منى سلمان

الشفّة القوّالة

[B][ALIGN=CENTER][SIZE=4][COLOR=darkblue]الشفّة القوّالة [/COLOR][/SIZE][/ALIGN][/B] في طفولتنا كانت تبدر منّا الكثير من الشلاقات الناتجة من الرعونة أو الدروشة أو الأبلسة الزايدة عن الحد، بحيث نتجاوز بها محاذير الأهل وخطوطهم الحمراء .. مثل اللعب بالماء، إتلاف الأغراض المهمة خاصة تمزيق كتب ودفاتر الأشقاء الكبار، سف السكّر وكشح نصفه على أرضية المطبخ، إختلاس كل قطع اللحم من حلة الملاح وتحويلها لطبخة (أورديحي) .. طبعا الكلمة مصرية المنشأ وتعني تسبيك حلة الخضار بدون لحم ، إصابة زجاج الفضّية أو مراية الدولاب بحجر طائش يحولها لكوم شظايا منثور، فلق ود الجيران بحجر سنين يفجّر من دماغه نافورة من الدم و..و الخ
كل تلك الشلاقات وغيرها كنّا نلبد بها ونحرص على تقطيعها داخل المصارين، إلى أن ينبري أحد القوالين خفيفي اللسان بحمل القوالة وتوصيلها للكبار، فتكون نتيجة تلك القوالة أن يستمتع الجاني برؤية نجوم الليل في عز الظهر حصريا وبالمجان !
كان بيننا شيء من العهود السلمانية بعدم الوشاية عن تلك الأخطاء التي تبدر منّا دون قصد .. تدس لي وادس ليك
وعلى مستوى علاقتنا كأخوات في البيت، قد يحدث أن يغلب أحدانا الصبر على شمار القوالة فتسارع بفتّها والفتن لأمي، ولكن سرعان ما تحصل الجانية على مؤازرة ودعم الأخريات فيسارعن بذم ناقلة القوالة ونعتها بلقب لا أدري من أين لنا به .. فقد كنا نقوم بالصفقة وزفّها بالجري خلفها ونحن نردد باللحن والتطريب:
(الرسالة .. القوالة) !!
وللحقيقة لم نكن ندري من هي (الرسالة) التي صارت مضربا للمثل في نقل القوالات ولكنا كنا نسمع المثل من نسوان الحِلّة الكبار !
يحُكي في الأثر عن بعض الحكماء أنه رأى رجلاً يُكثر الكلام ويُقل السكوت، فقال له: اوما تعلم يا هذا إن الله تعالى إنما خلق لك أذنين ولسانا واحداً ، ليكون ما تسمعه ضعف ما تتكلم به ؟!
وقيل إن أحد الصالحين قد جاءه رجل فقال له: إن فلاناً يقع منك أي يغتابك ويقول عنك كذا وكذا، فسأله العبد الصالح في سماحة:
أما وجد الشيطان أحداً يستخف به غيرك ؟ !
وكأنه كان ينبه الرجل لأن فعله هذا إنما كان بتأثير من الشيطان الذي أغواه لزرع الفتنة والشقاق بين الرجلين، وذلك بنقل الكلام السالب الذي صدر من الأول في حق الثاني.
في أمثالنا نقول (فلان قوّال الفولة ما بتتبلا في خشمو) كناية عن أن فلان هذا لا يستطيع الإحتفاظ بالسر ولو لبضع ساعات تكفي لبل الفول، علما بأن الفول يحتاج لـ (over night) كي يبتل، فعادة ما يغمر بالماء ليلا ليتم شدّه في الصباح الباكر ..
خفّة اللسان ترتبط بالقوّالة دائما بقاسم مشترك هو عدم المقدرة على حفظ الأسرار، وللاسف تلتصق صفة (القوالة) بالنساء دونا عن الرجال، فهناك نصيحة مقرضة تقول إذا اردت أن تذيع خبرا وتجعله يعم القرى والحضر في ثواني، فما عليك سوى إبلاغه لبعض الحريم ثم توصيهن بأنه سر يجب أن يضحين بارواحهن قبل التفكير في إفشائه !
كانت (الشفّة) قد إشتهرت بين المعارف والأحباب والجيران، بأنها قوالة لدرجة قف تأمل، لدرجة أنها كانت تصاب بحالة مستعصية من أم هلا هلا والقلقلة عندما تسمع خبرا ما، ولا تشعر بالراحة وبردان البطن إلا بعد أن تقوم بإذاعة الخبر على موجات الأثير الشمارية، وكانت تقيم مع ابنتها الوحيدة واسرتها بعد وفاة زوجها وتفرق أبنائها للبطش طلبا للرزق، لذلك كانت (الشفّة) تحرص كل الحرص على سلامة بيت ابنتها وتحاول ما استطاعت أن تنأى بقوالاتها عن حمى الدار التي تحميها وتأويها، إلى أن جاء يوم دخلت فيه (الشفّة) فجأة على ابنتها في غرفتها، ففوجئت برؤيتها تنكت في جزلان زوجها ثم تختلس منه بضع وريقات وتدسها في صدرها قبل أن يعود من الحمام !!
سألت (الشفّة) ابنتها في دهشة: ده شنو يا بت يا مبدولة بتسرقي من راجلك مالك؟
فأسكتتها ابنتها بإشارة حاسمة من يدها بأن:
هسسسس .. ما يسمعنا .. هو لو ما سوينا ليهو كده ما كان بنموت بالجوع .. الملاليم البرميها لي كل يوم دي قايلاها بتأكل ليها جدادة ؟!!
ظلت (الشفّة) تعاني من أم هلا هلا كلما صادفت زوج ابنتها في وجهها، فكانت تجري من أمامه وتلوذ بالصمت الحار، إلا أن فاض بها الكيل ذات صباح وهي تراقب نسيبها يرتشف قهوة الصباح مع زوجته في الراكوبة باستمتاع، فجمعت ثيابها في بقجة على عجل واندفعت إلى باب الشارع ..
اندفع النسيب يسابق الابنة ليلحق بنسيبته ويستفسرها عن اللوم الذي اتلومه معها ودفعها لمغادرة بيته، وعندما لحق بها أمام الباب صادفوا مجموعة من نسوة الحي متوجهات للسوق .. سألها الجميع:
مالك يا الشفة دايرة تهجي من الحلّة وبيت بتك ؟
فأجابت في مغسة شديدة:
خلاس كرهتا الحلّة دي بالفيها .. شابكني قوالة قوالة .. أنا كان قوالة .. أكان بتي سارقة من جزلان راجلا قبال تلاتة يوم ولليلة ما قوّلتا ليهو ؟!!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

‫5 تعليقات

  1. الأستاذة منى تزعم بأنها توثق للحكم والأمثال والحقائق من خلال كتاباتها … وعلى الرغم من حق الكاتب في الاستعانة بالخيال ليدعم نصوص القصة التي يكتبها إلا أن ذلك لا يليق إذا كان الهدف من الكتابة هو التوثيق .. فلا مجال للخيال فيها … ومن خلال رصدي وجدت الأستاذة منى تتناقض في توثيقها للأحداث التي مرت بها في مقالين منفصلين لم تفصل بينهما عدة أيام حيث يتضح التناقض في مقالها ((( خاف الله يا خال ))) والذي ذكرت فيه أحوال (((الحرامية))) في زمن طفولتها حيث قالت: (((( في طفولتنا كان الحرامية يجعلون من سكان الثورات (حيطتم القصيرة) )))

    ثم تأتي في مقال آخر بعنوان (((المدرسة فتحت .. فا تا حت ))) لتقول أو لتوثق كما تزعم وتتحدث عن الحرامية بشكل آخر في طفولتها أيضاً في النص التالي المقتبس من مقالها حيث تقول : ((( فقد كان أحد أولاد الجيران يقوم بلبس هدوم المدرسة ليلا ويضع حذائه الجديد تحت السرير ليقوم بـ (حشر) قدميه فيه صباحا ويبادر بالإنطلاق !! غايتو الحمد لله الما كان في حرامي بجي طايف بالحلة ليلة (وقفة المدرسة) أكان خلى خشومنا ملح ملح )))

    للكاتبة حق الاستعانة بالخيال… لكن ليس تحت اسم التوثيق … إلا إذا أرادت الكاتبة التوثيق لهواجس الطفولة وخوفها من (الحرامي) !!

