محمود الدنعو

الحرب الإلكترونية


[JUSTIFY]طالما عجز العالم عن شن السلام فلا مناص من شن الحرب، ولكن الحروب تطورت، فبينما نحن في منطقتنا العربية والأفريقية لا نزال نتداول النسخ القديمة من حروب القرون الوسطى، فحرق الطيار الكساسبة وجز الرؤوس من قبل قصابي داعش وغيرها من المشاهد البشعة للحروب، هناك في مكان آخر من العالم أكثر تطورا وأكثر خلافا ونزاعا فيما بينه تدور رحى حروب أخرى، هي الحروب الإلكترونية، وهي على غرار قاعدة أبغض الحلال الطلاق، فهي الأخف ضررا من حروبنا بنسختها القروأوسطية البشعة، وإن كان الدمار هو الدمار في الحرب التقليدية أو الإلكترونية.

الحرب الإلكترونية غير المعلنة التي تدور الآن بين الولايات المتحدة من جهة والصين وكوريا الشمالية من جهة أخرى، من شأنها تدمير أكبر اقتصادين في العالم الأمريكي والصيني من خلال عمليات التسلل الإلكتروني وسرقة أسرار التصنيع والأسرار الاستخبارية العسكرية، ولعل هذا ما يفسر القلق الكبير لدى البلدين بدليل أن الرئيس الأميركي بارك أوباما دعا إلى عمل سريع مع بكين لتضييق هوة الخلافات بشأن قضايا الأمن الإلكتروني، وقال البيت الأبيض إن أوباما قال في مكالمة هاتفية مع الرئيس الصيني شي إنه يتطلع إلى لقائه بواشنطن في زيارة دولة هذا العام.

الزيارة المرتقبة للرئيس الصيني إلى واشنطون تتصدر أجندتها قضايا الأمن الإلكتروني بين البلدين في سبتمبر القادم، ولكن التحضير لها بدأ منذ الآن لأهمية الزيارة وموضوعها الرئيس بالطبع، وهو الأمن الإلكتروني.

وكانت بكين استدعت قبل شهرين تقريبا السفير الأمريكي في الصين وسلمته احتجاجاً على قيام الولايات المتحدة بتوجيه التهم بالسرقة الإلكترونية إلى خمسة ضباط في الجيش الصيني، بالرغم من احتجاج الصين الشديد على الاتهام. وقال المتحدث باسم مكتب معلومات الانترنت في الصين إن الصين مدافع صلب عن الأمن الالكتروني. وأضاف أن الولايات المتحدة تعد (المهاجم الأكبر للانترنت في الصين) من خلال الهجوم والتسلل إلى شبكات صينية تابعة للحكومات والمؤسسات والشركات والجامعات وشبكات الاتصال الرئيسية. كما تستهدف هذه الأنشطة القادة الصينيين والمواطنين العاديين، وأي شخص يحمل هاتفا محمولاً. وفي الوقت نفسه، تتهم الولايات المتحدة بشكل متكرر الصين بالتجسس والقرصنة.

ومع تبادل الاتهامات بين بكين وواشنطون حول الحرب الإلكترونية كشفت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير أمام مؤتمر الأمن في ميونخ عن مصطلحا جديدا للحروب الحديثة وهي (الحرب الهجين) عندما اتهمت روسيا بشن تلك الحرب في أوكرانيا، ويذكر أن الحرب الهجينة هي تلك الحرب التي تجمع بين الأنشطة العسكرية، إضافة إلى العديد من العناصر الأخرى مثل الحملات الإعلامية والعملاء المستترين.
[/JUSTIFY]