محمود الدنعو

مرحلة ما بعد كومباوري


[JUSTIFY]
مرحلة ما بعد كومباوري

بالأمس تحدثنا عن أن الرئيس البوريكانبي بيلز كومباوري بعد 27 عاما حكم خلالها بوركينا فاسو أخيرا استوعب الدرس على طريقة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي وكلمته الشهيرة (فهمتكم)، ولكن يبدو أن كومباوري قد فهم الدرس، أي درس بن علي وثلة الرؤساء العرب الذين أطاحت بهم ثورات الربيع العربي، فآثر التنحي، يومان شهدا احتجاجات من قبل الشعب على عزم الرئيس إجراء تعديلات دستورية تتيح له الترشح لولاية رئاسية خامسة، ومن فرط اضطرابه أصدر عدة قرارات في الساعات الأخيرة لتوليه السلطة كشفت عن أن الزعيم الذي جاء بانقلاب عسكري في العام1987، وحكم البلاد بيد من حديد باتت سطوته وقوته أوهن من خيط العكنبوت، فأعلن حالة الطوارىء ثم عاد وألغى قراره في غضون ساعات ثم أعلن التهدئة والدخول في مفاوضات مع المعارضة لتشكيل حكومة انتقالية، قبل أن يضطر للتنحي أمام الانتفاضة الشعبية التي يدعمها الجيش.

وفي بيان التنحي قال كومباوري إنه قرر الترجل رغبة منه في الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية وعلى السلم الاجتماعي.

إنهم الطغاة ذوو الأعين المعصوبة عن رؤية الواقع أو غير الراغبة أصلا في النظر إلى من حولها وإلى ما حولها لفهم ما يدور، فأي مكتسبات ديمقراطية يتحدث عنها كومباوري الذي جلس على الرئاسة لما يقارب العقود الثلاثة والراغب لولا تدخل الشعب والجيش في البقاء لأطول فترة ممكنة في السلطة عبر تعديل الدستور شأنه شأن الكثير من الرؤساء الأفارقة.

رحل كومباوري أخيرا ونحن في تحديات مرحلة ما بعد كومباوري، وهي كيف سيدير الجيش المرحلة الانتقالية، وما هي ضمانات المشاركة المدنية الواسعة في الحكومة الانتقالية حتى لا تتحول الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس إلى انقلاب عسكري، وكيف ستكون العلاقات الخارجية للسلطة الانتقالية في بوركينا فاسو التي ربما شهدت ذات السيناريو المصري بعد ثورة يونيو قبل انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسا للبلاد، حيث جمد الاتحاد الأفريقي عضوية مصر، بحجة أن ما حدث انتقال قسري للسلطة، وتلوح الآن في الأفق ذات الأزمة الدبلوماسية، ففي الوقت الذي أعلنت فرنسا المستعمر السابق لبوركينا فاسو عن ترحيبها بتنحي كومباوري، معتبرة أن الأمر «يتيح إيجاد تسوية للأزمة». وأعلن الرئيس فرنسوا هولاند أن بلاده «تدعم انتخابات ديموقراطية مبكرة»، نجد أن البيان الأمريكي يحمل في طياته الكثير من القلق، فقد دعا البيت الأبيض، إلى قيام مرحلة انتقالية في إطار الدستور، معربا عن القلق إزاء المعلومات التي أفادت بأن رئيس أركان الجيش بات يتحمل مسؤوليات رئيس الدولة.

[/JUSTIFY] محمود الدنعو
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي