الحرب الدينية
يخشى الجميع أن يكون الهجوم على الكنيس اليهودي في القدس مؤخرا ليس سوى البداية الفعلية للانتفاضة الثالثة التي ستأخذ منعرجا جديدا بالنظر إلى أن الحرب الدينية التي طالما حذر منها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وسعى إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قد اندلعت فعلا، وصب الزيت عليها من خلال التصريحات غير المسؤولة من جانب حكومة نتنياهو سيجعل ألسنة اللهب تمتد إلى الخارج في منطقة أصلا قابلة للاشتعال بسبب الفتنة الطائفية أو ما وصفها العاهل الأردني بالحرب الأهلية داخل الإسلام.
في ردود الفعل على الحادث حسنا فعل الرئيس أبومازن حينما لم يكتف فقط بإدانة الهجوم على الكنيس اليهودي، بل أدان أيضا الاعتداء على الحرم القدسي وعلى الأماكن المقدسة وحرق المساجد والكنائس، لأن كل هذه الأعمال تخالف كل الشرائع السماوية، ولا تخدم المصلحة المشتركة التي نعمل فيها من أجل إقامة الدولتين، دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل، أو كما قال بيان الرئاسة الفلسطينية، ولكن عباس اتهم حركة حماس بالتسبب في إشعال حرب دينية محتملة، وهي تصفية حسابات سياسية داخلية كشفت أن اتفاق المصالحة الوطنية الأخير لايزال يعاني الكثير كي يتماسك بما يحقق المصالح العليا للدولة الفلسطينية التي تمر بمرحلة حاسمة وخطيرة، حيث تدفعها بعض القوى بتحريض مباشر أو من خلال أفعال وأقوال حكومة نتنياهو إلى الدخول في حرب ذات طابع ديني أكثر منه سياسي في وقت تتوالى فيه الاعترافات من قبل البرلمانات الأوروبية بالدولة الفلسطينية، فالأمس بالتزامن مع الهجوم على الكنيس اليهودي كان البرلمان الإسباني يصوت لصالح الاعتراف الرمزي بدولة فلسطين، وذلك بعد السويد وبريطانيا وفرنسا والبقية تأتي، وبالتالي هذه الاعترافات حتى تخدم القضية الرئيسة في فلسطين، وهي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة المعترف بها دوليا، يحتاج ذلك إلى ضبط الأوضاع على الأرض حتى لا تنزلق إلى حرب دينية يتمناها الجانب الإسرائيلي ليعود إلى تأليب العالم ضد الفلسطينيين بحجة أنهم إرهابيون.
أما قراءة ردات الفعل الرسمية الإسرائيلية، فتكشف أن حكومة نتنياهو المستفيد الأول من هذا الهجوم سارعت إلى التصعيد مع الجانب الفلسطيني وإلى المزيد من التشديد والعقوبات على الفلسطينيين وعائلاتهم، كما طالب رئيس المجلس المركزي في حزب الليكود الحاكم، داني دنون، بعدم الاكتفاء بهدم بيوت عائلات منفذي العمليات، بل طرد هذه العائلات إلى قطاع غزة أو إلى لبنان، ومع الأسف وعد نتنياهو بدارسة هذا المقترح، وهو ما يعني تهجير وتشريد ما تبقى من الفلسطينيين في القدس والتضييق عليهم، ومنعهم من الصلاة في المسجد الأقصى، وهو ما يخدم مخطط تهويد القدس بامتياز!
[/JUSTIFY] محمود الدنعو – العالم الآنصحيفة اليوم التالي