محمود الدنعو

إنتاج قياسي للأفيون


[JUSTIFY]
إنتاج قياسي للأفيون

أبحث عن عدم الاستقرار السياسي في أي بلد كي تتعرف لماذا شعبه فقير جائع أو خائف غير مستقر، وابحث عن أي بلد يعيش في رفاهية وطمأنينة، ويتطلع شعبه إلى مستقبل زاهر بعد حاضر آمن، تجد أنه يتمتع بحالة من الاستقرار السياسي، دونكم ما يحدث في البلدان العربية التي مرت بتجربة ثورات الربيع العربي التي كان حصادها مع الأسف عدم الاستقرار السياسي الذي خلف تداعيات جاءت بنتائج عكس التوقعات وعكس أهداف الثورات نفسها التي قامت بها شعوب عانت من الاضطهاد السياسي.

حتى بعد أداء أشرف غني القسم رئيسا لأفغانستان خلفا لحامد كرازي في أول للسلطة من نوعه في البلاد لا تزال أفغانستان بلد غير مستقر أمنيا وسياسيا، ويذهب المراقبون في البحث عن جذور الأزمة والتدخلات الدولية والتعقيدات المحلية، ولكن لا أحد يشير إلى أن جهات أخرى تستفيد من حالة عدم الاستقرار الراهنة في أفغانستان لتزدهر مع الأسف زراعة الحشيش، حيث بلغ إنتاج الأفيون في أفغانستان السنة الماضية مستوى قياسياً رغم صرف الولايات المتحدة سبعة مليارات دولار لإتلاف هذه الزراعة التي تؤمن 80% من إنتاج الأفيون في العالم. وحذر المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان جون سوبكو في تقرير من “تهريب المخدرات الذي يؤثر على القطاع المالي الإفغاني ويقوض شرعية الدولة الأفغانية من خلال تشجيع الفساد”. وأضاف أن “المزارعين الأفغان زرعوا الأفيون على مساحة 209 آلاف هكتار في 2013 أي أعلى من المستوى القياسي في 2007 المقدر بـ 193 ألف هكتار”. وتابع “قد يكون هذا الرقم ازداد في 2014 نظراً إلى تدهور الأمن في عدة مناطق ريفية أفغانية والعدد المحدود من حقول الأفيون التي أتلفت”.

وقال سبوكو في التقرير الذي رفع إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الدفاع تشاك هيغل “شهدت ولايات لم يزرع فيها الأفيون قبلا زيادة في الإنتاج”. وتساءل سبوكو في تقريره عن (فعالية واستمرارية) السياسة الأميركية على الأجل الطويل في حين خلف الرئيس الأفغاني الجديد أشرف غني حميد كرزاي.

إذن عدم الاستقرار السياسي والأمني يدفع الناس إلى الفقر المدقع الذي يسلمهم بدوره إلى مزارع الحشيش في دوامة من الحلقات المفضية إلى إهدار حياة وكرامة الإنسان تبدأ من عدم الاستقرار السياسي، وتنتهي بإنتاج الأفيون وأحيانا تعاطيه أملا في نسيان هذه الصورة الكئيبة للحياة في أفغانستان وانسداد أفق الحلول في ظل تباعد وتصارع الأطراف السياسية في أفغانستان مع قرب انسحاب القوات الأجنبية التي قد تعود ثانية في حال فشل القوات الأفغانية في ملء الفراغ الأمني.

[/JUSTIFY] محمود الدنعو
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي