تحقيقات وتقارير

مشاهدات- الشرطة والمعارضة اللعب على طريقة هلال مريخ

بدت مدينة امدرمان امس اشبه بالثكنات العسكرية وهو ما اشار له التجمع الضخم لمنسوبي الشرطة والذين سدوا كل الطرقات المؤدية للبرلمان في مواجهة منسوبي المعارضة والذين اعلنوا بدورهم في مساء الليلة السابقة انهم سيعيدون كرة الإثنين الماضي، وسيخرجون للشوارع لتسليم مذكرتهم للبرلمان بغرض اجازة القوانين التي تمكن من مسألة التحول الديمقراطي، الشارع نفسه بدا مقسوماً ما بين (الوعد والوعيد) وعد المعارضة بالخروج قوبل بوعيد الشرطة بعدم السماح بتهديد الامن والسلامة العامة. لتأتي المواجهة الثانية ما بين الشرطة والمظاهرين في شارع الموردة.. اصوات المتظاهرين واعلامهم وهتافاتهم سرعان ما فرقتها رياح البمبان المصوبة من قبل الشرطة. زحمة في الشوارع واغلاق للجسور ودهشة ارتسمت على محيا الناس في ذلك اليوم «الصحافة» كانت في قلب الحدث وها هي تنقل تفاصيله.
1- الشرطة في كل مكان
رتل من السيارات احتشدت به مدينة ام درمان حيث بدا رجال الشرطة بازيائهم المميزة في كل مكان من تقاطعات المدينة خصوصاً في شارع الاربعين معيدين للاذهان (احداث خليل) وبدا رجال الشرطة متحضرين لكل الاحتمالات وقد تسلحوا بالخراطيم والبمبان وكانت هنالك بعض السيارات المزودة باسلحة ثقيلة (ارتداء رجال الشرطة لازياء البرد كانت تؤكد على انهم جاءوا باكراً لاحتلال مقاعدهم».
(منسوبو المعارضة تحفز حذر)
بدأت تحركات منسوبي المعارضة في ازقة المدينة في طريقهم للوصول لمكان التجمع حذره نتاج للحشد الكبير لرجال الشرطة في كل الاماكن في هذا الصباح كما ان الامر بدا مختلفاً عن الاثنين الفائت حيث غابت الهتافات والاعلام واصبح الشغل الشاغل هو السعي للوصول لاماكن التجمعات والتي كانت مجهولة لدى الكثيرين برز ذلك من خلال المكالمات التي كان يجريها الجمع والتي استمعت «الصحافة» لاحداها من ذلك الشاب قائلاً: «يا أخ انا في بانت مافي طريقة اصل للبرلمان انتو وين» ومن ثم اغلق هاتفه سريعاً ليسلك احد الشوارع الجانبية للانضمام لبقية الرفاق).
«البرلمان طريق الأشواك»
بدأ البرلمان أمس أشبه بالجزيرة المعزولة عن المدينة وأصبح لا يمكن الوصول إليه حالياً بسبب الترتيبات الامنية الكبيرة التي كانت حوله حيث فرضت الشرطة سياجاً أمنياً محكماً حول باحته من الكبرى» وعند تقاطع بانت – فضلاً عن المنطقة الواقعة امام قصر الشباب والاطفال – حيث اغلق الشارع المؤدي للموردة مما ولد زحمة في حركة السير في تلك المنطقة ولم يقف الامر عند اغلاق الطريق أمام السيارات فحتى المارة كان محرماً عليهم السير في هذا الطريق واصطف عدد من الافراد التابعون للجهات الامنية يرتدون ازياء مدنية مانعين المواطنين من الولوج بهذا الطريق وسط انفعالاتهم ومن خلال كلمة واحدة« قلنا ليكم الطريق ده ممنوع».
«أزمة مواصلات»
عندما تتصارع الافيال تموت الحشائش – تحت أقدامها – كان هذا هو لسان الحال لكل المواطنين صباح امس وهم في طريقهم لاعمالهم وباحساسهم والذين بدوا مندهشين مما يحدث وتساؤلاتهم عن ما يحدث لا تنتهي.
حوار تلقائي بدأه أحد الشيوخ متسائلاً «انتو الحاصل شنو يا جماعة الخير» احد الشباب تطوع بالاجابة «ناس المعارضة طالعين الشارع ومعاهم ناس الحركة» فرد الشيخ «انت الناس ديل امبارح مش قالوا اتفقوا» خلاص مضيفاً نحنا ذنبنا شنو. يتصالحوا نتعب ويتشاكلوا مانلقى مواصلات» ازمة المواصلات كانت تعبراً عن ازمة شعب يظل بعيداً عن اهتمامات صراعات القوى السياسية، وتأتي قضاياه في قاع الاجندة».
أعلام الهلال والمريخ كانت هناك
هكذا قدر للاثنين في السودان ان يكون يوماً مختلفاً ومرتبطاً بالصراع فمنذ احداث وفاة قرنق بدأت تلك العلاقة وتكررت في الاثنين الماضي حينما خرجت المعارضة واعادت الكرة امس. إلا ان صراعاً آخر تشهده البلاد في استاد الخرطوم ما بين الهلال والمريخ بجانب اعلام الأمة والاتحادي والحركة كانت هنالك اعلام الهلال والمريخ، الصراع حول الجلوس على كرسي حكومة السودان نهاراً وصراع آخر حول كأس السودان فمن يكسب الرهان.
غياب قادة الحركة.
اثار غياب قادة الحركة عن المسيرة التساؤلات خصوصا ان قوى جوبا، تعتبر الحركة من الاجسام الاساسية فيه كما ان مظاهرة الاثنين كانت قد قادتها الحركة وكان فرسانها باقان اموم وياسر عرمان الا ان مشاركة الحركة في مسيرة الامس ظهرت في كوادر الصف الثاني حيث جاء وليد حامد وعدد من الشباب والطلاب كما ان الاعداد الهائلة من اعلام الحركة في المظاهرة السابقة اختفت امس وفيما يبدو ان اتفاق الشريكين امس القى بظلاله على الحدث ورغم ان اجتماع قوى جوبا في دار حزب الامة امس الاول والذي حضره باقان اموم وياسر عرمان الذي اعتذر للحاق بالندوة في جامعة الخرطوم، والذي اكد فيه باقان على وقوف الحركة مع قوى جوبا في كل خياراتها بما فيها خيار الشارع (اذا ما اتفقوا على ذلك)، الا ان باقان لم يشكل حضوراً في الندوة او حتى في الشارع وقد برر ذلك بأن قوات الشرطة المحاصرة للمكان حالت بينه والوصول ، مستنكرا في الوقت نفسه سلوك الشرطة في التعامل مع المظاهرة والتي وصفها بانها خرجت لتأييد اتفاق الشريكين.
شرطة المرور المساواة أمام القانون:
عبء آخر يضاف لاعباء شرطة المرور والتي بدأ رجالها يحاولون جاهدين تسهيل انسياب حركة المرور خصوصا بعد اغلاق الشوارع وتحويل بعض الطرق لمسارات الاتجاه الواحد خصوصا الشارع المار امام البرلمان حيث وجدت عربات خط الشهداء والثورات معاناة شديدة في الوصول لمحطاتها النهائية وزاد الضغط على شارع الاربعين الذي حولت له كل المسارات، وبدا التذمر واضحا على اصحاب العربات الخاصة والذين حاولوا جاهدين استقلال الطريق الا ان الشرطة منعتهم ، الصحافة شاهدت احد منسوبي الشرطة برتبة عميد.
بمبان في سماء أمدرمان
منسوبو المعارضة والذين اعجزتهم الحيلة في الوصول نحو البرلمان او حتى دار حزب الامة اجتمعوا داخل دار حركة جيش تحرير السودان بالموردة وذلك من اجل ترتيب اوضاعهم ومن ثم الخروج للشارع ومواصلة المسيرة نحو البرلمان، لم يكن حال الوصول لدار مناوي اسهل من الوصول للبرلمان فقد سدت الشرطة كل الطرق المؤدية لهناك الا ان الكثيرين استطاعوا التسلل من الطرق الخلفية واحتشد قادة المعارضة هنالك وتداولوا الحديث مع الجماهير معلنين خروجهم للشارع وسط هتافات الحاضرين للعدالة والحرية والوحدة، بمختلف توجهاتهم السياسية والحزبية يتم الاتفاق علي الخروج للشارع. وامام المقر بدا توافد قوات الشرطة بآلياتها سريعا والتي اصطدمت بالمتظاهرين مستخدمة الهراوات والغاز المسيل للدموع في مواجهة المتظاهرين واعتقلت عددا من قادة المعارضة ليتراجع الحشد لداخل الدار مرة اخرى وفرضت الشرطة حظرا عليهم داخل الدار.
المظاهرات الراية تحملها الحركات:
مشاهد مظاهرة الاثنين ما تزال ماثلة حيث كانت الملاحظة الابرز هي قياد الحركة الشعبية لذلك التجمع لقوى جوبا، الا ان تداعيات ما حدث امس والاتفاق الذي تم ما بين شريكي الحكم جعل الراية تنتقل لحركة جيش تحرير السودان بقيادة مناوي كما لاحظت الصحافة الوجود المكثف لمنسوبي الحركة داخل الدار او حتى على مستوى الشارع، والذي حاول استقلال الطريق بعربته الخاصة الا ان رجل الشرطة اعتذر له ليجد نفسه مجبرا على تحويل مساره.
صحفيون رهن الاعتقال:
بعد ان تم تفريق المظاهرة من قبل الشرطة وجد المتظاهرون أنفسهم مجبرين للعودة لداخل فناء دار حركة تحرير وجيش السودان ومن بين الذين عادوا صحفيون كانوا يقومون بتغطية المسيرة وفي ظل فرض الشرطة لطوق امني حول المكان حيث لم يستطع الكثيرون مغادرة المكان لمدة ساعتين من الزمن الا بعد انفراج الموقف وخرجوا من الدار.
فئات متعددة شاركت:
من الملاحظات الواضحة في مسيرة امس مشاركة عدد كبير من فئات المجتمع بالرغم من الاختلاف حيث كانت هنالك حركة (قرفنا)، وهي حركة شبابية تسعر للتغيير حسب وجهة نظر منسوبيها من الشباب الذين التقتهم الصحافة بالاضافة لنساء منقبات كن يحملن الرايات ،يهتفن بالتغيير المنشود بالاضافة لمنسوبي الاحزاب السياسية الذين تشاركوا هتافات التمجيد لاحزابهم بصورة جماعية».
النهاية:
انتهت مسيرة امس الاثنين مثل سابقتها بعد مواجهتها من قبل الشرطة وسقوط بعض المصابين نتيجة للبمبان والهراوات، فهل تعود المعارضة لاعادة الكرة مرة أخرى ام ان التحولات السياسية ستفرز واقعاً جديداً.
الزين عثمان :الصحافة