تحقيقات وتقارير

المعارضة تحشد قواها :أم درمــان…اختبــار السيــاسة والقــانــون

تدخل المعارضة السودانية مرحلة جديدة في مواجهتها للسلطة القائمة في البلاد، وذلك بولوجها اليوم وللمرة الثانية منذ انخراطها في العملية السلمية التي عادت بموجبها للبلاد منذ العام «2005م» عبر اتفاقيات السلام المختلفة التي وقعتها مع الحكومة السودانية في فترات مختلفة، وذلك بالتظاهر سلمياً احتجاجاً على الاوضاع السياسية التي يصفونها بالمكرسة للشمولية والخانقة لمسيرة التحول الديمقراطي الذي اقرته اتفاقيات السلام المختلفة الموقعة بين كافة اطراف الصراع السوداني والحكومة.
غداً وعلى مشارف البرلمان السوداني القابع قبالة النيل عند مدخل العاصمة التاريخية ام درمان، سيتقاطر مئات من انصار المعارضة للتجمهر والتظاهر سلمياً حسبما رتبت لذلك قوى ملتقى جوبا لتقديم مذكرة لنواب المجلس الوطني والشعب السوداني -بحسب قادة المعارضة- تتعلق بالاوضاع السياسية الراهنة التي تشهدها البلاد، كما أخطرت الشرطة السودانية بتسيير الموكب حسبما اشار وزير الداخلية للقوى السياسية بناءً على توجيه السيد رئيس الجمهورية القاضي بالسماح للقوى السياسية بممارسة نشاطها فقط بموجب اخطار تقدمه لقوات الشرطة بالمنطقة التي يقام فيها النشاط.
ولكن يبدو أن تظاهرة الغد السلمية ستواجه بأكثر من إختبار في أكثر من إتجاه، فالمعارضة تقدمت بطلب للشرطة للسماح لها بتسيير المظاهرة ولم يرد حتى الآن ما يفيد بالسماح لها بذلك، وهنا تضع تظاهرة احزاب ملتقى جوبا القانون وحرية التعبير والتوجيه الرئاسي أمام امتحان جديد تبدو تجاذباته وتداعياته أكثر سخونة على الساحة السياسية، لأن التظاهرة وصفها الحزب الحاكم، «المؤتمر الوطني»، مسبقاً بأنها تهدف لعرقلة قيام الانتخابات، وانها تأتي ضمن أجندة سرية لملتقى أحزاب جوبا تهدف من خلالها القوى المعارضة لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، فإن مسألة السماح بتسيير المظاهرة ستكون مكان شد وجذب لجهة البعد السياسي الذي يمكن ان تشكله التظاهرة، وبالتالي فإن المؤتمر الوطني من خلال تصريحاته سيسعى بقدر المستطاع لمنع تسيير المظاهرة. ولكن البروفيسور صلاح الدومة استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية قال لـ»الصحافة» ان هذه التظاهرة من حيث الدواعي تستمد شرعيتها من الدستور لتبيان تظلمات محددة، وأنها اختبار للمؤتمر الوطني،هل سيلتزم بإشاعة الحرية لكي تتم ممارسة ديمقراطية سليمة أم سينكص عن عهده ويمارس القمع كما حدث في فترات سابقة؟، واضاف الدومة «اذا أخطأ المؤتمر الوطني وقام بقمع المظاهرة سيعطي المعارضة فرصة نادرة لتثبت وتبرهن للعالم الخارجي أنه ناقض للعهود ولن يسمح بالديمقراطية، واذا ترك المظاهرة بدون قمع سيفتح لنفسه باب المظاهرات التي سيستغلها المعارضون له، وهو باب لا يرغب فيه المؤتمر الوطني» وقال الدومة ان الظروف الحالية التي تتجه نحو الممارسة الديمقراطية تتيح للمعارضة حشد جماهيرها للتظاهر بعكس الفترات السابقة، لأنه اذا حدث قمع وقامت هذه الاحزاب بمقاطعة الانتخابات، فإن هذه المقاطعة ستجد تأييداً من القوى الخارجية».
ويبدو أن المحك الآخر الذي ستختبره تظاهرة احزاب المعارضة غداً هو وقوف أحزابها على مدى تجذرها وسط المواطنين واقناعهم بضرورة الخروج معها الى التظاهر وفقا لما تطرحه من برامج ورؤى سياسية في الساحة السياسية، خاصة وان هذه التظاهرة تأتي بعد أكثر من ثلاث سنوات شهدت آخر تظاهرة لأحزاب المعارضة التي كانت في مطلع أغسطس «2006م» احتجاجاً على زيادات اسعار السكر التي اقرتها الحكومة وقتها لتغطية العجز في الميزانية، حيث لم يتجاوز عدد المشاركين في تلك التظاهرة العشرات في وقت لم يظهر فيه أي من رؤوساء الاحزاب الذين أعلنوا مسبقاً قيادتهم لتلك التظاهرة، وقال مراقبون وقتها ان تلك المظاهرة أبانت الضعف الجماهيري الكبير الذي تشهده الاحزاب السياسية وبعدها عن العمل الجماهيري ما جعل الإلتفاف الجماهيري حولها والاستجابة لنداءاتها بالخروج للتظاهر ضعيفين بدرجة كبيرة، انعكست على المظاهرة، وهو ذات الأمر الذي تخشاه كثير من القيادات الحزبية والسياسية أن يتكرر غداً من ضعف للمشاركة في التظاهرة المزمع تسييرها لعدة إعتبارات تكتنف العمل الحزبي الجماهيري للقوى المعارضة في السودان. ولكن الدكتور صفوت صبحي فانوس استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم قال لـ»الصحافة» ان احزاب تحالف جوبا لديها قواعد كبيرة، ولكن الى أي مدى تحشد هذه القواعد هذا سؤال مفتوح؟، واضاف فانوس «خطورة هذه التظاهرة اذا اندست وسطها عناصر عنف، وقابلتها الشرطة بعنف مضاد فهذه يمكن ان تخلق أزمة كبيرة وتكون لها تبعات سيئة، بالتالي الجهة المنظمة لابد ان يكون لها تنسيق مع الشرطة حتى تتم السيطرة والتأمين لأن الخوف أن لا تكون التظاهرة سلمية»، وقال لا أستبعد أن تكون هناك جهات تسعى للعنف في البلد، و ان مشاركة اعداد كبيرة في التظاهرة تكون خارج السيطرة لأن ادوات التعبير السلمية تكون ضعيفة بعكس الادوات السلمية المتاحة عبر الوسائل الاخرى مثل المنابر الاعلامية، وقال فانوس ان اعلان عدم مشاركة قادة الاحزاب في التظاهرة سيضعف من المظاهرة ومؤشر بأن المظاهرة لن تكون سلمية لأن الذي يمنع قادة المعارضة من ان يكونوا في قيادة المسيرة هي المهددات الأمنية، مشيرا الى ان تحالف جوبا يرتكب خطأ كبيراً لو هدفه من المظاهرة النزول في مواجهة مسلحة مع قوات الأمن في الشارع، لأن خطورة ذلك ستنعكس على عملية التحول الديمقراطي.
وإن كانت التظاهرة الماضية التي عرفت بتظاهرة الاربعاء قبل ثلاث سنوات لم يكتب لها النجاح لعدة اعتبارات كان اكبرها ضعف مشاركة الجماهير فيها، فإن مظاهرة الغد تبدو معطيات المشاركة فيها أكبر من تظاهرة الاربعاء، فالحراك السياسي الذي تشهده الساحة السياسية يبدو في أوجه مع حراك الانتخابات الذي افرز العديد من التداعيات السياسية، كما أن هذه المظاهرة تشارك فيها الحركة الشعبية الشريك الأكبر في حكومة الوحدة الوطنية وصاحبة الرصيد الجماهيري الكبير في العاصمة الخرطوم، وقد دعت جماهيرها عبر امينها العام باقان اموم للتجمع والمشاركة في التظاهرة غداً أمام البرلمان، وكذلك اعلنت مشاركة وزرائها بالحكومة في التظاهرة، وهذا ما يعزز من ثقل التظاهرة التي يتوقع ان تشارك فيها كذلك القيادات الوسيطة للأحزاب والقوى السياسية المنضوية تحت لوائها.
وتأتي تظاهرة الغد لقوى ملتقى جوبا في جو سياسي مشحون بكثير من الخلافات والتعقيدات الداخلية التي تشهدها الساحة السياسية مع إقتراب موعد الانتخابات وتزامناً مع انتهاء عمليات التسجيل للانتخابات التي شهدت بدورها كثيراً من الشد والجذب حول عدد من الخروقات والتجاوزات التي تثيرها القوى المعارضة ضد المفوضية القومية للانتخابات، يرون أنها كانت معيبة في عملية التسجيل للانتخابات التي استمرت لـ«37» يوماً، فخلافات الشريكين مازالت تراوح مكانها وبدأت خطوات الحركة الشعبية نحو احزاب المعارضة أكثر قرباً من شريكها المؤتمر الوطني الذي يتهمها بالانقلاب على نيفاشا من خلال استضافتها لملتقى جوبا لأحزاب المعارضة.
خالد البلوله إزيرق :الصحافة

تعليق واحد

  1. غدا ستقتال المخابرات الام……يه عددا من المشاركين في الحشد وبعدها تتهم الحكومه ويفرح اوكامبو…..غدا يوم التفجير……
    اري تحت الرماد وميض نار واخشى ان يكون لها ضرام