنبري) .. أما عن التسريح فحدث ولا حرج فقد قلعنا صمغة دماغها من كثرة تمليسها بالفرشاة، ولكن بما أن أمومتنا كانت أمومة مزيفة فقد كنا ننساها دائما، كما حدث عندما كنا مجتمعات في الغرفة نتكابس جميعا نحن الستة بنات – على المرايا ونتهيأ للخروج لمناسبة (سد مال) بت الجيران، بينما الصغيرة (بسمة) تداقس تحت الأرجل، ومن الاستعجال واللهوجة طفينا النور وغادرنا الغرفة وتركنا المسكينة وحدها، ولكن سرعان ما انتبهنا وعدنا إليها فوجدنا عينيها الواسعتين تبرقان في الظلام كـ الكديس، نهرناها أمامنا وانطلقنا لبيت (سد المال) ولكن عندما انفض السامر وغادرت سيرة أهل العريس عدنا للبيت .. خلعنا ملابس الخروج وتمددنا على أسرّتنا نتبادل شمارات وقطيعة السهرة، وفجأة صرخنا جميعا بصوت واحد:
بسمة !!
فقد اكتشفنا بأننا قد نسيناها في بيت العرس .. أسرعنا بالعودة إليها فوجدنا المسكينة تجلس وسط صفوف الكراسي الخالية وحيدة تتلفت، فزجرناها والأحرى أن نزجر أنفسنا:
بسمة يا غبيانة .. ما رجعتي معانا ملك؟ .. مإ شفتينا وكت مشينا البيت ؟!!
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com
أختى منى لك تحياتى
ضياع الأبناء ووقعه على النفس لا يحسه ألا من عايشه حقيقة …
كنت فى العمل أتصلت على أم أحمد وهى منهارة لتقول لى ما لاقية أحمد !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
كنا فى جدة وفى تلك الأيام كانت هنالك حادثة خطف طفل أردنى فى الحى الذى نقطن فيه وقتها كان عمر أحمد حوالى السنتين ونصف تقريباً تركت العمل وعدت مسرعاً وبدأنا ومعنا الجيران سعوديين ومصريين ويمانية وزملائى فى العمل وكل الشوارع المحيطة بحثنا فيها سألنا الأطفال فى العمارة وفى الشوارع بدون جدوى وأخيراً لم يكن أمامنا سوى بلاغ للشرطة وكانت الساعة تقترب من العاشرة قلت لأمه أرجعك البيت ومعها زوجة زميلى سودانية وأنا سأذهب للقسم .. عند باب العمارة قابلتنا جارتنا المصرية أم حمادة وسألتنا أذا وجدنا ما يفيدنا قلنا لها لم نجد شئ فحتى تخفف عنا قالت ( ياجماعة يمكن الولا دا نائم جوه وأنتو مافتشوش كويس ) ودخلنا الشقة وهى معنا وبدأت تبحث تحت الأسرة وخلف كراسى الجلوس وأخيراً دخلت الحمام لتجد السيد أحمد فى سابع نومة ……………………………
تحياتي للاستاذة والجميع
ومالكم ( تنضربو) كدة انتو كنتو ماشين سد مالكم انتو ؟؟
طبعا بسمة تكون الآن صارت( نظرة) بعد ان اصبحت انت الآن اماولكن الذي يحيريني يا استاذة منى هو انتي دفعة منو؟قبل ايام دافعت عنك باعتبارك ما دفعة جمعية الجماعة الكبار ديلك لكن اسمع حكاويك اتعجب فمقولة كوس كوس ياابليس هي قطعا حكرا على( قدماء السودانيين) من امثال شخصي الضعيف وبالمناسبة قدماء السودانيين اقدم من قدماء المصريين!! -!هذه مجرد مزحة – ولكن تهانينا على الابداع الذى لا يعرف حواجز الزمن فانت تبلين بلاء حسنا وتتجولين عبر الزمن ببراعة تحسدين عليهانقول هذا وربنا يكفيك شر عين العدو والصديق ولا نقصمن ظهرك ودمتم
وانا عندى ليك حكاية بس سيد الاسم ما يسويها سبب ويقوم ينساك فى محل.
عندما كنت اعمل فى احدى الشركات فى السودان كان لدينا زميل نسااااااااااااى خلاص، فى مرة من المرات زوجتو جاتو فى المكتب على نهاية الدوام وخلاها معانا فى المكتب لانو كان عندو شغل فى المكتب المجاور ، وعند ساعة الدوام زوجتو قالت لينا انا حامشى انتظر زوجى فى ترحيل الشركة لانه حينسانى هنا، وفعلاً لما مشت للترحيل لقت زوجها متحكر قاعد فى البص وما جايب ليها خبر
في بعض الأحيان ينسى أحدهم الأحداث بغرابة شديدة حتى يتوهك انت معه:
كنت استقل سيارة ومعي صديق لي سمسمار ويبدو ان مهنة السمسرة هذه تورث النسيان وتدخل الانسان في متاهات عجيبة فقد كنت انا اقود السيارة حيث اننا كنا نبحث عن قطعة أرض وهو يجلس في المقعد الخلفي فقد كان معنا اشخاص آخرين
وتوقفت في مكان ما في شارع الموردة لبعض الاغراض ثم استانفت السير ثم توقفنا ثانية في بانت وعندها نزل صاحبي السمساروتنحى ركنا قصيا واخرج هاتفه الجوال وهاتفني قائلا لي انه لا يستطيع ا لحضور لي لانه في طرريقه الى الصالحة مع شخص ما !!!
عقدت الدهشة لساني ولاول الامر ظننت انا ايضا بانني قد نسيت هذا السمسار وتركته في شارع الموردة مع انه كان على بعد خطوات مني ممسك بجواله وهو يتحدث معي فلم اتمالك نفسي من الضحك وان كان راودني شعور بان صديقي هذا لو استمر بهذا المنوال( فسيفط سطر) لا محالة
الروحان والتوهان كتييرررر