منى سلمان
نعل ما أنا ؟
(البيت إن ما كان فيهو صغيرا يشفع او كبيرا يركع ما بتغشاهو الرحمة )، وقال بعض الصالحين في الأثر، اننا لا نستطيع ان نوفي والدينا حقهم مهما بالغنا في إكرامهم و العناية بهم، لأنهم ربونا ورعونا وغاية أمانيهم لنا طول العمر و النجاح و التوفيق في الحياة، فهم اخذوا بأيدينا نحو الغد الأفضل، و لكنا نرعاهم في كبرهم وغاية املنا ان نبلغهم حسن الخاتمة و نبرهم حتى الممات و شتان ما بين الغايتين .
ولقد اختفت او كادت من مجتمعنا الصورة النمطية للعجوز المخرف الذي يخصص له في البيت مكان قصي بعيد عن اعين الجيران والضيوف حيث يجلس بملابسه الباليه تفوح منه روائح تنبئ عن فقدانه للتحكم فيما يخرج من السبيلين وبما انه يعاني من حسبه الانفرادي فإنه يتصيد كل من يمر من امامه من اهل البيت مناديا :
ده منو ؟ ..تعالي يا بت ..الجاكم منو ؟.. و هاك ياولد ..تعال جيب لي الصعوط!
ولكن يهرب منه الجميع فتصيح فيهم ربة المنزل عندما تكثر مناداته :
هوي يا شفع .. طيروا شوفوا جدكم ده بينبح مالو !!
و للخرف و المخرفين نوادر وطرف يمكن ان تملأ مجلدات و لكني اكتفي في هذه المرة بمثالين لحبوبة و جد (برة الشبكة) .
يختلف و يتغير طبع الانسان بعد بلوغه ارذل العمر، فمن كان مشاكسا شرسا في عنفوانه يتحول إلى حمل وديع مسالم و(وناس) من الطراز الأول .. أما من كان هاديء الطبع قليل الكلام فتنحلج ماسورة فمه ويصيبها الإسهال في اللسان ويتحول لـ (منضمة) .. أعراضه كثرة النقة والكلام، وهذا ما كان عليه حال حاج (عبد الباقي)، فبعد أن كان يحمل طباعا تتمناها الأمهات للإبناء ويدعون لهم بها:
أريتك تبقى متل خالك .. يتمنوا حالك ويشيلوا فالك !
ولكن حاج (عبد الباقي) تحول مع مرور السنوات إلى شكلة معبّية جاهزة .. يشتبك مع ظله ويشاكلو لو لم يجد من يتشاجر معه، ذهب لزيارة ابنته فعزم عليه زوجها وأصر عليه ليتناول معهم الغداء معهم وعندما أحضرت الابنة الطعام وضعت الصينية وعادت للمطبخ لتجهز الشاي بينما جلس ابيها ليأكل مع زوجها والعيال، ولكن ما أن تفحّص الصينية حتى ثار الحاج على نسيبه:
ده أكل تأكلك ليهو المره دي يا الهوّين .. آي ما عشان مسكين بجيبو ليك جنس اللغاويس دي !!
لم يكتفي الحاج بسلخ جلد ابنته المسكينة فزاد هيجانه بتحريش نسيبه:
طلّقا عاوز بيها شنو العيفة دي ؟ .. حرم أكان تطلّقا !!
فحاج (عبد الباقي) البرة الشبكة أن من يطلق حراماته يمين وشمال لتطليقها لم تكن سوى ابنته.
أما حاجة (بتول) فقد كانت من فئة الحبوبات المخرفات (خرف أحلى من العسل) فكلامها لذيذ لا يشبع منه ولا يمل، وحركاتها المضحكة تتفوق على أبرع ممثلي الكوميديا .. كانت تخاف الموت بصورة غريبة لا تتفق مع حال غيرها من كبار السن المتصالحين مع ذواتهم في التسليم بالنهاية الحتمية لإيمانهم العميق بأن (كل أول ليهو آخر) ومافي زول بيخلد فيها، ولكن حاجة (بتول) مع خروجها برة الشبكة صار الموت هاجسها الوحيد، فكانت تتجنب الذهاب لعوادة المرضى خوفا من أن يكون (عزرائيل) في جوارهم انتظارا لإكتمال ساعة الأجل، ولم تكن تجازف البتة بالذهاب إلى بيوت البكيات فالموت فيها يتربص بـ (الـزيّها) !
عندما توفيت زوجة شقيقها التي تقيم معهم في البيت، غادرت حبوبة (بتول) الحي بأكمله حتى انتهت أيام العزاء، وكانت تقول لمن يلومها:
مش الحمد لله ربنا سترني .. دايرين عزرائيل يجي راجع يشيلني معاها زيادة خير؟!!
