محمود الدنعو

الصعود إلى الشجرة


[JUSTIFY]
الصعود إلى الشجرة

تسعى مجموعة دول الإيقاد التي تتوسط في الصراع بين الفرقاء في جنوب السودان جاهدة لإبقاء الأطراف على طاولة التفاوض حتى لو استمروا لعام آخر، من أجل تفادي فشل مشروع التسوية الذي تقدمه المجموعة، وبالتالي ظلت خلال الأسبوع المنصرم في مشاورات بين وفدي الحكومة والمعارضة إلى بحر دار الإثيوبية، وبين ما باتوا يعرفون في وسائل الإعلام بأصحاب المصلحة، وهم خليط من أحزاب سياسية وسياسيين، أبرزهم باقان أموم ولام أكول ومنظمات مجمتع مدني ورجال دين تحلقوا حول طاولة المفاوضات، وإن لم يجلسوا عليها رسميا، ونجحت جهود الإيقاد في الحصول على إجماع الأطراف على اعتماد الوثيقة التي أعدتها الأيقاد ورفضتها المعارضة عندما دعيت للتوقيع عليها أمام قادة دول المجموعة في أغسطس الماضي، والوثيقة محل الخلاف تتحدث عن الحكومة القومية الانتقالية وممن تتشكل، ولكن الإيقاد التي هللت لحصولها على موافقة الأطراف لاعتماد الوثيقة أساس للتفاوض الذي انطلق رسميا يوم الإثنين في جولة سادسة من المفاوضات منذ اندلاع الصراع نهاية العام الماضي لم توضح الإيقاد ما إذا كانت الوثيقة الجديدة تتضمن تعديلات جوهرية خصوصا على البنود التي اعترضت عليها المعارضة، خصوصا منصب رئيس الوزراء المقترح من المعارضة والمشروط بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية لمن يشغل هذا المنصب.

إذن انطلقت المفاوضات بالتوازي مع المعارك التي تدور بين الأطراف المتحاورة في ولاية أعالي النيل، والإيقاد حرصا منها على إنجاح التفاوض أوصت المتفاوضين بضرورة الكف عن المماطلة فيما يتعلق بالمسائل الإجرائية، وقال كبير وسطاء الإيقاد الإثيوبي سيوم مسفن إنه ليس بإمكان أي طرف الفوز في ساحة القتال.

مسفن حتى يوصل رسالة الإيقاد إلى أطراف القتال الذين حازوا على غضب المجمتع الدولي من الدائرة العبثية التي يدورون فيها منذ نحو عام دون أن يلتزموا بأي اتفاق لوقف إطلاق النار حتى يتسنى للدول الإقليم والمجمتع الدولي إنجاز مشروع التسوية السلمية للأزمة الذي اقترحته الإيقاد، لجأ مسفن إلى التعبير البلاغي والمجازي المبين لإيصال الرسالة عندما قال من يرغب في اصطياد سمكة لا يصعد لها أعلى الشجرة، وإذا كنتم ملتزمين بالسلام، فلن تجدوه من خلال فوهات البنادق، ولكن حول هذه الطاولة.

كلام مسفن يبدو معبرا عن حال فرقاء جنوب السودان الذين صعدوا أعلى الشجرة ليس من أجل صيد سمكة هم يدركون أنها تسبح في النيل، بل إن الجميع يصعد أعالي الأشجار ليتلقى الإشارات القادمة من خلف الأشجار بأن لا تتوقف الحرب، فهل تستطيع الإيقاد أن ترغمهم على النزول من الأشجار أم تترك الحريق حتى يقضي على الغابة؟

[/JUSTIFY] محمود الدنعو
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي