تحقيقات وتقارير

اثنان واربعون ألف طفل بالسودان متاثرون بمرض الايدز

يشكل مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) مشكلة أساسية بالبلاد خاصة وأنه مرض سريع الانتشار ولا يعرف الحدود الجغرافية والسياسية والعرقية وليس له علاج حتى الآن، وغني عن القول أنه يمثل أحد الامراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي بنسبة 98% فعلى كل فرد أو جماعة أو مجتمع معرفة الجوانب المختلفة للايدز كمرض ووباء معد ٍ ، فالسودان مصنف ضمن الدول التي بها وباء عال ٍ ويأتي التصنيف عندما تكون نسبة الاصابة بالمرض وسط الحوامل 1% والنسبة في السودان أكثر من ذلك، وقد ثبت علمياً أن المرض يمكن انتقاله للأجنة بنسبة 15%.

وقد شهدت قاعة منتجع الكاسح السياحي بمدينة ودمدني جلسات وفعاليات الدورة التدريبية للكوادر الإعلامية من مختلف ولايات السودان في الفترة من 25 – 26 أكتوبر، بالتنسيق والتعاون بين وزارة الإعلام والاتصالات واليونسيف والبرنامج القومي لمكافحة الإيدز، بهدف وضع توجهات وخطط إعلامية للحد من انتشار المرض بتوسيع قاعدة المعرفة بالمرض وتمليك الحقائق للمواطن، وإزالة الوصمة الاجتماعية بدمج المتعايشين مع الفيروس في المجتمع.

شرف الجلسة الافتتاحية الأستاذ الامين الشريف الصديق الهندي وزير الاعلام والاتصالات بالولاية واكد على اهمية التدريب، مشيراً الى انه من الجوانب المفقودة كما اكد على اهمية الحوار والجدية والعلمية لمحاربة هذا الداء العضال، وأرجع مرض الإيدز والملاريا والفقر للحروب والسياسات مشيراً لمعاناة 50 مليار طفل في العالم من ويلات مرض الايدز والفقر والحروب، وثمّن دور اليونسيف ووزارة الاعلام والاتصالات لطرحها لهذا المرض خاصة وانه من القضايا غير المطروحة، وطالب الوزير باجراء البحوث المقبولة اجتماعياً لمعالجة المشكلة معولاً على دور الاجهزة الاعلامية والمساجد والمدارس والكنائس في رفع التوعية بخطورة هذا المرض. واضاف قائلا: إن المكافحة تعتمد على السلوك المجتمعي والتعامل مع الواقع بصورة علمية ومشاركة المجتمع في المكافحة، وقال إن التحدي في الحماية يأتي من فهمنا لاخلاقيات المجتمع.

فيما تحدث الأستاذ زهير الكارب ممثل وزارة الإعلام والاتصالات عن تفعيل وتنشيط دور الإعلام في التناول والطرح لقضايا مرض الايدز للتصدي له بالتوعية، خاصة وانه مرض قاتل وسريع الانتشار وليس له علاج شافي موضحاً أنه يمثل مشكلة اقتصادية واجتماعية في غاية الخطورة والتعقيد، معلناً عن تنظيم عدد من الدورات التدريبية لعدد 100 إعلامي خلال الفترة القادمة و رصد جائزة التميّز في التناول الإعلامي حول قضايا الايدز.

وقد كان النقاش جاداً لأنه وجد الجو الصحي السليم والمعافى من المحاضرين والمشاركين الذين اكدوا استعدادهم لرفع الوعي وسط مجتمعاتهم للحد من انتشار هذا المرض، الذي ارتفعت نسبة الاصابة به بمعدل كبير يعد بمعايير منظمة الصحة العالية وباء يستوجب التصدي له ومنع تمدده.

من جانبه عدد دكتور كمال حنفي مدير ادارة تعزيز الصحة بوزارة الصحة الاتحادية طرق انتقال العدوى، موضحاً ان اولى الطرق هي نقل الدم فالاتصال الجنسي ثم المشيمة والادوات الحادة كأدوات الحلاقة وغيرها، موضحاً ان اكتشاف المرض تم في العام 1981م واول حالة بالسودان في العام 1986م. وقال حنفي ان مرض الايدز مرض خاص وتكمن خصوصيته وخطورته بأنه مرض لا شفاء منه وليس له لقاح واقٍ او علاج شاف ٍ، موضحاً ان الغالبية العظمى من المصابين من الشباب متوسط اعمارهم من 15 – 39.

فترة الحضانة:

ذاكراً ان فترة الحضانة تتراوح ما بين 6 اشهر الى 15 سنة يكون خلالها الشخص حاملاً للفيروس ولم تظهر عليه اعراض المرض مما يساعد على انتشاره بصمت الى اكبر عدد ممكن، لانه يمثل وصمة عار لصاحبه في نظر المجتمع ويقود الى اليأس والاحباط واحياناً الى الحقد على المجتمع اذا لم يجد الارشاد النفسي المطلوب.

مشيراً للسرعة الكبيرة التي يتزايد بها هذا المرض متجاوزاً كل المشاكل الصحية الاخرى خاصة في افريقيا وجنوب الصحراء، مما اثر سلباً علي البنية الاجتماعية والاقتصادية موضحاً ان نسبة الاصابة العامة لاول مسح وبائي تم في العام 2002 بلغت 6.1%، بينما العدد المقدر للمصابين بفيروس الايدز من البالغين والاطفال 000.35 وعدد الوفيات جراء هذا المرض 000.25 واكثر من 60% من الأيتام.. واكثر من 97% من الاصابات في السودان عن طريق الاتصال الجنسي وان 85% من جملة الحالات تقع في الفئة العمرية الشبابية 15 – 39 وفي الحالات المبلغ عنها كانت نسبة الرجال اكثر من النساء.

واوضح دكتور حنفي ان المجموعات المتحركة «النازحين واللاجئين والسائقين ورجال الجيش والشباب عامة» أهم مجموعات انتشار المرض موضحاً أن الولايات الجنوبية، الشرقية، الخرطوم، النيل الابيض، جنوب كردفان تمثل اكثر المناطق اصابة. وابان دكتور حنفي ان نسبة انتشار المرض في بعض الفئات والاسر يعرض المجتمع للخطر، وهو نسبة 1% وسط النساء الحوامل.. وسائقي الشاحنات والمساجين 2% ، ووسط بائعات الشاي 5.2% ، والجيش 5% ، و3.2% طلاب الجامعات ، وأطفال الشوارع 3.2% .. بينما بلغت النسبة وسط بائعات الهوى 4،4% والرجال الشواذ جنسياً 3.9% واللاجئين 0.4%.

موضحاً أن المكتشف من المرض يمثل قمة جبل الجليد، وهناك موت لعدد من المصابين قبل تشخيص الحالة وعدم لجوء الكثيرين من المرضى للعلاج بالمستشفيات، لعدم توافر إمكانات الفحص والتشخيص لفيروس المرض في بعض الولايات والأماكن البعيدة، إلى جانب قلة وضعف التقارير الواردة للبرنامج إلى جانب الوصمة الاجتماعية والتميز المصاحب للمرض.

وقال إن العوامل المساعدة على انتشار المرض تتمثل في عدم الاستقرار في منطقة شرق ووسط افريقيا، والحراك السكاني الواسع للمواطنين داخل السودان بسبب الحرب والكوارث الطبيعة، إلى جانب العوامل الاقتصادية والهجرة للعمل والدراسة بالخارج والسلوك الجنسي خارج الاطار الشرعي او مع شركاء متعددين. وأشار د.حنفي لبعض المؤثرات السلوكية السلبية المتمثلة في وجود العديد من المفاهيم الخاطئة عن وسائل الانتقال والإصابة بالمرض والوصمة والتميز العالي تجاه المرضى المصابين به، إضافة للارتفاع الملحوظ في السلوكيات الجنسية المضرة والضعف وعدم الرغبة في اجراء الفحص الطوعي.

ذاكراً أن الأهداف القومية للاستراتيجية تهدف لكبح انتشار الاصابة بالمرض باستخدام استراتيجيات ملائمة بهدف خفض المعدل من 6.1% إلى اقل من 1% وتقليل الوفيات بالمرض وتحسين نوعية الحياة لمصابي الايدز، والتأكيد على التزام القادة السياسيين والاجتماعيين والممولين الدوليين لدعم برنامج المكافحة وانشاء وحدة مجهزة ومكتملة لكل ولاية.

فيما تحدث الخبير الاعلامي بروفيسور فتح الرحمن محجوب عن محور الإعلام التعليمي والتثقيفي الصحي ورفع الوعي وسط المجتمعات ومراعاة حقوق المتعايشين مع الفيروس وتصنيف الوسائل الاعلامية من حيث النفاذ والتأثير. وقد اثرت مداخلات دكتور إبراهيم الصديق الشيخ ممثل اليونسيف ودكتورة سماح عبد الغفار مسؤولة الاعلام والاتصالات والتثقيف بالبرنامج القومي لمكافحة الايدر النقاش، واوضحت دكتورة سماح ان اعراض المرض شبيهة بالأنفلونزا واحمرار لون الجلد وظهور وزيادة الغدد الليمفاوية والاسهال المستمر وغيرها. وكشفت دورة دليل التدريب عن التغطية اللاعلامية لمرض الايدز عن تأثر 42 ألف طفل بمرض الايدز في السودان وقيام 15 فرع ولائي وأبان لجمعيات دعم المتعايشين مع الفيروس ومنع انتقال المرض الرأسي من الأم للطفل بعدد 14 مركزاً.

