محمود الدنعو

سحابة برشلونة

[JUSTIFY]
سحابة برشلونة

لا شك أن الجميع ذرفوا الدمع مدرارا عندما ظهرت نتائج الاستفتاء على استقلال جنوب السودان، فالسودانيون بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية كانوا مع استمرار الوحدة ليس لأن في الاتحاد قوة فقط ولكن الارتباط العضوى الوثيق يصعب معه الفكاك، وعندما يحدث ذلك وحتى وإن احتشدت المبررات المنطقية التي تؤيده فإن الدموع حتما تنسرب معبرة عن الحزن العميق على لحظة الانفصال، وإن ذرفت دموع الفرح على الضفة الأخرى، لكنها دموع فرح تتخللها لحظات استرجاع وحنين للماضي.

لا أدري إن كانت ذات المشاعر التي اختلجت في نفوس السودانيين في سودانهم القديم ذي المليون ميل مربع أثناء وبعد الانفصال، هي ذات المشاعر التي تنتاب الآن الأسكتلنديين والكاتلونيين وهم يتطلعون إلى تجربة جديدة، حيث يصوت الأسكتلنديون الأسبوع القادم على الانفصال عن بريطانيا العظمى، بينما لا يزال الاستفتاء على استقلال إقليم كاتلونيا عن إسبانيا المقرر في نوفمبر المقبل لم يحسم بعد، رغم أن عشرات الآلاف من الكاتلونيين احتشدوا يوم الخميس في شوارع برشلونة احتفالا باليوم الوطني في كاتلونيا، ووجد في الاحتفال بعض نجوم برشلونة أبرزهم جيرارد بيكيه مدافع الفريق الذي شارك ومعه ابنه ميلان كما جاء نجم الوسط وقائد الفريق تشافي هيرنانديز.

مشاركة نجوم برشلونة في التظاهرات المطالبة بحق التصويت على انفصال الإقليم من شأنها إضافة زخم وبريق لهذا الحدث السياسي بسبب الشعبية الجارفة التي يتمتع بها النادي الكاتلوني، الذي لم يقتصر دعمه لهذا الحدث على مشاركة بعض لاعبيه بل إن الفريق سيرتدي في مباراته اليوم السبت أمام أتلتيك بلباو على ملعبه الشهير (الكامب نو) زيا يحمل ألوان العلم الكاتلوني احتفالا بالعيد الوطني للإقليم، رغم أن إدارة النادي أكدت أن الزي هو الزي البديل للفريق وليس في الأمر إشارات سياسية ولكن طلب اللعب بالزي البديل في أرضك لا يفهم إلا في إطار الدعم السياسي من النادي الكاتلوني.

وبعكس الحكومة البريطانية التي وافقت على إجراء استفتاء حول أسكتلندا، ترفض الحكومة الإسبانية أي استفتاء في إقليم كاتلونيا حول تقرير المصير، مؤكدة أنه مخالف للدستور، بينما يرى سكان الإقليم أنهم مختلفون عن مدريد لغويا وثقافيا.

جمهور عريض في العالم يبدي مخاوف من الاستفتاء الذي ستؤثر نتائجه على مصير ناديهم المفضل برشلونة الذي ارتبط بكتالونيا، وفي حال الانفصال سيخرج عن الدوري الإسباني للدرجة الأولى (الليغا) الذي سيفقد رونقه من دون برشلونة. ولكن عددا كبيرا من عشاق البارسا يقولون كما قال الخليفة هارون رشيد يوما لسحابة عابرة لبغداد عاصمة الخلافة: “سيري حيث شئت فإن خراجك سيأتيني”!

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي