مزمل ابو القاسم

دبك.. مساحة وجع

[JUSTIFY]* رسم الزميل المتميز شوقي عبد العظيم صورة بالغة القتامة لأوضاع نزلاء سجن دبك، الذي يقع في الحدود الشمالية لولاية الخرطوم (غرب مصفاة الجيلي)، ونقل تفاصيل السُخرة التي يتعرض لها سجناء، يتلقون معاملة سيئة، ويجبرون على العمل في كمائن للطوب مقابل أجرٍ زهيد، لا يزيد عن خمسة جنيهات في اليوم.

* الأجر المذكور يتدنى ليبلغ حد منح السجين كيس تمباك وسيجارتين مقابل عمل مضنٍ يستمر اليوم بطوله.

* يضطر نزلاء السجن المذكور إلى قضاء حاجتهم ليلاً في أكياس يطلقون عليها (الركشة)، ويفرض عليهم واقعهم المرير التعايش مع مخلفاتهم وروائحها النتنة حتى فجر اليوم التالي، بسبب عدم وجود مرافق صحية لائقة داخل العنابر، علماً أن عدد الحمامات المخصصة لعدة مئات من السجناء لا يتخطى تسعة، حالها يغني عن سؤالها.

* السجن العتيق الذي تأسس قبل ستة عقود من الآن لم يخضع لأي تجديد يعينه على أداء مهمته كمؤسسة للإصلاح وإعادة تأهيل المحبوسين فيه، إذ تنحصر مبانيه في بضعة عنابر متهالكة، تستضيف من ستمائة إلى سبعمائة نزيل في أوضاع بالغة السوء.

* مراوح الهواء معطلة.. الطعام قليل وبالغ الرداءة.

* ماء الشرب يتم توفيره ببراميل توضع في وسط العنابر ليلاً.

* التبول يتم عبر فتحات الحائط ليلاً، وتكون المحصلة تجمع السوائل في بالوعات تنبعث منها روائح كريهة.

* السجناء يعملون في كمائن الطوب حفاة.

* الرعاية الصحية ضعيفة إن لم نقل معدومة.

* باختصار.. الصورة المؤلمة التي نقلها الزميل شوقي في تحقيقه الاستقصائي المتميز تثير الأسى في النفوس، وتطعن في أهلية السجن المذكور لأداء مهمته الأصلية كمؤسسة للإصلاح والتهذيب، علماً أن ما رشح لنا يشير إلى أن ما يحدث في سجن دبك ليس استثناءً عن قاعدة سوء معاملة المحبوسين في سجون السودان.

* نزلاء سجن بورتسودان يعملون في (الملاحات)، وفي ظروف لا تقل سوءاً عن التي يعانيها نظراؤهم في سجن دبك.

* ينص قانون تنظيم السجون ومعاملة السجناء القومي على أن السجن مؤسسة للإصلاح والتهذيب والتأهيل وفقاً للقوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بمعاملة النزلاء، فأي تأهيل وأي إصلاح وأي تهذيب يمكن أن ينفذ في سجن يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.؟

* يلزم القانون القائمين على السجن بتهيئته بما يتناسب مع كرامة الإنسان وآدميته، ويتحدث عن توظيف الطاقات والوسائل الصحية والتربوية والاجتماعية والدينية والتعليمية لتأهيل وإصلاح وتقويم النزلاء، فهل يمكن تحقيق مثل تلك الأهداف القيمة بالنهج المتبع في معاملة السجناء حالياً.؟

* يوجه القانون مدير السجن بتوفير الغذاء الكافي والماء الصالح للشرب والمهمات والملبوسات المناسبة للنزلاء، فأين سجن دبك وبقية سجون السودان من ذلك النص الملزم.؟

* كذلك يتحدث القانون عن تشغيل النزلاء في أعمال منتجة مقابل أجر مناسب، فأين موضع جنيهات الكمائن الخمسة وأكياس تمباكها مما ورد في القانون.؟

* النصوص التي تتحدث عن تهيئة السجون وضعت كي تنفذ، لا لتنتهك، والسجين كائن بشري، يستحق الرأفة والعطف قبل التأهيل، كي يعود إلى مجتمعه مواطناً صالحاً، بعد أن يقضي فترة العقوبة، فهل يمكن تحقيق مثل تلك الأهداف بالنهج المتبع في معاملة السجناء حالياً.؟

* ما قرأناه في التحقيق يشير إلى أن الحبس يعتبر أخف عقوبة ينالها نزلاء السجن المزري.

* ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
[/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. أشهد الله إنك لأول مرة تكتب حاجة مفيدة .. كتاباتك فى الرياضة مضيعة الهلال والمريخ والسودان والكورة والرياضة عموما