منى سلمان

الشك يا حبيبي


[ALIGN=CENTER]الشك يا حبيبي[/ALIGN] شبة أحد العالمين بشئون الحب و(خباراتو) الغيرة بالرياح، وبلاغة تشبيهة (السموهو أهلو) جاية من أن العلاقة العاطفية والحياة الزوجية بدون غيرة، كـ (المقيل) في غرفة مسقوفة بالزنك في نهار صيف كهربتو قاطعة .. البقاء في تلك الغرفة الـ (عنبر جودة) سيكون بمثابة جحيم، بدون أن تهب عليها نسمات من الهواء العليل (تبرّد) على قاطنيها حرّاية القايلة ..
تلك النسمات هي الغيرة الخفيفة التي تشعر شريك الحياة بأنه محور الإهتمام ومحل الرعاية والعناية في فؤاد حبيب القسا شريك الأذى والأذيّة، ولكن نسمات الغيرة الخفيفة إذا ما زادت (حبتين) عن حدّها المعقول، تحولت لـ (هبوب) ستخبّط ضلف الأبواب والشبابيك وتكركب العدة، فتثير غبار الضيق في نفس الشريك وتشعره بالإنزعاج من الوجود في وسط تلك (الكركابة)، أما إذا ما فاتت الفوت وتحولت لغيرة مرضية، فإنها ستكون كإعصار (عصار) قد تقتلع رياحه الهوجاء عرش الزنك وربما هدمت الجدران وتركتهم قاعدين في الصقيعة !
والغيرة خشم بيوت، فغيرة الزوجة على زوجها تختلف إختلافا كبيرا عن غيرته (هو) عليها .. غيرة الزوجة لا تخرج في وضعها الطبيعي الشبيه بالنسمات عن إطار دوريات المراقبة شبة اللصيقة للإطمئنان على إستتباب الأمن، ومحاولات إخضاع روتين (حركات وسكنات) الزوج للمتابعة، ورصد ما يستجد عليها من الحركات المثيرة للريبة والشك، مثل إطالة مدة الوقوف أمام المرايا خاصة إذا ما صاحبت تلك الوقفة صفارة أو دندنة بأغنية عاطفية، أو مبالغة في البخبخة والعناية بتطقيم القشرة و(ماتشنتي) البنطلون مع القميص والشراب وبـ (الذات) المبالغة في تلميع الجزمة !
وتتجاوز غيرة المرأة مرحلة النسمات إلى الهبوب المزعجة، متى ما تحولت من المراقبة بالنظرات إلى اللمسات، وذلك حين تبدأ الزوجة في فرفرة دولاب الزوج، والتنقيب في جيوب جلبابه المعلق في الشماعة (دي ممكن تكون عشان خنصرة الفكة)، وتعبث أصابعها بالموبايل بحثا عن ما (تمسكل) من مكالمات و(ضهب) من رسائل، وغيرها من الحركات التي قد تضايق الزوج وتشعره بالمحاصرة إذا ما علم بها .. نقول (إذا) لأن تلك اللمسات تحدث دائما من وراء ظهره !
أما إذا ما تمكنت الغيرة المرضية من الزوجة، فإنها تتحول لإعصار من الملاحقات، بمكالمة تلفونية على رأس الساعة كلما غادر البيت:
أنت وين؟ ده صوت منو البتكلم جنبك؟ بتعمل في شنو؟
أو ملاقاته بـ (سؤال الملكين) كلما تأخر في العودة للبيت، أو بوضعه في (الكرسي الساخن) بعد عودتهم من مشوار مشترك خاصة إذا ما كان المشوار إلى حفلة أو مناسبة زواج:
كنتا بتتراشق زيادة عن اللزوم ! مالك من شفتا فلانة مسكتك أم فريحانة وقعدتا تتكشّم متل نار القصب ؟ الرشاقة والخفة دي ما قاعدين نشوفا في البيت ليه ؟
وهكذا تتحول غيرة الزوجة من مظهر من مظاهر الحب والإهتمام إلى عصار يقتلع هدوء وسكينة وأستقرار العلاقة الزوجية ويلقي بها في مهب الريح.
بالمقابل فإن غيرة الزوج على الزوجة لا تخرج عن إطار الرغبة (الشرعية والمشروعة) في حماية الزوجة من شياطين الإنس قبل الجن، والزود عن حماها من العيون الطائرة منها والطويلة، وعدم السماح بتجاوزات رفع الكلفة وجعل الحالة (واحدة) من جانب أولاد الأهل وزملاء الدراسة ثم العمل .. لأن الحالة لم تعد واحدة بل صارت إتنين وحمار عينين !!
وإذا ما زادت الغيرة عن حدها تحولت لإعصار هوس، يتحول الزوج معه لـ (أب تكّو) يحكم على زوجته بأبدية العيش بين جدران العشة، ولكن كل الخطورة تكون عندما يختلط الأمر على الزوج ويعجز عن التمييز بين الشك والغيرة .. فالشك ليس بإعصار يهدد العلاقة الزوجية بل (ديناميت) ينسف استقرارها من الأساس ..
* لم يقتنع (عباس) بأن السبب في مغادرة زوجته (ثناء) لعش الزوجية عقب واحدة من نوبات غيرته الجنونية، هو ضيقها من محاصرتها الشديدة بشكوكه المرضية، ومحاسبته لها حتى على النفس الطلع ونازل، لذلك صار يمر بسيارته من أمام منزل أسرتها صباحا ويطوف به مساء، ليتابع على حركة الداخلين والخارجين منه يوميا، وعندما كلفته الشركة التي يعمل بها بشراء بعض المعدات أثناء ساعات العمل، قرر أن يعوج الدرب ليمر به من أمام بيتها، ولدهشته الشديدة وجدها تقف في الشارع (على سنجة عشرة) ومعها إحدى صاحباتها .. توقف بالعربة بعيدا وظل يراقبهما بتحفز وفجأة مرت من أمامهن حافلة هدّأ سائقها من سرعته وأشار لهن بيده ثم توقف !!
لم يدر سائق الحافلة بنفسه إلا وهو ينتزع من مقعده قبل أن يطير في الجو ويغيب عن الوعي .. وعندما استفاق من غيبوبته بالمستشفى وجد على رأسه شرطي ليحقق معه في التهمة التي وجهها إليه (عباس) بمعاكسة زوجته .. فسأل السائق (المهجوم) الشرطي:
زوجة منو العاكستها يا أخوانا .. أنا شفتا لي مرتين واقفات في الشارع للمواصلات .. هدنتا شوية عشان أشوفن ماشات وين .. قامن أشرن لي ووقفتا، بس .. ده قبال ما يشيلني عصار إبليس !!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com


