عثمان ميرغني

(إنت مش إنت.. وإنت جعان..)..!!

[JUSTIFY]
(إنت مش إنت.. وإنت جعان..)..!!

إخواننا المصريون يفوتوننا كثيراً في فن الدعاية والإعلان.. خاصة في الفضائيات والإذاعات.. أحياناً كثيرة أشعر بالإشفاق على الجهة المعلنة عندما أشاهد مقطعاً درامياً أو هكذا أراد المنتج في إحدى فضائياتنا.. وأكاد أجزم إن الإعلان يؤدي إلى نقيض ما هو مطلوب منه.. إذ يستفز المشاهد لدرجة (الغيظ)..
واحدة من أظرف اللقطات الإعلانية المصرية.. دعاية لمنتج الشيكولاتة.. يصور مشاهد لرجال ونساء يحاولون أداء بعض الأعمال لكنهم يفشلون لعدم القدرة على التركيز.. ثم فجأة يقدم لهم منتج الشركة صاحبة الإعلان.. فيتحول فجأة الرجل أو المرأة إلى وضعه الطبيعي.. فيعلق المذيع (إنت مش إنت.. وإنت جعان)..!!.
هذه العبارة الذكية تصلح لتشخيص واقعنا السياسي في السودان.. قبل يومين حضرت مجلساً لأحد الساسة المشاهير في حزب المؤتمر الوطني… النقد الذي وجهه السياسي إلى الحكومة وحزبها لا يقدر عليه عتاة المعارضة بمن فيهم حملة السلاح.. حديثه بصراحة أعجب الحضور.. فيه نقد جريء.. لكن.. وما أفجع (لواكن) هذا البلد الملكون.. على رأي الدعاية المصرية (إنت مش إنت.. وإنت طمعان) في الكرسي طبعاً.. نفس هذا الرجل سمعته بعد ذلك يتحدث في الإذاعة.. يا للهول.. رجل آخر (صنع خصيصاً لحزبه).. نثر درراً من العقد الفريد في مدح حزبه، والترافع بحرارة عنه.. صوته كان يتهدج بتأثير كبير.
الرجل حسب معلوماتي الدقيقة- ينظر بعين مفتوحة إلى المتغيرات الجديدة التي يتوقع أن تأتي بها مؤتمرات المؤتمر الوطني، والترشيحات للمناصب.. هو نفسه.. ذات الرجل الذي كان قبل أيام يكيل النقد الجارح لحزبه، نقداً أقرب إلى (الشتائم) منه إلى الاتهامات.
مثل هذا الأنموذج بكل أسف- صار هو القاعدة.. والاستثناء أن تجد بالكاد.. سياسياً قادراً على الجهر برأيه.. قدحاً أو مدحاً.. يظنون أن (الحربائية) تطيل العمر السياسي.. ولهذا بكل أسف تحول السودان إلى مزرعة كبيرة للنفاق.. بضاعة رائجة سهلة لا تتطلب أكثر من (ضمير نائم)..
افتحوا أعينكم جيداً هذه الأيام- واقرأوا التصريحات المجانية في صحف الخرطوم.. وفي أثير إذاعاتنا وفضائياتنا.. ليت المعامل تنجح في إنتاج (جهاز صور مقطعية للضمير) يظهر الحالة الحقيقية للسياسي.. عندها سيكتشف الناس هول المسافة الفاصلة بين (اللسان) و(الجنان)..
واحد من أهم أسباب فشل السودان في الانطلاق واستثمار طاقاته هو فيروس (إيبولا) النفاق، الذي ضرب كل الأرجاء.. تسمع وتقرأ التصريحات في كل الوسائط الإعلامية فلا تملك إلا أن تصفق بكل حسرة، وتقول (إنت مش إنت.. وإنت طمعان).. في الكرسي..
[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]

‫3 تعليقات

  1. ماقصرت ياود ميرغنى
    وده والله العظيم سبب عدم التفكير للعودة وانا صاحب شهادة عليا فى الهندسة من الغرب وافكر للذهاب للخليج. الوساطة والفساد والنفاق بقت صفاتهم. منكم لله طولتم غربتى واولادى من بلدى الحبيب السودان

  2. يا ربي ساستنا ديل ما بقروا صحف ولا خلاص الضرب علي الميت حرام ما شايفين نفسهم في مرءاة الصحافة معقول الي الان السيد الرئيس ما شايف الفساد العم كل شبر في البلد ولا هو زاتو الرئيس وين اليومين ديل خلاص السودان نشيل فيه الفاتحة (لك الله ياوطني لك الله)