محمود الدنعو

رحيل آسيا جبار


[JUSTIFY]تعدد الألقاب يدل على القيمة الكبرى التي مثلتها الأديبة الجزائرية التي رحلت عنا ليل الجمعة السبت آسيا جبار التي لقبت بمحامية النساء والكاتبة المقاومة والمتمردة الناعمة وأيقونة المرأة الجزائرية والكثير من الألقاب التي تعلي من شأنها أدبياً وسياسياً واجتماعياً.

آسيا جبار التي رشحت لجائزة نوبل للآداب خلال السنوات العشر الماضية، ولم تفز بها، ولكنها فازت بجائزة السلام الألمانية كأول كاتبة عربية، وفازت كذلك بشرف أن تكون أول امرأة عربية تدخل أكاديمية الأدب الفرنسي الراقية العام 2005، وكثير من الجوائز الدولية في إيطاليا، الولايات المتحدة وبلجيكا، ولم يسحبها هذا الاعتراف الفرنسي الكبير بدورها العلمي والأدبي بمنحها عضوية الأكاديمية الفرنسية من واقعها الجزائري ومعاناة الإنسان عموما، فقد انتصرت للإنسان في كتاباتها، وكانت صوت المرأة المستضعفة، ولذلك لقبت بمحامية النساء والصوت الناطق باسم المرأة الضعيفة الخاضعة للقيود، وأيضا المتمردة الناعمة التي تحقق أهدافها عبر الكلمات التي تحملها صفحات رواياتها.

الكاتبة الجزائرية الشهيرة آسيا جبار رحلت عن عمر يناهز 79 عاماً بأحد مستشفيات باريس لكنها جسدها سيوارى ثرى شرشال الجزائرية، بينما أعمالها الأدبية بدءاً من رواية (العطش) التي أصدرتها في العام 1953 وهي لم تتجاوز العشرين من عمرها ستظل خالدة في الذاكرة الكونية للأدب لمزجها الطابع الرومانسي الناعم بالدفاع المستميت عن الضعفاء.

آسيا جبار التي تعد من أبرز الكتاب الفرانكوفونيين ظل في قلب الجزائر والجزائر في قلبها، فقد تزوجت من الشاعر والكاتب الجزائري عبد المالك علولة ومن المفارقات أنها لم تزر الجزائر إلا مرة واحدة في تسعينيات القرن الماضي عندما كان النزاع الدامي بين قوات الأمن والجماعات الإسلامية لتشييع جنازة والدها الذي عمل مدرسا وتعود جنازتها إلى الجزائرة ليشيعها كل الشعب الجزائري.

تُعد (آسيا جبار) أهم روائية جزائرية أو حتى عربية تكتب باللغة الفرنسية، كتبت عن الهوية، اللغة، الانتماء، وقضيتيْ الاستعمار والتحرر وناقشت معظم أعمالها المعضلات والمصاعب التي تواجه النساء، كما عرف عنها الكتابة بحس أنثوي الطابع.

يقول إسماعيل مهنانة أستاذ الفلسفة بجامعة قسنطينة والباحث في الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية إن آسيا جبار تمثل “للثقافة الجزائرية ما تمثله جميلة بوحيرد للثورة التحريرية، فهي رمز عالٍ في سماء التاريخ، وأيقونة المرأة الجزائرية في نضالها الطويل من أجل الانعتاق والحرية والحضور في أبعاده العالمية والإنسانية”.

أما لماذا تكتب تقول الأديبة الراحلة: “أكتب ضدّ الموت، أكتب ضدّ النسيان، أكتب على أمل أن أترك أثرا ما، ظلا، نقشاً في الرمل المتحرّك، في الرماد الذي يطير وفي الصحراء التي تصعد”.
[/JUSTIFY]