  2. هههههههههههها حاشاك يا الشفة من القوالة وكمان وصل بيك الحال تقولى بطريقة ان دايركت فى بتك قايتو الشفة لما تمرق بنيتها حا تاخد توبيخ عالمى من الزوج دة على اقل تقدير وامكن معاه جلدة على الطاير كدة وكان زوجها احمق وبفتش ليه فى حيلة بفك حبله منها وبرمى ليها اليمين – ربنا اقويك ويعطيك العافية اختنا المنينة ام الرير دائما تتحفينا بقصص الحياة اللذيذة والشمارات العجيبة حياك الله وابقاكبس بينى وبينك الشفة دى لاقية ليها فراغ كتير عشان تمارس فيه هواية القوالة وما دام زوجها متوفى احسن حاجة بنتها تشوف ليها عريس كارب يشغلها ويخليها ما عندها وقت للشمارات والقوالة 😉 😉 😉

  3. لا أعرف ما السر والدفاع الذي حدا بالاستاذة منى إلى لصق صفة (القوالة) بالنساء دون الرجال مع أن الواقع يثبت أن الرجال والنساء يشتركان مناصفة في تلك الصفة البغيضة . . . اللهم إلا إذا الكاتبة ترى في كتاباتها ومقالاتها التي تكتبها شيء من (القوالة) باعتبارها أول من يتلقف الشمار والأخبار ويسارع في نشره … وها هي منى تبدأ بأول شمارات حياتها منذ الطفولة وشقاوتها … طبعا دا شمار قديم شديد وخممممر وما قدرت عليهم لمن طفح اليوم علينا :lool: :lool: :lool:

  4. عاطر التحايا والامنيات للاستاذة والمعلقين
    خفة الدم هبة الهية من حاز عليها حاز خيرا كثيرا وربنا يحفظك بت سلمان .
    نقل الناس الى الوطن بالطريقة الممتعة هذه يبقى هو الزاد لنا في بلاد الغربة للتواصل مع الوطن والذي هو دائما في حدقات العيون.
    الاخ عبدالله علق على موضوع انفراد النساء بمسالة القوالات هذه واحتج نصرة لنون النسوةوما ادري السبب الذي حعلك تتهجمين على النساء دون الرجال بعد حملة الجندرية يتاعة الاسبوع الماضي _اتصالحتو مع سيد الاسم ولا شنو ؟؟ –انا امزح طبعا –واذا كان المزاح ثقيلا نسحبه ونعتذر …
    نعود لموضوع الشمارات قالو-وقالوا دي في حد ذاتهااول كلمة في قصة القوالة المهم قالوا ان مجموعة من الرجال -ليس من بينهم امراة- كانوا في الخلاءفاكلوا لحم قرد لسبب ما لا ادري ما هو
    وعندما حضروا الى الحلة كان احدهم شماراتي من النوع ابو كديس لم يستطيع ان يكتم الخبر وحين قدم لهم الماء اخذ الشماراتي يعب الماء عبا ثم بعد ان انزل الاناء من فمه والتقط انفاسه قال (والله الشغل الملان صوف ده وقدومو رقيّق بشرّب الزول موية جنس شراب!!)
    حدجه الباقون بنظرة حادة فيها الكثير من التهديد والوعيد بان لا يفشي السر ..فنظر اليهم قائلا (هسه انا قلت قرد!!!)
    تحياتي للجميع ودمتم

  5. الاخ ابوعبدالله اسلوبك فى التعليق على الموضوع يفتقر للذوق ويحمل فى طياته شى من التجريح ليتك لم تعلق فقد اصابتنى حروفك بنوع من التغزز