منى سلمان

ناس ناسيانا !!


[JUSTIFY]
ناس ناسيانا !!

تداولت الوسائط الاعلامية في كثير من شيل المديدة حرقتني معلومة ادلى بها برلماني في لحظة شفافية تفيد بأن معهم تحت القبة مجنون ومزهمر .. لا ادري ما العيب في ذلك فـ المجنون بـ شهادة خير وأحب إلينا من المجنون المجهجهة أما الزهايمر فـ مرض العصر ودليل مواكبة للعولمة .. ضف الى ذلك أن تلك العلل تنفع كحجج مقنعة تبرر لنا السؤال الجدلي الازلي عن انفصام من تحت قبة البرلمان عن هموم معايش اهل السودان على الاقل يمكننا الان وبكل ارتياح ان نغني عليهم اغاني الحسرة بـ:
دي ناس ناسيانا من حنانا وريدهم بيجري في دمانا
سحابهم مر وما سقانا وراح يا ناس خلانا برانا
على كل حال لم تكن معاناة التومات فاطنة وزهرة من داء النسيان بسبب عامل السن أو نقص ادراك بالتكاليف أو عظم حجم المسئوليات، فقد عانت زهرة منذ سنين زواجها الاولى من داء النسيان الشديد، حتى انه مما يحفظ من طرائف نسيانها انه عندما ناداها ابنها بعد قضاء حاجته لتقوم بتنظيفه، حملت الابريق وانطلقت وهي ساهمة نحو العتود وقبضت عليه ثم قامت بغسله واطلقته، وقبل ان تطلب منه زاجرة ان يعاود ارتداء سرواله بدلا من انطلاقة أم فكو وضرب الهمبريب، فوجئت بابنها وقد جمع قميصه بين يديه واقفا في انتظار الغسيل وقد ارابه وحيّر شاويشه انشغال امه بغسل العتود بالانابة عنه !
أما فاطنة فقد دخلت دائرة النسيان بعد تومتها بسنوات وبتدرج لم يكن ملحوظا في الاول ولكن موقف كـ موقف العتود شكل لمعارفها واهل بيتها انتباهة لمعاناتها وحوجتها للمتابعة اللصيقة حتى لا تعاود ما فعلته بـ بت اليومية ذات نسية وكادت تؤدي بها للهلاك، وذلك لانها ذات صباح وقد حضرت اليها عاملة اليومية التي تساعدها بالغسيل والمكوة، وكانت هي تستعد للخروج مع جاراتها لمشوار مقيل مجاملة .. كانت البنية قد اكملت الغسيل ودخلت لتجمعه في الغرفة، عندما نادت احدى الجارات فاطنة وطلبت منها الخروج مسرعة للحاق بالحافلة، فما كان منها الا ان قامت باغلاق ابواب البيت وانطلقت مع رفيقاتها، وقد نسيت كصاحبة القطة التي دخلت فيها النار عاملة اليومية محبوسة داخل الغرفة، حتى عادت في المساء وفتحت البيت لتجد عيني المسكينة تبرق في ظلام الغرفة وقد فقدت بضعا من ارواحها السبعة بفعل الجوع والخوف والعطش !!
كانت تلك بعض ملامح نسيان التومات كل على حدة فما بالك لو اجتمعت الاثنتان، ففي ذات يوم اتفقت فاطنة وزهرة على الذهاب لمستشفى المنطقة لمعاودة قريبتهم التي ترقد فيه بعد اجراءها لعملية جراحية .. قامت الاثنتان بتجهيز عامود الزيارة في غاية التركيز والعناية .. فركت زهرة البامية الطاعمة وقامت فاطمة بعواسة الرهيفة وبجانبها سلطة الاسود المدنكلة ولبست الاثنتان ثيابهما وانطلقتا الى المستشفى ..
للحقيقة فـ متعة المناظر في الطريق وتشويق وطريقة عرض الباعة لبضاعتهم أمام المستشفى، قد كان له فعل السحر في لخبطة كيمان التيمان فقد قطعتا التذاكر ودخلتا للمستشفى، وقد انمحى من ذاكرتهما السبب الذي جاء بهما الى المستشفى وهن يحملن عامود زيارة !!
جلست الاثنتان تحت ظل النيمة يتفاكرن في السبب الذي يمكن ان يكون قد دفعهن لزيارة المستشفى، ولم يك صعبا ان يستنتج بذكاء انهن قطع شك قد جئن لعوادة مريض، فهداهن تفكيرهن للطواف بعنابر المستشفى لعلهن يهتدين للمقصود بالزيارة او تنتعش منهن الذكرى وقد كان ..
طافن المستشفى عنبر عنبر وزقاق زقاق حتى كلت منهن الارجل وتورمت الاقدام دون ان يصادفن وش عرفة، فجلسن مرة أخرى تحت ظل النيمة واخرجن المفروكة والكسرة وبسطنها في غاية الاريحية لـ جموع نسوة الزيارة المتكأكئات تحت ظلال الاشجار، وبعد ان اكلن وشربن الشاي مع رفيقات الظلال قامن بوداعهن بمحنة وكأن بينهم عشرة سنوات وانطلقن عائدات الى المنزل بالماعون الفاضي ..
ما ان انزلتهن الحافلة في اول الطريق قبيل الغروب حتى التقن بـ ود البشير يعبر الطريق امامهن فتذكرن في نفس اللحظة وصاحن عليه في لسان واحد:
هيااااا الخراب .. انحنا ما مشينا نزور العاجبة مرتك في المستشفى ونسينها تب وجينا راجعين بلا ما نلقاكم !!
فاجابهم الرجل بحيرة:
تلقونا كيف ؟ أنا البارح دي ما لاقيتكن في الجزارة وقلتا ليكن العاجبة خرجوها ؟!!
[/JUSTIFY]

منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]


تعليق واحد

  1. هههههههههههه و الله التحية ليك الاستاذة منى سلمان ،، كالعادة نستمتع جدا بكتاباتك المميزة و التي تفوح منها رائحة البيت السوداني بعاداته و تقاليده.