كانت مضّجعة ذات عصرية على عنقريبها وقد تحلق حولها أبنائها وأحفادها وفجأة سمعوا صوت (ثكلي وكواريك) اتية من بعيد .. تحرك الجميع نحو الباب لتقصي الخبر وصاحت احدى بناتها:
أجروا يا أولاد الشارع .. شوفوا المات منو !!
عندها استيقظت حاجة (بتول) من غفوتها على صوت ابنتها العالي وسؤالها عن شخصا قد مات فصاحت بزعر:
سجمي .. نعل ما أنا ؟!!
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com
الاخت مني كل يوم قصة جديد فرحة جديد متعة جديد لكل التحية علي الاسلوب الرائعة في السرد واستخدام الكلمات (لكن اغلب خرف الرجال بالعرس)
ياسلااااااااااااااااااااااام عليك يامنو
مع أني لي فترة مدبرس وقافلة معاي…. لكني ضحكت وسُررت
أضحك الله سنك وِأدام لك الفرح والسرور يارب …!
ودمتي يا ست الصحافة
الفضلى بنت الأكرمين منى وقراءهاالاماجد عاطر التحايا:
اليلة الراكوبة حقتنا برانا بمناسبة الخرف وكدة
طبعاً نحن بعد ما الواحد نيف عن الخمسين( صيفاً) – نحن طبع ما عندنا ربيع ولا يحزنون عشان نحسب بيهو والخريف بقى ذاتو مجهجه فقلنا احسن نحسب بالصيف فهو الباقي بعد الحتباس الحراري – ده طبعا غير الجمع والعطلات الرسمية –
وأذا كان الواحد حسب عمرو بالطريقة الالمانية التي اوردها دكتو زهير في مقال(0 جابر جبور من بطن امو للقبور) حيث ذكر الدكتور ان الالمان يكتبون على شاهد القبر عمر الانسان فقط حسب السنين السعيدة التي عاشها فعلا …فان بالطرقة دي ا عمري حيطلع كلو كسور وبواقي وحيكون بالسالب او (الماينص ) أو الداون زي ما بيقولو ناس الكوتشينة
ولكن حقيقة اانا ما خايف من الخرف العديل ده لان هذا قد علمنا رسولنا الكريم كيف نستعيذ منه ولكن الواحد خايف من حاجة كدة تسموها الزهايمر في الطب عندكم او الخرف المبكر ده طبعا زمن الرسول صلى الله عليه ويلم كان ما موجود
ولكن بالله عليك يا استاذه هلا تخبريننا هل يمكن تحليل هذا الزهايمر اكلينيكيا أو مخبريا ؟؟ لانو الواحد شايف نفسو راح يزهمر حيث نلاحظ الشباب خفية وهم ينادونك الجلك ولا ادري هسه يكونوا جابو ليهم كلمة جديده مما يجعلك تفف امام المرآة لتنظر وتتخيل نفسك وقد خرفت مبكرا فتتذكر قريبتك التي نادت ابنتها فاجابت الابنة بنعم فقالت لها تعم شنو يابت في بيت القش فقالت الابنة (والله امي دي خرفت عديل طدة ) فبالله عليكم هسه منو المخرف الام ولا بتها؟
وأردأ ما في الخرف هو تطفل المخرف وادعاءه الحكمة تماما كالبصيرة ام حمد
والطريف في امر البصيرة ام حمد ما لم يذكره احد في مقامة أحدالطرفاء حيث قال ان البصيرة بعد ان نصحت الناس بان يكسروا الزير بكت بكاءا مرا فقيل لها مالك تبكين ياأم حمد اجارك الله فأجابت لقد دنا أجلي وانا أخشى عليكم ماذا ستفعلون بدوني اذا ما مت !!!!وعلى ذمة الراوي ان احد الحضور وضع يده على رأسه وقال: هاك الخرف ده
ودمتم
الأستاذة مني لك مني اطيب تحية أنا من المدمنين حتى الثمالة لمقالاتك الجميلة واسلوبك الشيق بلغته البسيطة بساطة اهلنا الطيبين … الله يديك العافية وطولة العمر .. ودمتي بحفظ الله ورعايته
الرائعة منى دايما تتحفينا بحكاوي اكثر روعة وهناك دوما مساحة للفرح في كلامك الحلو وفعلا الكبير يكمل لوحة البيت السعيد بنوادر وذكريات نتداولها دوما بفرح وسرور مودتي لك يا مبدعة .
zee alaasal
هههههههههههههههههههه
ده صا رت زي قصة عشان بنوم ليكا الي جاها الشهيق على العموم والله استاذة
منى والله رائعه ومقال جميل
ابو وردشان الارتري