محمود الدنعو

موقف ملك الأردن


[JUSTIFY]
موقف ملك الأردن

يتخذ عبد الله الثاني ملك الأردن موقفا فكريا واضحا للتميز بين الإرهاب والإسلام، ويسعى عبر مختلف المناسبات لتأكيد موقفه الفكري المتقدم من أزمة جدلية التطرف والاعتدال التي تتخبط فيها المنطقة العربية الإسلامية المتهم الرئيس من قبل الغرب بأنها المصدر الرئيس للعناصر والأفكار المتطرفة، وبالتالي تجد نفسها في الكثير من الأحيان في موقف المدافع والنافي للاتهامات، وهو وضع يضعف ويستنزف الجهود لنشر الإسلام بوجهه الحقيقي دين السلام وليس التطرف والعنف والإرهاب.

في أكتوبر الماضي اجترح الملك عبدالله مصطلحا جديدا، وهو الحرب الأهلية في الإسلام عندما اعتبر أن حربا (أهلية) تدور داخل الإسلام بين قوى (الاعتدال والتطرف).

وقال الملك في خطاب أمام مجلس النواب الأردني، ولكنه رسالة إلى الخارج أن “كل دول العالم بوضع حرب بين الاعتدال والتطرف، واليوم هناك حرب أهلية داخل الإسلام، لكن للأسف نحن – عرباً ومسلمين – لم نشعر لغاية الآن بخطورة هذا الوضع”.

الملك لم يمارس جلدا للذات أو محاولة لتسويق نفسه زعيماً معتدلاً للغرب بل مارس دوره مفكراً لا يخشى في الحق لومة لائم عندما قال بوضوح أن التطرف لا يقتصر على الإسلام بل يقابله تطرف في سياسة إسرائيل. وقال “هناك تطرف إسلامي وأيضاً في المقابل يوجد تطرف صهيوني، وإذا ما أرادت كل الأطراف الإقليمية والدولية محاربة هذا الأمر، فلا يمكن القول أن هناك فقط تطرف إسلامي، بل يجب الاعتراف بوجود تطرف في جميع الجهات”.

بالأمس انتهز الملك عبد الله زيارة ممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، التي تزور الأردن، ضمن جولة لها في المنطقة، بعد توليها هذا المنصب في مطلع الشهر الحالي، وحتى تتعرف في مستهل مهمتها كوزيرة لخارجية أوروبا على أزمة التطرف في الشرق الأوسط، ودعا إلى تكثيف التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التطرف ومكافحة الفكر التكفيري والحركات الإرهابية التي تستهدف الجميع من دون استثناء.

ويبدو الموقف الأردني من الحرب التي تدور رحاها في المنطقة بين تنظيم الدولة الإسلامية داعش في سوريا والعراق والتحالف الدولي العريض الذي تقوده الولايات المتحدة، هو الموفق الأكثر واقعية وعقلانية. فالأردن ترفض الانخراط في حرب برية ضد داعش وتدعو إلى حلول سياسية سلمية للأزمة في سوريا، لقناعة راسخة أن العنف لا يولد إلا المزيد من العنف والتطرف.

نهج المقارعة بالفكر وبالحسنى لظاهرة التطرف الذي يتبناه ملك الأردن، يجب أن يجد الدعم من المجمتع الدولي وخصوصا الولايات المتحدة إذا كانت فعلا تشن حربا حقيقة للقضاء على التطرف الذي لا يمكن هزيمته بالطيران أو الحرب البرية منفردة.

[/JUSTIFY] محمود الدنعو – العالم الآن
صحيفة اليوم التالي