محمود الدنعو

ضيف ثقيل على باريس


[JUSTIFY]
ضيف ثقيل على باريس

كل من تابع مراسم تأبين ضحايا المتجر اليهودي الأربعة من داخل الكنيس الكبير في باريس، يدرك مدى الاستياء الذي تشعر به الحكومة الفرنسية من محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتيناهو استغلال الأحداث التي شهدتها فرنسا مؤخرا لصالح تغيير السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، واستغلال الحادث كذلك لصالح الحملة الانتخابية الداخلية من خلال الدعوة ليهود فرنسا، وهم ثالث أكبر تجمع لليهود في العالم بعد إسرائيل والولايات المتحدة، عندما دعاهم إلى الهجرة إلى إسرائيل وقال “إلى كل يهود فرنسا ويهود أوروبا أقول: إسرائيل ليست فقط المكان الذي تتوجهون إليها للصلاة بل دولة إسرائيل وطنكم”، فرد الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، بالقول، إن “مكان يهود فرنسا هو فرنسا”. وزارد عليها رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أن فرنسا بدون اليهود لن تكون فرنسا.

الاستياء كان ظاهرا، فمراسم التأبين من داخل الكنيس اليهودي التي بتث على الهواء مباشرة في أغلب وسائل الإعلام العالمية كانت الكاميرا تركز على مشهد الرئيس الفرنسي وبجواره نتنياهو، ولكن لم ألمح أي نوع من الحوار بينهما لا مباشر ولا من خلال لغة الإشارة، وليس الأمر يتعلق بالمكان على الأقل بالنسبة لنتيناهو هذا مكان عبادة لليهود ولكن تلاحظ انه يتحدث إلى رئيس الجالية اليهودية في فرنسا الذي كان بجواره وكذلك يفعل الرئيس الفرنسي مع رئيس وزرائه الذي يجلس بالقرب منه.

الاستياء الذي ظاهرا على الوجوه كشفت عنه صحيفة هارتس الإسرائيلية الصادرة، أمس الإثنين، التي ذكرت أن الرئيس الفرنسي طلب من نتنياهو عدم الحضور للمشاركة في المسيرة ضد الإرهاب خصوصاً مع حضور الرئيس الفلسطيني حتى يكون التركيز على الحدث على أنه تكاتف دول العالم ضد الإرهاب، بعيدًا عن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

هجمات باريس ضحايا في الأساس هم المسلمون الذين تضرروا في عموم أوروبا من هذه الأحداث ومن الإجراءات والملاحقات التي ستطالهم، ولكن المستفيد هم اليهود الذين يجيدون عبر التاريخ دور الضحية لاستدرار عطف الغرب، وحتى إن بدأ هولاند مستاءً إلى هذا الحد من تصريحات نتنياهو، ولكنه وحكومته أبديا تعاطفاً أكبر مع الضحايا اليهود في حين هناك مسلمون ضحوا بحياتهم لحماية هؤلاء اليهود وقيم الجمهورية الفرنسية، فخلال المسيرة التاريخية التضامنية في باريس التي شارك خلالها الملك عبد الله الثاني والرئيس محمود عباس كانت شعارات (أنا شارلي) مع التأكيد أنا شخصيا لست شارلي، كانت هذه الشعارات على الأكثر، ولم نلاحظ شعار (أنا أحمد) ذلك الشرطي الفرنسي الذي قُتل وهو يدافع عن شارلي إبيدو.

[/JUSTIFY] محمود الدنعو – العالم الآن
صحيفة اليوم التالي