محمود الدنعو

عندما يفهم كومباري


[JUSTIFY]
عندما يفهم كومباري

التطورات المتلاحقة في بوركينا فاسو تكشف مجددا أن القادة الأفارقة الذين يبدون حرصا وتشبثا بالسلطة على نحو يجلعهم يضحون بالبلاد والعباد من الاستمرار في كرسي الحكم سوف يصبح مصيرهم في الختام التنحي القسري.

ورغم محاولات الرئيس البوركينابي بليز كومباري تجاوز الموجة الشعبية الساخطة على مسعاه لتعديل الدستور حتى يترشح لولاية رئاسية جديدة بعد أربع ولايات حسوما قضاها، لكن السخط الشعبي حاصره لدرجة أنه بات مضطربا لا يدري ماذا يفعل يعلن عن حالة الطوارئ ثم يعود ويلغي ذلك القرار، ويعيد لنا خطاب الرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي عندما قال: “لقد فهمتكم”.

أعاد الرئيس البوريكنابي ذات الشريط وهو يخاطب شعبه في لحظة ضعف بائن وخوف من مصير بن علي قائلا: “لقد سمعت الرسالة وفهمتها وأخذت الإجراء الملائم للتطلعات القوية إلى التغيير”، مؤكدًا “استعداده” لإطلاق “محادثات” من أجل “مرحلة انتقالية أسلم في ختامها السلطة إلى الرئيس المنتخب ديمقراطيًا”.

ما كان للرئيس كومباري الذي وصل إلى السلطة في العام1987 ذات انقلاب عسكري وفاز في أربع دورات مشكوك في نزاهتها أن يتفهم الشعب الآن فقط، لو تأمل في مصير بن على والقذافي ومبارك، ورأي غضب الشعب المشتعل، والجيش الذي تضامن مع الشعب وأعلن قائده حل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة انتقالية بالتشاور مع جميع الأطراف في البلاد.

التظاهرات التي خرجت في بوركينا فاسو احتجاجا على رغبة الرئيس في تعديل الدستور لضمان ولاية رئاسية خامسة رافقتها أعمال عنف وتخريب طالت مؤسسات مهمة مثل البرلمان الذي اقتحمه المتظاهرون وأضرموا النار في المستندات وأجهزة الحواسيب التي توثق الجلسات وهو مسلك مرفوض قطعا، ولكنها الاحتجاجات وحدها التي جعلت الرئيس يتراجع ويقر بنهاية حكومته ويستجدي الشعب الذي بات هو المسيطر على الأوضاع من أجل البقاء في الحكومة الانتقالية، حيث قال الرئيس كومباري إنه سيبقى في الحكم على رأس حكومة انتقالية على أن يسلم السلطة بنهاية تفويضها معربا عن استعداده لإجراء محادثات مع المعارضة بهذا الشأن.

اتجاه الرئيس كمباري إلى الحل السلمي للأزمة من شأنه تجنيب البلاد الكثير من السيناريوهات المماثلة التي انتهت إلى صراع دام بين مكونات الشعب، ويبقى الأهم حمل كمباري على الالتزام بتعهداته ولابد من الضغوط الدولية عليه بجانب ضغوط الشعب الثائر حتى يلتزم بانتقال سلس للسلطة في البلاد، ويتطلع البوركينابيون إلى دور أكبر للمنظمة الدولية، حيث أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه سيرسل موفدا إلى بوركينا فاسو لإنهاء أعمال العنف.

[/JUSTIFY] محمود الدنعو
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي