داعش أفريقيا
بتوسيع مجال عملياتها ليشمل على الأقل أربع دول، أصبحت جماعة بوكو حرام النيجيرية هي داعش أفريقيا الجديدة بكل ما يحمل التشابه من تهديد للأمن والاستقرار في الغرب الأفريقي، وإذا كانت داعش تنشط في بلاد العراق والشام فقط، ويشكل المجتمع الدولي ضدها أكبر تحالف في التاريخ الحديث لمواجهتها، فإن داعش أفريقيا تقتل الرجال وتحطف النساء وتبث الرعب، ليس فقط في شمال شرق نيجيريا، بل في الكميرون والنيجر وتشاد، وتهدد الأمن والاقتصاد معا في غرب أفريقيا، ولكنها لا تجد تحركاً دولياً مماثلاً كما يحدث لداعش العراق وبلاد الشام.
بعد سيطرة الحركة على مدنية باغا الحدودية مع تشاد التي تشكل معبر حركة التجارة بين جميع دول غرب أفريقيا استشعرت بلدان المنطقة بالخطر الحقيقي وطفقت تبحث عن تشكيل قوة عسكرية إقليمية أو دولية لمواجهة هذا التهديد الكبير لاقتصادها وأمنها، ويتوقع أن تتبلور فكرة تشكيل القوة الإقليمية خلال القمة الأفريقية التي تشهدها العاصمة الإثيوبية الأسبوع المقبل، ويقول رئيس غانا جون دراماني ماهاما الذي يتولي الرئاسة الدورية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي ستتقدم للقمة بمقترح القوات المشتركة: “لا يمكننا أن نبقى هنا من دون أن نقول شيئاً، أن نجلس مكتوفي الأيدي ننتظر المجتمع الدولي حتي يتدخل، لا يمكننا ذلك حين يتعرض إخوتنا وأخواتنا للقتل والحرق في منازلهم وفي شوارع مدنهم وقراهم، وحين تكون بناتنا ما زلن بانتظار أن نأتي لنجدتهن وإعادتهن إلى منازلهن، وحين تكون بحوزتنا وحولنا القوة والإرادة للقتال”.
ما استنكره الرئيس الغاني بأن يجلس الأفارقة بانتظار تحرك المجتمع الدولي مع الأسف هو الواقع والتجارب على ذلك العديد، كما أن مثل هذه المهام تتطلب توافقاً أفريقياً حولها وتمويلاً، والقارة الأفريقية تفتقر للاثنين معاً فليس ثمة توافق بين الدول، فحتى الأربع المكتوية الآن بنيران بوكو حرام ليس بينها توافق على تسيير عمليات مشتركة أو تنسيق أمني واستخباري من أجل القضاء على نشاط هذه الحركة، فضلا على أن هذا العمل يحتاج إلى تمويل كبير لا تملك القارة الأفريقية قدرة على توفيره، كما حدث في القوة الأفريقية في الصومال أو دارفور، فهي قوات أفريقية بتمويل دولي، ولكن في حالة بوكو حرام لن تجد تمويلاً دولياً، لأن أهم دولة في المنطقة هي فرنسا المشغولة بالأوضاع في مالي وجنوب ليبيا وأمام الولايات المتحدة وبريطانيا، فالمتوقع أن تلبي جزءاً من نداءات الدول الأفريقية لتمويل هذه الحملة، لكنها ستركز بشكل كبير على حملتها ضد داعش التي تهدد مصالحها المباشرة في الشرق الأوسط أكثر من بوكو حرام.
[/JUSTIFY] محمود الدنعو – العالم الآنصحيفة اليوم التالي