المبادرة التنزانية
حرصت منظمة الإيقاد التي ترعى مفاوضات السلام بين فرقاء جنوب السودان على التأكيد على أن اللقاء، الذي من المفترض أن يكون قد جمع أمس الإثنين بين الفرقاء في دار السلام التنزانية، ليس بديلاً عن وساطة الإيقاد، كما أن دار السلام رغم التفاؤل باسمها، فهي ليست بديلاً عن بحر دار الإثيوبية التي تنتظر وفود التفاوض في السادس عشر من الشهر الجاري لاستئناف المفاوضات من حيث عقبة تفاصيل النظام السياسي الذي سيحكم الفترة الانتقالية في جنوب السودان، الإيقاد حرصت على التأكيد على أن لقاء دار السلام يأتي تنفيذا لمبادرة من القيادة التنزانية من أجل تجسير الهوة بين مواقف الجهات المتنازعة في الجنوب، والواقع أن الإيقاد لم تكن بحاجة إلى كل هذه التوضيحات والحرص على أن ليست المفاوضات ولا مقرها بديلاً لما هو جار في إثيوبيا تحت وساطة ورعاية الإيقاد، لكنها وجدت نفسها في موقف المدافع بعد أن راجت تقارير إعلامية عن طلب رسمي تقدمت به حكومة جنوب السودان إلى نقل مقر المفاوضات إلى كينيا واستبدال كبير الوسطاء، وهو وزير الخارجية الإثيوبي السابق السفير سيوم مسفن بالجنرال الكيني لازاراس سمبيويو المبعوث الكيني للإيقاد والوسيط السابق في مفاوضات سلام السودان التي انتهت إلى توقيع اتفاق السلام الشامل في العام 2005 بين حكومة السودان والحركة الشعبية، ونص الاتفاق على التصويت على استفتاء انفصال الجنوب الذي صار دولة مستقلة في يوليو من العام 2011م.
المبادرة التنزانية لتوحيد صفوف الحركة الشعبية الحزب الحاكم في جنوب السودان سبقتها مبادرات إثيوبية وجنوب أفريقية لرأب الصدع داخل الحركة، ولكنها فشلت في إعادة الأوضاع في الجنوب إلى طبيعتها قبيل اندلاع الصراع السياسي بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار الذي سرعان ما تحول إلى صراع قبلي، ولكن المبادرة التنزانية تحظى بقبول جميع الأطراف، فتنزانيا من دول الإقليم القلائل التي لم تتورط في الصراع الجنوبي الجنوبي، وتنطلق المبادرة التنزانية من ضرورة علاج جذور الأزمة، باعتبار أن قضية الإصلاح داخل الحركة الشعبية هي الشرارة التي أشعلت الحرب الراهنة، وتسعى المبادرة التنزانية إلى جمع ممثلين من الحكومة موالين لسلفاكير ومن المعارضة المسلحة الموالين لمشار ومن مجموعة المعتلقين السابقين بزعامة باقان أموم الأمين العام السابق للحركة.
ويبدو أن تنزانيا أعدت لهذه المبادرة جيدا وسعت لإنجاحها، بدليل أن مصادر تحدثت عن إمكانية استضافة دار السلام في العشرين من الشهر الجاري لقاءً ثلاثياً يجمع سلفاكير ومشار وباقان، وهو في حدوثه سيعطي المفاوضات زخماً مطلوباً للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب التي لا تزال متواصلة.
[/JUSTIFY] محمود الدنعوالعالم الآن – صحيفة اليوم التالي