محمود الدنعو

كان بمقدوري


[JUSTIFY]بعض تصريحات الساسة تدعو إلى الغثيان، فبعد كل الدمار الذي لحق بالعراق جراء الغزو الأمريكي على العراق الذي وجد مساندة كبيرة من بريطانيا، حيث كان رئيس الوزراء البريطاني حينها توني بلير يتبع الرئيس الأمريكي جورج بوش كالأعمى في تلك الحرب المشؤومة على العراق، ومع ذلك يقول شريك بلير في تلك الجريمة وزير خارجيته جاك سترو، “إنه كان سيعارض قرار مشاركة بريطانيا للولايات المتحدة في الحرب على العراق، إذا علم أن الأمور ستتطور إلى ما وصلت إليه الآن”، مشيرا إلى أنه كان بمقدوره إيقاف اشتراكها في الحرب. وأضاف سترو، في تصريحات لصحيفة الديلي تلغراف البريطانية، “إنه لا يزال يتلقى انتقادات المواطنين بسبب حرب العراق حتى الآن في المواصلات العامة”، مشيرا إلى أنهم يصفونه بـ (مجرم الحرب). وأوضح “أعلم أنني إذا اتخذت موقفا معاكسا كان بمقدوري إيقاف إشتراك بريطانيا في حرب العراق، وأنه إذا هدد بالاستقالة أو استقال، فإن الحكومة لم تكن لتحصل على الأغلبية.. لا أبالغ، إنها الحقيقة.. لذا أنا مدرك لهذه المسؤولية”.

طبعا تصريحات سترو لم تكن بسبب صحوة ضمير متأخرة جدا، بل لأن الرجل بات على أبواب المعاش السياسي وسيترك منصبه عضواً في مجلس العموم مع نهاية الدورة البرلمانية الحالية في شهر مايو القادم، حيث قرر عدم خوض الانتخابات مرة أخرى.

هذه التصريحات قد تشعره بالقليل من الراحة النفسية من الضغوط التي كان يواجهها حتى في الشارع والتساؤلات التي ستظل تطارده إلى الأبد: لماذا سمحتم في الحكومة البريطانية وقتها بأن تصبحوا شريكاً في تلك الحرب التي ثبت لاحقاً زيف وخداع كبير تم لتبرير خوضها؟ ولكن المسؤولية الأخلاقية والقانونية لا تزال قائمة حتى يثبت المشاركون كافة في هذه الحرب لماذا شنَّت هذه الحرب التي كلفت البشرية الكثير من أوراح العراقيين، ودمرت بلدهم، وعطلت مساهمتهم الحضاري، وشكلت سابقة لتقويض النظام والقانون الدولي، ومن تداعيات هذه الحرب أنها أطلقت العنان للجماعات المتطرفة والإرهابية التي تسعى الولايات المتحدة الآن لمحاربتها.

تصريحات سترو تأتي في وقت يترقب فيه البريطانيون نشر نتائج التحقيق الرسمي الذي تجريه لجنة برلمانية حول مشاركة بريطانيا في الحرب التقرير بدأ منذ العام 2009، ومن الموقع الإعلان عن نتائجه في مايو المقبل، وتأخر التقرير كثيراً ما أثار المخاوف، ولكن رئيس اللجنة السيد جون تشيلكوت دافع عن ذلك التأخير بأن التقرير مطول ومعقد، ويحتاج إلى المزيد من الوقت، ونفى أن تكون هناك أسباب سياسية وراء التأخير وتضمن عمل اللجنة حتى الآن فحص 150 ألف وثيقة ومقابلة 129 شخصاً.
[/JUSTIFY]