محمود الدنعو

العين والخطوط الحمراء


[JUSTIFY]
العين والخطوط الحمراء

فشل العرب مجتمعون في إظهار (العين الحمراء) ضد إسرائيل على مدى الخمسين عاما الماضية، فمضت في مشاريع احتلالها لفلسطين من خلال إنشاء المزيد من المستوطنات، ومن خلال تهويد القدس والمسجد الأقصى الذي يشهد مواجهات واقتحامات ومنع للمصلين بشكل يومي، فشل العرب في إظهار العين الحمراء، وبالتالي صارت إسرائيل تمارس لعبتها المفضلة بتدمير قطاع غزة مرة واثنتين أو ثلاثاً حسب المزاج، ثم يجتمع العرب ويتبرعون بأموال إعادة إعمار غزة، وقبل أن تكتمل إعادة الإعمار تطلق إسرائيل حملة إعادة الدمار، فمتى ستكتمل إعادة الإعمار إذا أنت تبني وغيرك يهدم؟ هذا فضلا عن الآلاف الشهداء الذين مع الأسف لا نملك إعادة إعمار أرواحهم!

غابت (العين الحمراء) التي كان صدام حسين ينوي إظهارها قبل أن تقضي عليه الولايات المتحدة ذات غزو أرعن قاده بوش، فدمر العراق بذات الطريقة التي تدمر بها إسرائيل غزة، بل الأخطر أن الاحتلال الأمريكي للعراق دمر الأرض والإنسان وخلف صراعا دمويا سرمديا بين السنة والشيعة، يمتد كسحابة دخان سوداء من صنعاء إلى بغداد!

غابت (العين الحمراء) وحضرت (عين العرب) أو كوباني التي تجسد صعود تنظيم الدولة الإسلامية داعش في المشهد العربي لتستكمل حلقة الدمار.

غابت (العين الحمراء) وحضرت (الخطوط الحمراء) التي وضعها الاتحاد الأوروبي للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية من الأرض الفلسطينية المحتلة في إطار تحولات مهمة في الموقف الأوروبي الموحد ضد إسرائيل، وهو اختراق كبير للمواقف التقليدية الداعمة لإسرائيل على طول الاحتلال بالحق وبالباطل، رغم أن موافق الدول الأوروبية منفردة متباينة بل متناقضة أحيانا، ولكن موقف الاتحاد الأوروبي الذي يشكل إجماع 28 دولة من الاستيطان يمثل تحولا وحافزا لناضل الفلسطينيين ضد الاحتلال، فقد هدد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على إسرائيل إن هي تجاوزت خطوطاً حمراء وضعها الاتحاد ويرى أن تجاوزها يعيق قيام حل الدولتين الذي يعده الاتحاد أولوية لحل النزاع.

خطوط الاتحاد الأوروبي الحمراء التي شدد على الالتزام بها تنص على:

إلغاء البناء في مستوطنتين في القدس الشرقية، ومنع بناء وحدة جديدة في مستوطنة (جبل أبو غنيم) ووقف مشروع ترحيل 12 ألف مواطن فلسطيني من التجمعات البدوية المنتشرة في محيط مدينة القدس ومناطق أخرى في الضفة إلى التجمع السكاني، الذي تنوي سلطات الاحتلال بناءه في غور الأردن، والامتناع عن إجراء أي تغيير في الوضع القائم في المسجد الأقصى، معتبرة أن أي إجراءات تقوم بها سلطات الاحتلال تساهم في توتير الأوضاع في مدينة القدس.

بالله عليكم أليست هذه الخطوط هي العين الحمراء التي لا نجرؤ عليها؟

[/JUSTIFY] محمود الدنعو
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي