محمود الدنعو

الحروب الإلكترونية

[JUSTIFY]
الحروب الإلكترونية

بينما نحن غارقون في دمائنا جراء الحروب التقليدية التي نخوضها ضد بعضنا البعض في عالمنا الثالث تدور في مكان آخر من العالم الأول حروب من نوع آخر هي الحروب الإلكترونية، وطبعا لا مجال للسؤال ما إذا كانت الحروب التقليدية أفضل أو أسوأ من الحروب الإلكترونية، فالحرب هي الحرب، هي المعادل الموضوعي للموت والخراب والتشرد وتعطيل التنمية والحياة معا، ولكن قد تبدو الحرب الإلكترونية أقل بشاعة من الحرب التقليدية هي لا تختفي خلالها مشاهد أنهار الدماء والأشلاء والجثث وأنات الجرحى والمصابين والفزعين الجزعين من النساء والأطفال والشيوخ، لكنها في الأثر على حياة الناس وتعطيلها، فهي حرب مدمرة، ولكن أن تتخيل أن بلد مثل الولايات المتحدة الأميركية يمكن إغراقها في الظلام الدامس في جزء من الثانية نتيجة هجوم إلكتروني على شبكات توزيع الكهرباء، هذا ليس مجرد مثال لما يمكن أن تكون عليه الحرب الإلكترونية التي باتت حرب العصر الحديث وإنما تهديد واقعي حذر منه مسؤول عسكري أميركي هذا الأسبوع، وأشار الأدميرال مايكل روجرز، رئيس وكالة الأمن القومي الأميركي، ويرأس أيضاً القيادة الإلكترونية التابعة للجيش إلى أن القدرات التي تمتلكها الصين ودول أخرى تهدد بشن هجمات إلكترونية لمهاجمة شبكة توليد الكهرباء والبنى التحتية المحورية الأخرى في الولايات المتحدة.

وكما هو الحال في الحروب التقليدية تخبرك وتحذرك أجهزة المخابرات بأنها رصدت تحركات مريبة على الحدود، قال الأدميرال مايكل روجرز إنهم رصدوا برمجيات خبيثة، مصدرها الصين ودول أخرى، في أنظمة حواسيب بدوائر تمس الحياة اليومية للأميركيين.

الحروب الإلكترونية الحديثة اتخذت أبعاداً أخرى تتعلق بالتجسس السياسي، حيث تعد العاصمة الألمانية برلين عاصمة التجسس السياسي بحسب رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني هانز جورج ماسن الذي قال إن سياسات ألمانيا الاقتصادية والدفاعية والخارجية والخاصة بالأسلحة جميعها أهداف للمتسللين إلى جانب الشركات الكبرى بسبب تكنولوجياتها المتطورة. وأعلن أن أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالحكومة والشركات في ألمانيا تتعرض يومياً لهجمات إلكترونية متزايدة من أجهزة استخبارات دول أخرى، وخصوصاً أجهزة الاستخبارات الروسية والصينية.

الملاحظة هنا أن الصين هي القاسم المشترك في المخاوف الأميركية والألمانية من شن حرب إلكترونية عليها، بل إن الصين وروسيا باتتا مصدر كل عمليات التجسس والقرصنة والهجوم الإلكتروني في العالم، خلص تقريران نشرا الأسبوع الماضي إلى أن الحكومتين الروسية والصينية تقفان بالتأكيد وراء شبكة تجسس إلكتروني واسعة ضد أهداف أميركية وأوروبية.

الحرب الإلكترونية أو الرقمية أخطر من الحروب التقليدية التي يمكن تطوير أساليب الدفاع والوقاية منها، ولكن الحرب الإلكترونية تبدأ وتنتهي في جزء من الثانية وفي ميدان غير مرئي.

[/JUSTIFY] محمود الدنعو – العالم الآن
صحيفة اليوم التالي