الصادق الرزيقي

حول زيارة الرئيس إلى الإمارات

[JUSTIFY]> يبدأ السيد رئيس الجمهورية اليوم زيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية الشقيقة تستمر عدة أيام، وهي زيارة مهمة كانت منتظرة ومرتقبة ومتوقعة من فترة طويلة، وسيكون لها ما بعدها في علاقة البلدين الشقيقين خلال الفترة القادمة بعد أن كانت العلاقة ساكنة وشابها الكثير من العثرات غير المعلنة والشائعات التي كادت تحدث وقيعة بين الجانبين لولا حكمة وبعد نظر وحنكة ودراية بالظروف الراهنة ومعرفة وحسن تقدير تتحلى بها قيادتا البلدين الشقيقين، فما يربطهما من تواصل ومتانة علاقات ظلت صامدة على مر السنوات، أقوى بكثير مما يتصور أعداء هذه العلاقة ومن حاولوا تخريبها، فقد ذهبت وتلاشت سحابة الصيف الخفيفة والسريعة، وها هي زيارة السيد الرئيس تفتح صفحة عامرة بالخير الوفير والتعاون والتفاهم البناء ليكون كل شيء في مساره الصحيح.
> ولا يمكن أن نغفل عن أن الزيارة وظروفها وتوقيتها، تحيط بها التقاطعات الإقليمية والأحداث العاصفة في المنطقة والعالم، مما جعل الوطن العربي كله يقف عند مفترق طرق، تعددت فيه المحاور وتباينت الآراء وقامت أحلاف تختلف في آرائها وتصوراتها حول القضايا التي دهمتنا جميعاً وشغلت العالم معنا وبنا.
> ومعلوم أن موقف السودان ظل واضحاً في كل الأحوال وتطورات الأوضاع العربية، كعهده طوال الحقب الوطنية يتخذ الموقف الصحيح إستراتيجياً وقومياً والمتسق مع المصالح العليا لأمته العربية وما يعزز واجباته تجاه انتمائه الحضاري كعنصر فاعل داخل الأسرة العربية، وظلت علاقاته وتواصله مستمراً مع الجميع في العالم العربي دون أن يلجئه ويضطره ذلك إلى قطيعة طويلة أو خصومة بائنة بسبب موقف أو وجهات نظر، وكثيراً ما يتضح مع الأيام أن الموقف السوداني لم يكن نشازاً ولا موجهاً تجاه شقيق أو صديق، وما أبعد السودان عن سياسة الأضداد والمحاور التي عرفها الوطن العربي خلال الخمسين عاماً الماضية.
> لكن ما بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة من التقاءات وتعاون وأواصر، أكبر وأعمق دليل على نقاء هذه العلاقة ومتانتها، منذ قيام الاتحاد الإماراتي تحت قيادة مؤسس الدولة الراحل الكبير صاحب الأيادي البيضاء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان يكن حباً مفعماً وناضحاً وصادقاً للسودان، ولا نحتاج إلى كثير سرد في هذا المجال، فهو حب وود محفور في كل قلب وعلى كل لسان في بلدنا ولدى أهل الإمارات، كما أن هناك الوجود السوداني ودوره في دولة الإمارات منذ عقود طويلة وهو شاهد على رسوخ هذه العلاقات وقوة ركائزها التي ترتكز عليها.. ولا ننسى أن الرئيس البشير شخصياً قبل تسلمه مقاليد الحكم أقام خلال فترة عمل موفداً من الجيش السوداني بدولة الإمارات العربية المتحدة، وله علاقات وصداقات قديمة هناك، وعندما صار رئيساً زادت متانة علاقاته وصلته بهذا البلد الشقيق، ويحتفظ البشير بمكانة عزيزة وخاصة للقيادة والشعب الإماراتي، وبان ذلك من خلال معالجته واهتمامه الشخصي بملف العلاقة الثنائية والابتعاد بها عن مواطن الخلافات التي زادت من الشقاق بين الأشقاء العرب، وظل يشرف على ملف العلاقة بنفسه ويبعث بمبعوثه الشخصي وهو مدير مكتبه الفريق طه عثمان في زيارات متكررة لترتيب وضع العلاقات حتى عادت إلى ما كانت عليه.
> ومن المعلوم أن هذه الزيارة وفي توقيتها الدقيق، ستتناول في مباحثاتها العلاقة الثنائية وإزالة كل ما علق بها خلال الفترة الماضية من بعض التشويشات، وستعود أقوى مما كانت عليه بما يعود بالنفع على الجانبين، خاصة أن هنالك مصالح مشتركة في المجال الاقتصادي والاستثماري والتجاري والتبادلات والتعاملات المالية فضلاً عن التنسيق السياسي، وللإمارات استثمارات كبيرة في السودان، وظلت مساهمة في مشروعات ضخمة وأمامها فرص أكبر لتوسيع هذه المجالات، وللسودان أيضاً مصالح حيوية في التعاون الاقتصادي والتفاهم المشترك في عدة قضايا تهم الشعبين الشقيقين وتزيد من فرص تطوير ما بينهما من تواصل وتبادل خبرات وفوائد.
> لكن ينظر إلى الزيارة بقوة وتركيز من جهات إقليمية عديدة، إلى ما تنطوي عليه أبعادها السياسية على ضوء التطورات الجارية في المنطقة العربية والمسائل الدولية المعقدة، فقد كانت العلاقة مع إيران وما حدث في جار السودان الشمالي جمهورية مصر وما يجري في ليبيا والعراق وسوريا ثم أخيراً اليمن، من أهم الملفات والقضايا التي ملأت فضاء الحوارات والنقاشات بين المسؤولين السودانيين وإخوانهم في دول الخليج العربي، ويظن بعض الناس أن انعطافاً كبيراً قد حدث في مواقف عديدة ونشأت ظروف تتطلب تفاهماً أعمق وأكثر صراحةً ووضوحاً، بل ذهب البعض إلى الاعتقاد أن هذه الظروف والأوضاع الناشئة بدلت المواقف وغيرتها وكأن السودان كان ضمن حلف ما سيكون اليوم جزءاً من حلف جديد، وهذا كله حديث غير دقيق وغير سليم، فالواضح أن السودان يقدر مواقفه بدقة ووعي كبيرين، ينظر بأهمية وإدراك إلى المصالح المشتركة والتعاون الثنائي وتقوية علاقته مع الأشقاء العرب في هذه المرحلة الخطيرة والمهمة من تاريخ المنطقة، بمنظار أوسع وأكبر من التحالفات والمحاور.
> ستفتح هذه الزيارة أبواباً كثيرة وستكون مقدمة لتضامن عربي متجدد، وربما تتم فيها مبادرات تنهي حالة الحيرة التي ضربت المنطقة وتعيد للأمة العربية آمالها وثقتها في تجاوز ما يمر بها من أزمات وعواصف وأنواء.. وبالله التوفيق.[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. ما افتكر انو انت مصدق انو للسودان موقف ثابي و استراتيجي مع العلم بان العرب جميعهم لا يملكون موقفا” استراتيجيا” تجاه قضاياهم !.
    و لكن عندما يتوقف مصير امة على شخص واحد يحكم لأكثر من ربع قرن لا تتوقع ان تكون النتيجة لصالح شعبه و لك في محيطنا الكثير من العبر ….