محمود الدنعو

منطقة صوت منخفض


[JUSTIFY]
منطقة صوت منخفض

بالأمس تحدثنا عن جرائم الحرب في غزة التي تحتاج من المجمتع الدولي تحريك مؤسساته العدلية الدولية لردع إسرائيل التي في حربها الراهنة على غزة تستهر بكل القيم الإنسانية، وعن طريق خطأ ربما كان مقصودا، شهد شاهد من إسرائيل بأنها ترتكب جرائم إبادة في غزة، عندما نشرت صحيفة (تايمز أوف إسرائيل) على موقعها الإلكتروني تقريرًا يحمل عنوان “عندما تكون حرب الإبادة جائزة”، التقرير الصادم للمجتمع الإسرائيلي بالحقائق الموجعة لم يصمد سوى ساعتين فقط، اضطرت بعدها الصحيفة لسحبه من الموقع، وليت الصحيفة اكتفت بذلك بل أصدرت بيانا وصفت فيه التقرير بأنه “يمثل خرقًا صارخًا لقواعد النشر، وإننا نعد كاتب التقرير شخصًا جاهلًا وأخرق، لم يحترم قواعد النشر في الداخل الإسرائيلي”!

التقرير لم يكشف فقط المضايقات التي يتعرض لها إعلام الحقيقة المجردة في الدولة التي تدعي بأنها واحة الديمقراطية وسط صحراء غربية قاحلة من أي ممارسة ديمقراطية وموحشة من جهة حرية الإعلام والتعبير، بل كشف التقرير حجم التضليل الذي ظلت تمارسه دولة الكيان الإسرائيلي للعالم بأن حربها في غزة هي جزء من ما يعرف بالحرب الكونية ضد الإرهاب، بل اتضح بأن الحرب في غزة هي ضد الأطفال والنساء والعزل بشكل رئيس وليس لتدمير ترسانة الأسلحة لدى فاصل المقاومة الفلسطينية بل لتدمير المستشفيات والملاجئ والمدارس، وهو مأزق وضعت فيه حكومة نتنياهو ومناصروها أمام الرأي العام العالمي الذي يشاهد ما يجري في غزة، وبالتالي فإن الأصوات المغايرة لصوت نتنياهو سترتفع بالخطأ المقصود كما هو الحال في الصحيفة الإسرائيلية أو بالقول الصريح كما هو الحال في افتتاحية صحيفة اللموند الفرنسية التي عنونتها بـ (سكان غزة أسرى حرب)، وفي السياق نفسه اعتبر فيليب هاموند وزير الخارجية البريطاني في مقابلة مع صحيفة (صاندي تلغراف)، أن الوضع في قطاع غزة أصبح “لا يطاق بالنسبة إلى المدنيين”.

إذا كان الموقف العربي بدا هذه المرة مشتتا، وإن شئت منقسما، حول غزة بسبب بظلال سياسية وحرب نفوذ إقليمي خفية، ما عطل التوصل إلى اتفاق تهدئة للحرب، فإن انضمام العرب للجهود الدولية لمحاكمة إسرائيل على جرائم الحرب يجب أن لا يتأثر بالخلافات السياسية مع أطراف الأزمة، بل يجب توحيد الجهود كافة من أجل جلب إسرائيل إلى ساحة العدالة الدولية لمحاكمتها معنويا وماديا على الجرائم التي ظلت ترتكبها في غزة وعموم الأرض الفلسطينية المحتلة دون أن تنال العقاب الذي تستحق، أليس من الغريب أن ترتفع الأصوات المطالبة بمحاكمة إسرائيل في جنوب أفريقيا وأمريكا الجنوبية وتنخفض في المنطقة العربية؟

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي