لو في الصين
دولة جنوب السودان الوليدة التي تكابد مشقة ثمانية أشهر من القتال بين أنصار الرئيس سلفاكير ونائبه السابق رياك مشار، ذلك القتال الذي رافقته أصوات دولية تتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان وصلت حد التلويح بسيف العقوبات في وجه طرفي الصراع بسبب انتهاكات الحرب والتقاعس عن إكمال العملية السلمية أو عرقلتها، وهو الوضع الذي جعل جوبا تعيش شبه عزلة دولية بعد أن كانت الدولة المدللة، وبالتالي تلجأ جوبا إلى الصديق وقت الضيق وتيمم شطر الصين البعيدة من أجل دعم دبلوماسي ومادي، تكررت زيارات كبار المسؤولين في الدولة الجديدة إلى الصين، ولكن زيارة وزير الخارجية برنابا بنجامين الأسبوع المنصرم كانت الأهم كونها شهدت تحولا في التعاطي الصيني مع أزمة جنوب السودان، فأول مرة تبدو لهجة الصين بهذه الحدة تجاه جوبا ما يعني أن وقت الدلال قد انتهى، حيث قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي لنظيره في حكومة جنوب السودان في العاصمة الصينية بكين يوم الثلاثاء إن الحوار السياسي الطريق الوحيدة أمام جنوب السودان لتحقيق المصالحة الوطنية. وأعرب وانغ عن قلقه بشأن الصراعات في جنوب السودان، وقال إن وقف إطلاق النار وإنهاء العنف شرط مسبق لتحقيق السلام والاستقرار في جنوب السودان، رغم أن بنجامين حصل على مبتغاه من هذه الزيارة، حيث أكد وانغ أن الصين تدعم بقوة جهود الوساطة من قبل الإيقاد.
وأضاف أن الصين ستواصل المساعدات في ظل تطور الوضع في البلاد، إلا أن مراقبين يؤكدون أن اللهجة تغيرت ويذهبون في تحليل أسباب هذا التحول على الأقل في اللهجة إلى التقارير الدولية التي تلمح إلى دور صيني في إشعال الحرب بجنوب السودان، حيث قالت منظمة (أبحاث النزاعات المسلحة) التي تراقب تدفق الأسلحة إن شحنات أسلحة بملايين الدولارات تدفقت على جنوب السودان منذ اندلاع الحرب الأهلية، مشيرة إلى أن دولا تلعب دورا كبيرا في عملية السلام متورطة في ذلك، ويأتي ذلك منسجما مع دعوات منظمات حقوقية من بينها منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش إلى حظر بيع الأسلحة لجنوب السودان، فيما هدد مجلس الأمن مرارا بفرض عقوبات.
الصين الموجودة في أفريقيا باستثماراتها ومشاريعها التنموية في أكثر من بلد لا تميل إلى التعاطي السياسي مع قضايا القارة، بل إن الغرب يكيل إليها الاتهام بأن صمتها انتهازية غير حميدة، ولكن وزير خارجيتها في مؤتمره الصحفي مع وزير خارجية جنوب السودان، أوضح أنه يتعين عليهم تسوية القضايا الساخنة في أفريقيا بواسطة الدول الأفريقية بطريقتها الخاصة، وهو لعمري تحول جديد في السياسة الخارجية الصينية.
[/JUSTIFY]العالم الآن – صحيفة اليوم التالي