محمود الدنعو

بين الواقع والخيال


[JUSTIFY]

بين رواية الواقع والخيال وتقرير الحال تبدو فرنسا وغيرها من بلدان أوروبا في حال خوف من مستقبل الحفاظ على الهوية الخاصة بهذه البلدان جراء موجات الهجرة الشرعية وغير الشرعية التي غمرت بلدان أوروبا من أفريقيا والشرق الأوسط بعد تصاعد حدة الصراعات والحروب في هذه المناطق، الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند أقر بوجود أزمة (هوية خطرة) في بلاده (منذ وقت طويل)، داعيا إلى الدفاع عن قيم الجمهورية و(النموذج الاجتماعي)، وفي ذلك إشارة إلى ما تمور به العديد من بلدان أوروبا من حركات مناهضة للمهاجرين وخصوصا المسلمين منهم الرئيس لم يشر صراحة إلى ذلك عندما سئل من قبل راديو فرانس انترناشيونال، ولكن حديثه بأن يجب أن تكون الأعصاب فولاذية والتفكير حازم في مواجهة أزمة الهوية التي تعاني منها فرنسا يلمح إلى الجدل الدائر حاليا حول الإسلاموفوبيا التي تعم أوروبا، وأضاف هولاند “هناك دائما في بلدنا الكبير والقديم من يفكر أن المصير وطننا انتهى، ويجب إغلاق الباب وبأننا لم نعد أمة”. وقال إن “الأدب يغص بذلك” في إشارة إلى رواية (استسلام) للكاتب ميشال ويلبيك الذي يتخيل أسلمة فرنسا. وتدور وقائع الرواية حول انتخابات رئاسية يفترض الكاتب أنها ستجرى في فرنسا في العام 2022 ويفوز فيها مرشح مسلم يدعى (محمد بن عباس) زعيم حزب وهمي هو (الإخوة الإسلامية) بعدما يتمكن من هزيمة منافسته زعيمة (الجبهة الوطنية) (اليمين المتطرف) مارين لوبن. وبهذا (الانتصار) تتوقع أحداث الرواية أن تبدأ مسيرة تحول فرنسا من بلد علماني إلى دولة إسلامية يحظر على النساء العمل فيها ويسيطر الأساتذة المسلمون على جهازها التعليمي ويتغير اسم جامعة السوربون إلى (الجامعة الإسلامية)، ويصبح مركز الثقل بالنسبة إليها في حوض البحر المتوسط.

الرواية التي صدرت رسميا أمس الأربعاء تعيد النقاش في تزامنها مع التظاهرات والتظاهرات المضادة في ألمانيا حول الإسلام تعيد النقاش حول الواقع والخيال السياسي في أوروبا التي باتت تقاوم موجات المهاجرين بشتى السبل، وفي مقابلة نشرتها وسائل إعلام أميركية والمانية وفرنسية السبت أقر ميشال ويلبيك بأنه يلعب على وتر (الخوف) لكنه نفى أي (استفزاز) موجه ضد الإسلام، مؤكدا فقط أن كتابه بمثابة (تسريع للتاريخ). وقال باختصار معلقا على روايته السادسة “إنني اختزل تطورا هو بنظري محتمل”. وقال الكاتب الحائز جائزة غونكور أرقى الجوائز الأدبية الفرنسية، “إنني أستخدم عنصر التخويف”. لكنه يضيف “لا ندري تحديدا ما الذين نخاف منه، إن كنا خائفين من دعاة التمسك بالهوية (أي اليمين المتطرف) أو من المسلمين. يبقى كل هذا ضبابيا”.

اليوم التالي
[/JUSTIFY]