تقنية معلومات

الأوروبيون.. أول من يستقبل «تلفزيون الإنترنت»

أصبح تلفزيون الإنترنت من الشعبية بحيث إن بعض الإذاعات الأوروبية باتت راغبة في اعتماده في الأجهزة التي توضع في غرف الجلوس. فخلال أشهر قليلة سيكون بمقدور المشاهدين في ألمانيا الذين يمتلكون تلفزيونات مجهزة تجهيزا خاصا، مشاهدة الخدمات التلفزيونية الإنترنتية التي تبثها الإذاعات العامة، وقتما شاءوا، عبر أجهزتهم الكومبيوترية.
وتعمل هيئة البث الإذاعي البريطانية «بي بي سي»، بالتعاون مع بعض شركائها، على مشروع أكثر طموحا لجلب ما يسمى «اللحاق بالبرامج التلفزيونية الماضية»، أي السابقة، مع تشكيلة من البرامج والخدمات التفاعلية ووضعها في الأجهزة التلفزيونية، وذلك خلال العام المقبل.
ولكن لماذا يرغب المشاهدون الذين يحصلون على عشرات من قنوات البث التلفزيوني الهوائي، أو عبر الكابلات، أو الأقمار الصناعية، أو الخطوط الهاتفية، في الحصول على أسلوب آخر لمشاهدة التلفزيون؟
* تلفزيون هجين
* يبدو أن تقنيات «اللحاق بالخدمات الماضية» مثل «آي بلاير» من «بي بي سي» بريطانيا، و«هيولو» في الولايات المتحدة، قد جذب الملايين من مستخدمي الإنترنت الذين أتاح لهم تنظيم وقت مشاهدة التلفزيون خلال زحمة العمل. ولكن هذه الخدمة كانت تتوفر على الكومبيوترات فقط. وتدعى التقنية الجديدة «التلفزيون الهجين»، لكونه يستخدم البث الهوائي على الأثير، فضلا عن الوصل بالنطاقات العريضة. وهذا الأمر أكثر فعلا وتأثيرا. ويقول مناصرو هذه التقنية إنها تفتح إمكانيات جديدة كالتي توجد في هاتف «آي فون» من «آبل» التي تتيح للمطورين المستقلين إنتاج تطبيقات وفقا لمتطلبات وحاجات الزبون.. تصور مشاهدة برنامج للطهو ينتهي بصفحة من الروابط بمواقع مشابهة، أو مواقع أرشيفية على سبيل المثال، أو بمواقع على الشبكة تبيع مقومات ومكونات الأطعمة التي يتحدثون عنها في البرنامج.
ويقول غافن باترسون المدير التنفيذي لقسم المبيعات في «بريتش تيليكوم» (بي تي) التي انضمت إلى «بي بي سي» والإذاعات الأخرى مثل «آي تي في» و«فايف» في مشروع التلفزيون الهجين الذي يدعى «كانفاس» إن «الأمر هذا يحل المعضلة، وهو سيشكل اللحظة التي سيتلاقى فيها الإنترنت مع التلفزيون»، كما نقل عنه إريك بيينر في صحيفة «نيويورك تايمز».
وثمة كثير من الوسائل لمشاهدة التلفزيون على الكومبيوتر، كما أن التلفزيونات المدعومة بدائيا بالإنترنت موجودة في الأسواق منذ سنوات. لكن بشكل عام فإن مثل هذه الخيارات تتيح فقط تصفح الإنترنت بشكل منفصل، أو مشاهدة التلفزيون.
وتخشى كثير من المحطات التلفزيونية من اعتماد الإنترنت مخافة استيلاء الأخيرة على مشاهديها، وبالتالي تهديد مداخيل إعلاناتها. ولكن مع تدني عوائد الإعلانات التلفزيونية خلال فترة الركود الاقتصادي الحالية شرعت بعض الإذاعات التلفزيونية في إعادة النظر في هذا الأمر. وحتى مع التلفزيونات الأوروبية التي هي أقل اعتمادا على الإعلانات، أو في حالة «بي بي سي» التي هي متحررة منها كلية، فهي تخشى في الواقع من كيفية الحفاظ على عدد مشاهديها ومستمعيها عندما بدأت الخيارات الأخرى لوسائط الإعلام المتعددة في التغلغل والانتشار.
