محمود الدنعو

هل سمحت كندا بذلك


[JUSTIFY]
هل سمحت كندا بذلك

تبدو تصريحات رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر بعد الهجوم على البرلمان من قبل مسلحين ومصرع أحد الجنود تصريحات واقعية عندما أقر بأن كندا ليست محصنة ضد الهجمات الإرهابية ولكن تلك الهجمات لا ترهبها.

ولكن السؤال الذي يجب طرحه ليس من الذي يقف وراء الهجمات، السؤال: كيف سمحت السلطات الأمنية بوقوع تلك الهجمات وهي التي أعلنت قبل أسبوع رفع درجات التحذير الداخلي في الدولة ضد الإرهاب من (بعيد الاحتمال) إلى (محتمل الحدوث) للمرة الأولى منذ العام 2010؟، فضلا عن القول بأن الهجوم من قبل تنظيم الدولة الإسلامية داعش وهو اشتباه يخضع لتحقق لأن التنظيم لم يعرف عنه تنفيذ عمليات خارج سوريا والعراق، رغم التهديد الذي يبدو كدعابة بأنهم سيرفعون علمهم فوق سارية قصر باكنجهام مقر ملكة بريطانيا.

هذا الهجوم لا ينبغي أن يكون في دائرة (محتمل الحدوث) التي أشارت إليها السلطات الأمنية الكندية، بل (متوقع الحدوث) بعد أن أجاز البرلمان الكندي في جلسة سبقت الهجمات بيوم واحد إرسال كندا 6 مقاتلات من طراز سي إف -18 إلى الكويت كجزء من المهمة القتالية الدولية بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.

الهجوم على البرلمان هو الثاني الذي يقع في كندا خلال أسبوع وفي مدينتين مختلفتين (أوتاوا وكيبك)، فهل عجزت السلطات الأمنية عن إفشال الهجومين قبل وقوعهما؟، أم أنها أرادت أن تسمح بذلك وهي تعلم أن الأضرار ستكون طفيفة ولكن أصداءها الإعلامية ستكون مدوية؟ وهذا يسمح للحكومة بتمرير القوانين والإجراءات التي تتعلق بالحرب على الإرهاب، لأن البرلمان الذي سيجيز هذه القوانين عاش فاصلا من الرعب، والشعب الذي انتخب البرلمان تابع مسلسل الرعب عبر القنوات التلفزيونية وجزع بأن 11 سبتمبر الكندية لا شك واقعة.

رئيس الوزراء الكندي تعهد على الفور بمنح قوات الأمن مزيدا من سلطات الاحتجاز، واتخاذ كافة الخطوات الضرورية لتحديد ومكافحة التهديدات وإبقاء كندا آمنة في الداخل على حد تعبيره، وهو ما يفهم منه المزيد من القوانين والإجراءات التي تأخذ الناس بالشبهات وتصادر حرياتهم الفردية، فمع الإقرار بأن ما قام به منفذ هجوم أوتاوا جرم يعاقب عليه القانون إلا أن الرجل ما كان له القيام بذلك لو لم تصادر السلطات جواز سفره وتحرمه من السفر بحجة أنها تشتبه في إمكانية التحاقه بتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

مصادرة الحريات الفردية في إطار الحملة على الإرهاب ستخلف ردات فعل عنيفة، وتولد المزيد من الإرهاب الذي لا دين ولا وطن له، فالجندي الذي قتل وهو واقف في وردية حراسته كان مسلما!

[/JUSTIFY] محمود الدنعو
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي