محمود الدنعو

المبادرة المصرية


[JUSTIFY]
المبادرة المصرية

رغم تباين الآراء حولها، شكلت المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين في قطاع غزة اختراقا دبلوماسيا كبيرا للقاهرة، فالمبادرة المصرية التي حرصت على حقن دماء الأبرياء من أطفال ونساء غزة، كانت السبيل الوحيد لكبح جماح الجنون الإسرائيلي المدمر للقطاع، وكما أن المبادرة شكلت مخرجا لحكومة نتنياهو الذي أوشك على الانسحاب مجرجرا ذيول الخيبة، بدليل أن مجلس وزرائه المصغر اجتمع على نحو عاجل صباح أمس الثلاثاء ووافق على المبادرة المصرية بينما رفضتها حركة حماس، معتبرة إياها “ركوعاً وخنوعاً”.

المبادرة المصرية التي تنص بحسب بيان الخارجية المصرية، على أن “تقوم إسرائيل بوقف جميع الأعمال العدائية على قطاع غزة براً وبحراً وجواً، مع التأكيد على عدم تنفيذ أي عمليات اجتياح بري لقطاع غزة أو استهداف المدنيين، تجد الدعم من قبل جامعة الدول العربية، فقد نص بيان اجتماع لوزراء الخارجية العرب قررت الجامعة “دعم المبادرة المصرية ودعت كافة الأطراف المعنية والإقليمية والدولية لدعمها”.

البعض رأى في القبول الإسرائيلي السريع للمبادرة والترحيب الأمريكي بها نصرا للحملة العسكرية التي قادها نتنياهو خلال الأيام الماضية لتدمير غزة، هذا قد يكون صحيحا، ولكن رفض المبادرة المصرية يعني الاستمرار في آلة الموت التي حصدت أكثر من 186 قتيلا و1400 جريح خلال الأيام الماضية.

رفض حماس للمبادرة المصرية يقابله كذلك رفض للجانب الأكثر تشددا في حكومة نتنياهو، حيث قال الموقع الإلكتروني لصحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية أمس الثلاثاء إن “وزير خارجية الاحتلال أفيغدور ليبرمان، ووزير الاقتصاد نفتالي بنيت، صوتا في اجتماع المجلس الوزاري المصغر ضد البمادرة المصرية لوقف إطلاق النار”.

إذن في الطرفين هناك من يسعى إلى استمرار القتال بينما الخاسر الوحيد هو المواطن الغزواي، وبالتالي القبول بهذه المبادرة الآن يعني حقن الدماء، ثم إن المبادرة نفسها تنص على أن وقف إطلاق النار ليس سوى بداية لمرحلة بحث الحل للأزمة، وليس هو الحل الوحيد فالقارئ لتفاصيل المبادرة المصرية يجد أنها تتحدث عن الخطوة التي تلي وقف إطلاق النار المحدد له يوم أمس الثلاثاء، حيث سيتم استقبال وفود رفيعة المستوى من الحكومة الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية في القاهرة خلال 48 ساعة من بدء تنفيذ المبادرة لاستكمال مباحثات تثبيت وقف إطلاق النار واستكمال إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، على أن تتم المباحثات مع الطرفين كل على حده.

وبالتالي، فإن المبادرة المصرية التي تحظى بدعم الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية وقبول الطرف الإسرائيلي وترحيب دولي، تحتاج إلى جهود دبلوماسية حثيثة خلال الساعات المقبلة لإقناع الفصائل الفلسطينية الأخرى بجدوى حقن الدماء أولا، ثم بحث المكاسب السياسية الأخرى.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي