عثمان ميرغني

أهم حدث في العام 2014..!!


[JUSTIFY]وأنا أقود سيارتي صباح أمس الجمعة.. أشار لي رجل يطلب مني أن أنقله في طريقي.. توقفت لما توسمت فيه فعلاً حاجته إلى من ينقله من موقع لا يبدو فيه أي أثر للمواصلات العامة..
وكعادتنا نحن الشعب السوداني.. دون سابق معرفة لا يستغرق التعارف إلا ثوان.. وبدأنا نتجاذب الحوار حول الهموم والمشاغل العامة.. بكل عفوية قال لي الرجل (الحمد لله عام 2014 انقضى والسودان بخير..)، صمت قليلاً ثم فسر لي كلمة (بخير) هذه.. فقال لي أنه- شخصياً- يكابد هموم الرزق، ومصروفات المعيشة، وتعليم الأولاد، والبنود المستعصية المعروفة لكل الشعب السوداني.. (لكن الحمد لله.. برضو نحن بخير.. أحسن من غيرنا من الشعوب)..
صدقوني.. أحسست بغصة بالغة في حلقي.. أدركت في صميم فؤادي أن المشكلة الأكبر باتت تطلّ بأعناقها..
حسناً.. أنت بخير.. رغم ضنك المعيشة، وكدر ميزانية (منزلية) مصروفاتها أضعاف إيراداتها.. لكنك رغم كل شيء.. تنظر في الصباح لأولادك أمام عينيك وهم يذهبون إلى المدرسة.. وتنتظرهم يرجعون.. وتغلق عليهم باب البيت قبل النوم.. في أمان إلى حضن يوم جديد..
هذه نعمة بلا شك.. لكنها تصبح نقمة كبرى إن نسينا أن هناك ثلاثة أقاليم في السودان.. في بعض قراها ومدنها لا يجد أهلها حتى نعمة المعيشة الضنك.. التي تكدرها مصروفات التعليم والعلاج والخضار واللحوم وبقية أصناف الطعام.. فهي مناطق لا حياة فيها- على الإطلاق.. يظللها الموت المتربص خلف كل لحظة تمضي.
صحيح هذا قدر الأقاليم الثلاثة التي تعاني من ويلات الحرب الآن.. لكن المشكلة أن نحسّ نحن هنا في العاصمة أننا في (نعمة!!)؛ لأن أولادنا يذهبون المدارس ويعودون.. مثل هذا الإحساس (الأناني) سيخلق في ضمير السودان شعبين.. عندما ننفصل وجدانياً.. ننفصل نفسياً، ثم ننفصل حقيقة.. تماماً كما حدث مع جنوب السودان.. الذي مزق وحدتنا معه تطاول الحرب، وانفصام الشعور الشعبي..
الرسول- صلى الله عليه وسلم- يقول: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قالوا من يا رسول الله؟، قال من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم به)..
إذا كان مستوى الجيرة في السكن يستحق أن يصفه الرسول- صلى الله عليه وسلم- بأنها تخرج المرء من حالة الإيمان.. لمجرد أن جاره (جائع!!).. فكيف بنا نحن الوطن والشعب!! يحترق نصفنا في دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق.. بينما ينحسر وينسحب مجرد الإحساس بما يقاسيه نصفنا المبتلى بالحروب الطاحنة..
(توحيد الوجدان) هو أول خطوة للحفاظ على الوطن متحداً متماسكاً.. أما إذا انفصل الشعور.. وبات سكان الخرطوم ينعمون براحة الضمير.. لا يكدره إلا غلاء المعيشة.. وترتفع درجة حرارة سكان الخرطوم عندما ترتفع أسعار الخبز.. لا عندما تتدفق دماء إخوتهم في المناطق الثلاث.. هنا تكمن المأساة والكارثة الآتية بلا شك..
يا شعب الخرطوم.. اذكروا محنة دارفور وأخواتها.

صحيفة التيار[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. افرض حسو بيهم حيقدمو ليهم شنو جعان مابدي جعان
    بعدين العواطف مابتحل المشكلة والكيزان قاصدين يشدهو الناس في معايشهم ويبقو زي ناس الاخرة والسبب معروف اتكلم في المرض وليس العرض