محمود الدنعو

عصور العبودية الأولى


[JUSTIFY]
عصور العبودية الأولى

قبل أن تخمد النيران في فيرغسون بولاية ميسوري الأمريكية بعد تبرئة ضابط شرطة أبيض من اتهامات قتل الشاب الأعزل مايكل بروان، أعلنت هيئة محلفين في نيويورك عدم توجيه اتهام إلى شرطي أبيض آخر متورط في مقتل رجل أسود، مما أعاد تأجيج التوترات في مختلف مدن الولايات المتحدة الأمريكية التي انفلتت فيها مشاعر الغضب من قبل السود بأنهم مستهدفون، بل إن صحيفة الغارديان البريطانية نقلت عن أحد المحتجين في ميدان تايمز سكوير وسط نيو يورك أنه يعد المعاملة التي يتلقاها السود في الولايات المتحدة الآن باتت تشبه عصور العبودية الأولى.

المقاطع المصورة التي نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاريك غارنر الأمريكي الأسود الذي أوقف من قبل الشرطة في يوليو الماضي تكشف بأن رجال الشرطة البيض كانو يتعاملون معه بصورة وحشية لا تمت إلا لعصور الطرائد من الرقيق السود، حيث يظهر في شريط الفيديو الذي بث على نطاق واسع ضابط الشرطة الأبيض ممكسا بعنق غارنر على طريقة أبطال المصارعة، بينما غارنر يصرخ ويستغيث “لم أعد قادراً على التنفس” دون أن يلتفت إليه أحد حتى سكتت أنفاسه بين قبضة الشرطي الأبيض المطبق على عنقه.

هذه المقاطع أججت النيران من جديد لتنضم نيويورك إلى فيرغسون، حيث صرحت أرملة غارنر ضحية شرطة نيويورك خلال مؤتمر صحفي عقب قرار عدم توجيه التهم لقاتل زوجها بأن “المعركة لم تنته وإنما بدأت لتوها وأنا مصممة على الحصول على العدالة لزوجي”.

السؤال هل ستحصل على العدالة لزوجها، تلك هي المسألة صورة الولايات المتحدة الآن أمام أكبر اختبار، فالبلاد التي يلوذ إليها الملايين من مختلف بلدان العالم هربا من الاضطهاد والظلم ينشدون العدالة الاجتماعية والحقوق المدنية تحت أفياء الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت على التعددية والمساواة بين مختلف الأعراق والأديان، الآن وصلت هذه البلاد بسبب تصرفات رجال الشرطة المحميين بالقانون إلى درك أن توصف بأنها عادت إلى عصور العبودية الأولى، وذلك التوصيف ليس مجرد زفرات حرى من محتج غاضب بساحة تايمز سكوير، بل هي الحقيقة السافرة على شوارع الكثير من المدن الأمريكية، حيث تتعامل الشرطة مع أي مشتبه أسود على أنه مجرم بالفطرة، وعليه أن ينال العقاب في التو رمياً بالرصاص حتى دون إضاعة الوقت في إجراءات محاكمة، لم تعد بعد تبرئة قاتلي فيرغسون ونيويورك تجد الاحترام من قبل الجميع.

على الولايات المتحدة أن تعزز محاسبة شرطييها على أفعالهم كما طالبها الأمين العام للأمم المتحدة الذي ربما للمرة الأولى يجد نفسه يطالبها بما كان يطالب به بلدان العالم الثالث.

[/JUSTIFY] محمود الدنعو – العالم الآن
صحيفة اليوم التالي