تعليق واحد

  1. مقال بهذه الدقة والعبقرية في لمس أوتار الغيرة والشك والعزف على أوتارها المختلفة النغمات والأمزجة لا يعرف قيمته وقدره ولا يشعر به إلا من أكتوى بنار الغيرة والشك وعاش مرارتهما في أرض الواقع…
    هذا عن القارئ ولا أدري إن كانت الكاتبة هي الأخرى صاحبة تجربة بشكل أو بآخر في عالم الغيرة والشك أم أنها امتلكت ناصية علل النفس وهواجسها وعرفت كيف تغوص في نفوس الغيورين وأصحاب الشكوك والظنون لتخرج لنا لآليء من بحار الحب… وصهيرة وحمم غيرة النفوس وشكوكها من أعماقها!!!
    مقال جميل .. جميل … جميل … عندما قرأته شعرت كأنه لم يكتب لأحد غيري … ولا أعرف كم من القراء في مثل حالي يعنيه هذا المقال تحديداً ويلمس فيه وتراً من أوتاره العليلة… هذا المقال يلخص كل ما في نفسي كأنني كنت في عيادة طبيب نفسي .. وشرح لي حكايتي دون أن أرويها له … وأحسنت الاستماع إليه بيد أنه لم يسعفني بالدواء بقدر ما زاد دهشتي منه… فهو يشخص علتي ويتركتي بلا دواء !!!

