جزءٌّ من الحل
بعد فشل جهود المبعوث الأممي إلى سوريا الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان تولى المهمة الدبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي الذي بذل جهودا قصوى في تجسير الهوة بين أطراف الصراع السوري، سعيا إلى تسوية سلمية عبر مؤتمرات جنيف (1، 2)، ولكنه بعد أقل عامين تنحى عن المنصب في مايو من العام الماضي بعد فشل جهوده للتسوية في سوريا، فكان تعيين الدبلوماسي السويدي ستيفان دي ميستورا وسيطاً جديداً في محادثات سوريا، خلفاً للأخضر الإبراهيمي مع تقليص المهمة بأن يصبح ممثلاً للأمم المتحدة فقط في حين كان الإبراهيمي موفداً خاصاً مشتركاً للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وتفاءل الناس حينها بأن الدبلوماسي الذي يحمل الجنسيتين الإيطالية والسويدية، وتولى مناصب عدة في الأمم المتحدة من بينها ممثل خاص لها في أفغانستان والعراق ومساعد مدير برنامج الأغذية العالمي، قد يكون خير خلف للإبراهيمي وكوفي عنان اللذين بكل الخبرات الدبلوماسية والوساطة في النزاعات الدولية فشلا في اختراق الأزمة السورية التي بلغت عامها الرابع ولا حلول عاجلة في الأفق.
الدبلوماسي السويدي منذ أن تسلم مهامه في النصف الثاني من العام الماضي ولا جديد في أفق التسوية المتعثرة بل الرجل رغم المهمة التي على عاتقه أصبح متوارياً عن وسائل الإعلام بعكس سلفه الإبراهيمي الذي كان نشطاً في التجوال بين العواصم ذات الصلة بالأزمة السورية، وكدنا أن ننسى أن هناك ممثلاً للأمم المتحدة يتولى ملف التسوية السلمية للأزمة السورية حتى تناقلت وسائل الإعلام إمس الجمعة عن السيد دي ميستورا تصريحات عقب اجتماعه بوير الخارجية النمساوي، قال فيها إن الرئيس السوري بشار الأسد “جزء من الحل”، مؤكدا مواصلة “إجراء مناقشات مهمة معه” بهذا الشأن، وأكد دي ميستورا قناعته بأن الحل الوحيد هو حل سياسي.
الممثل الخاص من المفترض أن يقدم بين يدي مجلس الأمن الدولي في السابع عشر من فبراير الجاري تقريراً حول الأزمة السورية، وقد يتضمن هذه القناعات غير الجديدة بضرورة الحل السلمي، وأن الأسد جزء من الحل، ولكن من يقنع الأطراف الدولية الأخرى التي تتعامى عن هذه الحقائق على الأرض التي تستوجب التعامل معها في إطار السعي لإنهاء الأزمة.
وتدرك الولايات المتحدة قبل الممثل الأممي أن الأسد جزء من الحل، لاسيما إذا كانت جادة في حربها الراهنة ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي استفاد كثيرا من استطالة أمد الأزمة في سوريا بل نشأ وترعرع في كنف هذه الأزمة، ولا ترغب الولايات المتحدة في التعامل مع حقيقة أن الأسد أول من حذَّر من خطورة هذا التنظيم.