وقد رسمت مشاركات المرضى من جمعية المتعايشين مع فيروس الايدز بولاية الجزيرة صوراً قاتمة عن الوصمة الاجتماعية التي تطاردهم من الاسر والمجتمع.

وتحدث الشاب (أ.م) بألم شديد قائلاً اصابته بالمرض قبل 5 سنوات عن طريق نقل دم بعد تعرضه لحادث حركة والآن يعيش في عزلة وعدم قبوله من اقرب الناس اليه.

ام (ع.خ) اوضحت بأنها مصابة بالمرض منذ 3 سنوات نتيجة لخلع ضرس ولم تعرف اصابتها بالمرض الا بعد وصول وزنها الى 30 كيلو رغم اجرائها للكثير من الفحوصات والتحاليل المعملية، وبعد اخذ العلاجات وصل وزنها الى 76 والآن تقوم بالارشاد النفسي ولكن تطاردها نظرة المجتمع.

ويقول (ن.أ) ان اصابته بالمرض منذ بداية التسعينيات ولم يعرف اصابته الا بعد 15 سنة موضحاً بأنه تم طرده من العمل، مشيراً لمعاناة المتعايشين مع المرض اجتماعياً واقتصادياً وتخلي بعض الاسر عن ابنائهم المعايشين، وهناك من تم عزله بغرفة لا يدخل اليه احد من افراد الاسرة، والبعض طُرد وغيرها من أنه القصص والحكاوي الأغرب من الخيال.

وأوضحت نازك مبارك حسن منسقة برنامج الإيدز بالولاية أن الجمعية التي أعيد تسجيلها في العام 2009 تضم 21 من المتعايشين مع المرض، اضافة لادخال 38 من ايتام الايدز في برنامج الكفالة مع وزارة الشؤون الاجتماعية، مشيرة لعدم توفر الاحصائيات عن عدد المصابين بالمرض.. وأكدت توافر العلاجات والفحص المجاني من قبل منظمة الصحة العالمية مشيرة لوجود 12 مركزاً للفحص الطوعي، ولكن التردد صفر في مركزين منها.

واكد المشاركون على اهمية الفحص الطوعي قبل الزواج وسن قوانين وتشريعات تساند المتعايشين مع الفيروس، وطالبوا المسؤولين بمواجهة المشكلة لمنع تمدده بعدم دفن الرؤوس في الرمال خاصة وان السودان قد تأخر في الاعلان عن المرض والتصدي له والتأكيد على العفة، وقد تم تقديم عدد من المقترحات لتفعيل واستدامة التغطية الإعلامية المتمثلة في تكوين الروابط الاعلامية وعقد لقاء سنوي لعرض وتقييم انشطة الروابط وغيرها.
حنان الطيب:اخر لحظة

تعليق واحد

  1. 😡 😡 😡 انا لله وانا اليه راجعون ,, رفع الوعي بعد ماذا؟ ووضع خطط لماذا؟ بعد ان تفشي المرض ومات الكثير وخربت الديار وهلك النسل ,,من المؤسف ان القائمين علي امرنا في هذا البلد الاصيل يتعاملون مع الامور بغباء وجهل مركبين ,كثير من الاسئلة ليس لها اجابة الا عند حدوث الكارثة , لماذا؟ وماالدور الذي قام به اولو الامر لان هذا يندرج تحت مهددات الامن القومي وليس من واجب وزارة الصحة لوحدها ؟ ثم ما الدور الذي قام به الاعلام وهو صاحب القدح المعلي في انتشار الوباء ويكفيكم شرفا علي غض الطرف عن الامر وعدم تمليك المواطن حقيقة الارقام الفعلية للمرض ,وكل صغيرة عن المرض ,فرب صغيرة اليوم يكون لها شأن غدا والتثقيف المتواصل ,لماذا تعلنون هذا الان لماذا ؟لماذا ؟ولما؟ ا بعد ان دخل المرض منازلكم وبات يهددكم وفقدتم السيطرة عليه ,فقد فات الاوان علي ذلك لان الايدز الذي كنا نسمع به من بعيد اصبح في كل مكان حولنا يحيط بنا من كل جانب ا حاطة الاسورة بالمعصم ,اللهم احفظنا