    منى السلمان … أنتي لست مجرد كاتبة … ولكنك مدرسة في فن التحليل … وكتاباتك تبرهن على أنك عندما تكتبي لا ينحاز قلمك لما يريده الناس بقدر ما ينحاز لما تؤمني به وترينه هو الصواب الذي نهلتي منه منهلا كريما… هذا بالإضافة إلى مزجك الرائع بين الواقعية والكوميديا في بناء القصة التي إن جاز التعبير هي قصة وليست بقصة لأنها بقدر ما تحمل من سمات القصة إلا أنها قصة من صميم الواقع !!!

  2. اختي المنينه بت عشه ام الرير الغيرة شي قاتل يولد الاشياء السلبيه في كل المجالات بين افراد المجتمع مثلا بين الطلاب والموظفين و بين الحريم خصوصا دي نار مولعه .طيب يااختي المنينه يوما دخلتي علي (اخي سيد الاسم المكتب وجدتي معاهو واحد الابتسامات والضحك من الاضان الي الاضان ايـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
    العمل بس ماتقولي لي انا واثقه من ابو العيال؟سلامي

  3. عاطر التحايا والامنيات للاستاذة والجميع
    أحداث مسلسل هناء وجميل للمبدع السوري أيمن زيدان تتلخص حكايته كلها في هناء التي لا تغير ابدا وافتقد جميل هذه الصفة فيها وحاول اشعال الغيرة في قلبها بمحاولات كثيرة الى ان نجح في ذلك وليته لم يفعل فقد تحولت حياته الىا جحيم
    هذه الاحداث تعضد تحليل الاستاذة لظاهرة الغيرة في بداية المقال باعتبار ان قليلها ضروري وكثيرها مؤذي وضاربالعلاقات الزوجية
    لكن حكاية صاحبنا البتراشق وبتكشم زي نار القصب دي بالجد رائعة والتشبيه دقيق لدرجة تشكك في مرورك بالتجربةاستادتنا الكريمة في ذات يوم يكون قد تكشم فيه سيد الاسم تكشيمة جعلت عفاريتك تتنطط في رأسك !!! ودمتي

  4. الأخت / منى
    لك تحياتى
    دائماً كتاباتك تحرك فى النفس شيئاً !!!!!
    البقاء فى تلك الغرفة (( العنبر جودة )) !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
    ربما 90% ممن قراءوا الموضوع لا يعرفون شئ عن عنبر جودة وما هى قصته ….
    بينما كنت فى الصف السادس ونستعد للأمتحانات وكنا أول دفعة تدرس الأبتدائى ست سنوات ( السلم التعليمى ) طلبوا منا الخروج لأستقبال الرئيس المرحوم جعفر نميرى لأنه سيزور قبر شهداء جودة ( نعم قبر ) قبر ضم أكثر من مائتى شخص هم شهداء جودة !!!!! خطب الرئيس نميرى وأمر بتسوير القبر وقد كان والآن تهدم السور …
    يقع قبر شهداء جودة بمدينة كوستى نفس مكان القبر الآن وسط مربع 36
    كنا صغار لا نعرف كيف مات هؤلاء وبعد رجوعى جلست ألى والدى أسأله عن قصة شهداء جودة أكثر من ثلاثون عاماً مرت لكن لمسة الحزن فى وجه أبى ماثلة أمامى كأنها اللحظة ..
    حدثنى بأنهم مجموعة من المزارعين من منطقة جودة جنوب النيل الأبيض كان هنالك اتفاق بينهم وبين صاحب المشروع الزراعى بأن يأخذوا نصيبهم من الأرباح بعد تسليم محصول القطن ومرت ثلاث سنوات ولم يأخذوا أرباح أعلنوا أضراب وعدم تسليم القطن للمحالج وكان ذلك فى فبراير 1956 م أى بعد أعلان الأستقلال بقليل وجاءت قوة من الشرطة بقيادة صول يدعى السمانى وتفاوض معهم ولم يصلوا لأتفاق ساعتها أمر الصول بأطلاق النار وحدث ان أصابته هو نفسه رصاصة أودت بحياته ومعه حوالى سبعة عشر من المزارعين وجمع الباقين وكانوا أكثر من مائتين كما أسلفت وشحنوا فى تريلات ألى حامية كوستى وفى عز الصيف حشروا فى عنبر من الزنك وكان مخزن للجامكسين ( مبيد حشرات ) ومنع عنهم الماء ألى أن مات الجميع سوى خمسة فقط نجوا !!!!!!!!!!!!!!
    قال لى والدى كنت حاضر ساعة دفنهم حفروا حفرة كبيرة ورموا فيها كل الجثث وطمروهم بالتراب ………………

