محمود الدنعو

هجرة بدون امتيازات


[JUSTIFY]
هجرة بدون امتيازات

علي الأفارقة الهاربين من رمضاء الحروب والمجاعات والمضايقات السياسية، وعلى السوريين والعراقيين والأفغان، وسواهم ممن أحالت الدول الغربية بلدانهم ساحات حرب ضد عدو متوهم هو الإرهاب، عليهم التفكير أكثر من مرة إذا كانت ظروفهم تسمح لهم حتى بالتفكير قبل أن يطرقوا أبواب أوروبا عبر قوارب الموت، فالدول الأوروبية منفردة كانت أو مجتمعة، ما تنفك كل يوم تضيق عليهم أبواب النجاة من خلال إجراءات وسياسات وقوانين تهدف إلى تفريغ أوروبا من المهاجرين أو الاكتفاء بمن تسللوا عبر المتوسط، ممن نعدهم سعداء الحظ حتى وإن كانوا تعساء المستقبل.

انضم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى جوقة زعماء أوروبا المضيقين على المهاجرين الفارين من بلدانهم إلى نعيم/ جحيم الدياسبورات المختلفة، حيث دعا كاميرون يوم الجمعة إلى الحد من الامتيازات التي يتمتع بها المهاجرون في بلاده.

لو اقتصر الأمر على الامتيازات لقبل المهاجرون الفارون بنار تقليص الامتيازات عوضا عن رمضاء الأوضاع الاستثنائية في بلدانهم الأصلية، ولكن رئيس الوزراء البريطاني زادهم من الشعر بيتا في التضييق عندما قال: إن المملكة المتحدة تسعى إلى إقامة النظام الأكثر تشددا في أوروبا للتصدي لانتهاكات حرية التنقل.

بريطانيا ليست في حرب مع المهاجرين من بلداننا الأفريقية والعربية فقط، بل حتى من داخل بلدان الاتحاد الأوروبي، ودعت إلى الحد من التدفق الاستثنائي الكبير للمهاجرين القادمين من سائر دول أوروبا.

في مواجهة هذا التدفق من المهاجرين من داخل بلدان الاتحاد الأوروبي على بريطاينا التي باتت الوجهة المفضلة للمهاجرين، هدد كاميرون بالخروج من الاتحاد الأوروبي الذي سارع لامتصاص غضبة كاميرون بالإعلان عن استعداده للتباحث حول المقترحات البريطانية للحد من الهجرة ولكن “بهدوء وحذر” حسب بيان الاتحاد الأوروبي.

خطة كاميرون التي أبدى الاتحاد الأوروبي استعداه لمناقشتها بهدوء تنص على فرض مهلة أربع سنوات قبل أن يحق للمهاجرين التمتع ببعض الامتيازات مثل تخفيضات ضريبية وسكن اجتماعي، ويستهدف هذا الإجراء تحديدا العمالة غير المؤهلة القادمة من أوروبا الشرقية، ومن بعض البلدان الأفريقية.

والسؤال: هل فعلا تدفقات المهاجرين باتت تشكل تهديدا للامن البريطاني لا يقل عن داعش مثلا؟، للإجابة عن السؤال لابد من الاطلاع على الأرقام التي أصدرها المكتب الوطني للإحصاءات، وكشفت عن زيادة بنسبة 468 بالمئة في عدد الرومانيين الذين قدموا إلى بريطانيا بين يونيو 2013 ويونيو 2014، بينما زاد عدد المهاجرين من كل الجنسيات بنسبة 39 بالمئة (260 ألفا) مما يعني فشل الحكومة في خفض العدد إلى أقل من المئة ألف في السنة.

[/JUSTIFY] محمود الدنعو – العالم الآن
صحيفة اليوم التالي