انقلاب ليسوتو
كعادتها ظلت أفريقيا تصدر للعالم الأنباء عن المحاولات الانقلابية بعد أن ودع العالم إلى الأبد هذا الأسلوب في تداول السلطة التي لم يعد لها من طريق سوى طريق وحيد يمر عبر صناديق الاقتراع مهما اختلف الناس حول نتائجها، فهي الفيصل الوحيد الذي يجب أن يحظى باحترام الجميع، أما التداول عبر الوسائل القسرية كالانقلابات العسكرية، فتلك ممارسة عفا عليها الزمن في العالم الأول، بينما لا تزال حاضرة فى بعض البلدان الأفريقية والآسيوية، فحتى أميركا اللاتينية التي كانت حتى وقت قريب تشهد هذا النوع من التداول للسلطة اتجهت نحو الأسلوب الديمقراطي السلمي في تداول السلطة، وذلك أصلح للبلاد والعباد، وفيه حقن للدماء، ومدعاة للاستقرار السياسي المفضي بدوره إلى الاستقرارين الاقتصادي والاجتماعي وتسخير الإمكانيات كافة من أجل التنمية والنهوض.
أمس السبت كان الخبر الأكثر تداولا بين وكالات الأنباء مع تفاقم الأزمات في أوكرانيا وسوريا والعراق والصومال، كان الخبر المسيطر على طليعة الأخبار نبأ المحاولة الانقلابية في ليسوتو، تلك الدولة الأفريقية الصغيرة، التي تقول عنها الموسموعة الحرة إنها مملكة في داخل اتحاد جنوب أفريقيا، حيث تحيط بها من جميع الجهات، تبلغ مساحتها 30,355 كيلو متراً مربعاً، أرضها جبلية في مجملها، تتمتع بمناخ معتدل في المناطق المنخفضة، بارد على المرتفعات لاسيما فصل الشتاء، ليس لها على حدودها منفذ بحري أهم، معظم سكانها من الأفارقة، ويقدر عددهم في العام 2009 م بنحو 2,067,000 نسمة، وعاصمتها (ماسييرو)، وتبادلت كل من بريطانيا وجنوب أفريقيا السيطرة عليها حتى نالت استقلالها العام 1966. أهم منتجاتها المنسوجات والحرف اليدوية والقمح والذرة والسرغوم، وتربية الأبقار والماعز والأغنام، لغة سكانها (السبوتو) وهي لغة محلية، هذه إلى جانب اللغة الإنجليزية، وهي اللغة الرسمية.
أمس دوت أصوات الرصاص في عاصمة المملكة الأفريقية الجلبية الصغيرة ونقل عن سكان ودبلوماسيين أن جنود الجيش احتلوا مباني الشرطة، وأحاطوا بمقر إقامة رئيس الوزراء في مشهد من مشاهد الانقلابات العسكرية التي عاشتها القارة الأفريقية، وكان هذا السيناريو متوقعاً في نظر الكثير من المراقبين بعد التوتر السياسي الذي نشب في البلاد منذ يونيو الماضي عندما علق رئيس الوزراء عمل البرلمان وسط نزاع في حكومة ائتلافية تشكلت قبل عامين، وكانت خطوة تعليق البرلمان من رئيس الوزراء محاولة لقطع الطريق أمام التصويت على سحب الثقة من حكومته.
طبعا في حال تأكدت الأنباء عن ما حدث من تحركات أمس هو انقلاب على السلطة، فإن جنوب أفريقيا ومجموعة دول الجنوب الأفريقي (ساداك) ستسارع إلى المطالبة باحترام الدستور، ولكن السؤال هل يكفي ذلك؟
[/JUSTIFY]العالم الآن – صحيفة اليوم التالي