ويقول ريتشارد هالتون الذي يقود عمل «بي بي سي» في ما يدعى «تلفزيون بروتوكول الإنترنت» إن مشروع «كانفاس» Project Canvas هو النمو الطبيعي لـ«فريفيو» الذي هو نظام تلفزيوني رقمي عبر الأثير الذي يبث عشرات القنوات تماما مثل خدمات الكابل والأقمار الاصطناعية، ولكن مجانا من دون رسوم. وهو النظام الأساسي لعشرة ملايين إلى 25 مليون منزل بريطاني مجهز بالتلفزيون.
* مشروعات أوروبية
* في الواقع ستدعى «كانفاس» بالتقنية الهجينة نظرا لأنها ستستخدم نظام «فريفيو» لتقديم برامج مجدولة بانتظام، في حين يقدم الوصل بالنطاق العريض خدمات إنترنت ومحتويات حسب الطلب. وفي الوقت الذي قد تتطلب فيه بعض هذه البرامج دفع بعض الرسوم، فإنه لا يتوجب على أي شخص الاشتراك.
وقبل أن تقوم خدمة «كانفاس» بالحلول محل «فريفيو» فإنها ستواجه عملية تفحص وتدقيق نظامية لكون اشتراك «بي بي سي» في المشروع من شأنه أن يواجه معارضة من قبل الشبكة الإذاعية «بريتش سكاي برودكاستينغ» أكبر شركة مزودة للخدمات التلفزيونية في بريطانيا مقابل دفع الرسوم، التي ترى في الخطوة التوسعية لـ«بي بي سي» أمرا غير مستحب. وقد تقرر أن تجتمع لجنة الوصاية على «بي بي سي»، التي تشرف عليها هذا الخريف، لتقرير مستقبل «كانفاس»، وما إذا كان المشروع سيستمر.
وخلافا لخدمات «تي في» المدفوعة حاليا سيكون «مشروع «كانفاس» مفتوحا للمزودين الآخرين المنافسين الذي سيمكن لكل منهم تقديم مجموعته الخاصة من الأفلام السينمائية والأحداث الرياضية والبرامج الأخرى. وسيجري تنظيمها جميعا في دليل برنامج إلكتروني يجري التحكم فيه من بعيد من قبل جهاز واحد يمكن الوصول إليه عبر محرك بحث. ولاستخدام هذه الخدمات سيحتاج المشاهدون إلى علب جديدة التي يجري العمل على وضعها في السوق العام المقبل.
أما المشروع التلفزيوني الهجين بقيادة ألمانيا الذي حشد له الدعم من كثير من الإذاعات الفرنسية ومجموعة من الشركات التقنية، فإنه سيكون أقل طموحا يرمي فقط إلى إنتاج مواصفات تلفزيونية هجينة للمحطات الإذاعية ومنتجي البرامج التلفزيونية والأجهزة، وبذلك يمكن للمحطات هذه إنتاج وتسويق خدماتها الهجينة بنفسها.
ويقول كالاوس ميركيل مدير مشروع التلفزيون الهجين عريض النطاق، أو HbbTV في «المعهد الألماني للتقنية الإذاعية» المشارك في المشروع، إنه من السهل جلب خدمات جديدة إلى السوق، إذا لم يكن هناك «حارس مرمى». وأضاف أنه سيجري قريبا تقديم بعض التلفزيونات في ألمانيا التي ستكون قادرة على التواصل مباشرة مع الخدمات الهجينة. من جهته، يقول هالتون من «بي بي سي» إنه يأمل في أن تكون «كانفاس» قيد الاستخدام خلال الألعاب الأولمبية المقررة عام 2012 في بريطانيا، وأضاف: «لقد فتحنا هذا العالم الكبير من المحتويات والخدمات الممكنة لجعل غرفة الجلوس أكثر ديمقراطية».
المصدر :الشرق الاوسط