  5. التحية لى بت سلمان … كلما طلعت مع المدام زيارة ورجعنا البيت لازم من الكرسى
    الساخن … شايفاك تخفف فى دمك … شايفاك مع العويرة الغبية دى … والمؤسف
    ان الزيارة تخص العائلة والبنات كلهم اهل ؟؟؟ مقال جميل وواقع معاش 100%
    وربنا اديك العافية

  6. الاستاذة مني
    عليكي السلام حين تشرق الكتابة في فجر الظنون وحين يبدو الشك يحتل مواقع اليقين ولكن اذا تم الفصل مابين كلمة (الغيرة ) ومعناها الخفي وكلمة (الشك) في معناها الظاهر ستلوح اشارات عديدة يمكن ان نعتبرها هي الفيصل ونسوق الكتابة علي ارض الواقع ونقارنها بالكلمتين الكلمة الاولي دمت اجيال من الاعشاش الزوجية والكلمة الثانية من الد اعداء المراة والرجل في وقت واحد فتحليل الكلمة او تشريحها يحتاج لمقالات عديدة حتي نتقي شر هذه الكلمة الملعونة من عالم الرجال والنساء ولكي منا دوما التعمير وزيادة الادمان في تعاطي الكلمات المخدرة ومكافحة مثل هذه الكلمات

  7. والله يا منى كلامك يدق في العظم….ودا واقع معاش 100%
    والغيره هي ملح الحياة الزوجية وخسارة على زوجة ما تغير على زوجها وخسارة على الراجل الي ما يغير على زوجته….وبصراحة الحياة مسييييييييخة بدون الغيره .
    والغيره دليل على الحب ( والإنفراد بالحبيب) والراجل لما تغيير عليه زوجته بصراحة بيحس أنه لها لوحدها وهي لا تسمح لأي أخرى مشاركتها له وبيحس بي مكانته عندها….والعكس صحيح تماماً لما تكون الزوجة باردة ولا تبالي بما يفعله زوجها وهنا الزوج بيحس كأنه طوبه أو أي آلة لجلب المصاريف وتفريخ العيال…؟
    لكن الشك للطرفين من الشيطان…والشك نهايته سوداء!!

    تسلم يمينك يا ست الصحافة وشكراً على الاتحاف…وربنا يخليك يااااااااااااارب.

    تخريمه:
    فهمتي الفلم كيف يا منو أنا عايزك لما يجي سيد الإسم تقابليه بالأسئلة ( الليلة فرحان كدي مالك…قابلت منو في الشارع… أوع من بنات الجامعة وناس يا عمو قدام ديل… ليه إنت مكتر من العطر وإنت أصلاً ماشي الشغل بتتعطر ليه أصلو ماشي ليك حفله ما ماشي تشتغل وبس… بتكلم منو كنت في التلفون….الرسائل السخيفة دي منو القاعد يرسلها ليك..) وحتلقي يا منى سيد الإسم رغم تضايقة من الأسئلة لكنه حيعرف مكانته الكبيرة والمهمة بالنبسة ليك… واليوم الي تنسي فيه أو ما تستجوبيه … حيقول ياربي الليلة ماله ما سئلتني إن شاء الله خير أوووووووع يكون خلاص زهجت مني…. يووووووووووو يا بعد قلبي يا منو…!!!

    ههههههه بعرف أبري صح ؟

  8. مواضيعك أكثر من رائعة عزيزتي مني وتحليل أبو عبد الله ورفقاء الدوحة الوريفة أيضا أكثر من رائع .. انصح – ومن واقع تجربتي – الطرف الذي تقع عليه مرحلة التجاوز في الغيرة انصحه بمراجعة سلوكه مع الطرف الاخر فهو حتما ولابد من عزز الاحساس بعدم الامان لدي الطرف الاخر … مراجعة عميقة وتراجع أعمق سيحل المشكلة … صح ؟؟