تحقيقات وتقارير

أحوال عرمان .. بعد الانسحاب!!

من تابع ياسر عرمان مساء الثلاثاء الماضي داخل قاعة الصداقة أو عبر شاشة التلفزيون، وهو يقدم نفسه للناخبين كمرشح لرئاسة الجمهورية، تساوره بعض التساؤلات بعد إعلان انسحاب عرمان في اليوم التالي مباشرة، هل كان ذهن الرجل أثناء مرافعته في (مجهر سونا) خالياً من السيناريو الذي سيعلن بعد أقل من أربع وعشرين ساعة؟ أم أنه كان يدرك ما سيحدث جيداً، لكنه كان حريصاً على إيصال رسائله قبل نهاية فترة صلاحية ترشيحه؟
فالقصة التي تداولها البعض بعد انسحابه على نحو مباغت من سباق الرئاسة، أو سحبه بالأحرى، تعود إلى الليلة السابقة لإعلان النبأ، عندما كان عرمان مرشح الحركة السابق لرئاسة الجمهورية مرشحاً ساري الصلاحية لا يزال، ويحاول إثبات تلك الصلاحية أمام عدسات التلفزيون، فرغم أدائه الذي وصف بالجيد في البرنامج، إلاً أن القصة التي انتشرت عقب سحبه، تنسب إليه القول وهو في طريق الخروج من ستديو البرنامج لمن حوله: (البشير لن يكون رئيساً بعد خمس سنوات من اليوم)..وبغض النظر عن صحة تلك القصة من عدمها، إلا أنها حاولت تقديم افتراضين حول الحدث الذي فاجأ كثيرين، الأول أن الرجل تم إخطاره بنهاية مدة صلاحية ترشيحه مسبقاً، والافتراض الثاني أنه يخطط لمنافسة البشير ثانية في المستقبل المنظور عندما يحين أوان الانتخابات بعد خمس سنوات من الآن، إن كان ثمة انتخابات في ذلك الأوان.

[IMG]http://www.rayaam.info/news_images/442010110758AM1.jpeg[/IMG] مصير عرمان، وغيره من قادة الحركة الشعبية الذين اشتهروا باسم شماليي الحركة، بات موضع تساؤل كبير منذ وقت ليس بالقصير، بعد تصاعد التوقعات بانفصال الجنوب، ويأتي سحب عرمان ليثير المزيد من التساؤلات، حول الجهة التي صنعت فعلياً قرار الانسحاب، هل هو عرمان نفسه؟، أم أن القرار صدر من قيادة الحركة العليا ممثلة في رئيسها سلفاكير، ونائبه د.رياك مشار، وانحصر دور المرشح السابق في إحاطته بالقرار، ومن ثم القبول به؟
السؤال عن رضا عرمان عن انسحابه من عدمه، كان كافياً لإثارة حفيظة ين ماثيو الناطق باسم الحركة، الذي رأي فيه سؤالاً لا يخدم الشعب، ووصف عرمان بأنه كادر أساسي في الحركة لم يترشح لأنه يريد الترشح، بل تم تكليفه بخوض المعركة، وعندما شعرت قيادة الحركة بأن الانتخابات ستكون مزورة، ولا تشمل دارفور، قررت الانسحاب، وبينما يتساءل البعض عن سر مشاركة الحركة في الانتخابات على كافة المستويات باستثناء الرئاسة، رغم أن الانتخابات كلها ستكون مزورة حسب وصفها؟! يقول ين ماثيو مفسراً تلك المشاركة الجزئية بأن للحركة قراءتها السياسية وفق معطيات الظروف السياسية والزمانية.
ذات المعطيات السياسية، تجعل سحب عرمان يختلف عن انسحابات غيره من المرشحين، فقد كان المرشح الذي فتح طريق الانسحابات اللاحقة، فضلاً عن أنه كان مرشحاً فوق العادة، لكونه طرح بواسطة حزب قد يخرج بإقليمه الذي يحكمه بطريقة شبه ذاتية عن الدولة التي رشح لرئاستها أحد منسوبيه، ولكون عرمان ينتمي إلى الشمال، ورشحه حزب يحسب على الجنوب.
عندما رشح عرمان، انقسمت الآراء بشأن ترشيحه، فبينما رأى البعض أن ترشيحه يعكس عدم رغبة الحركة في المنافسة شمالاً، ويأسها من إمكانية حصولها على تأييده، رأى آخرون أنه ترشيح (خبطة)، يخلط أوراق المؤتمر الوطني ويقذف له بقنبلة شمالية في ملعبه، وذهب فريق ثالث إلى أن ترشيحه للرئاسة مرفوض لدى أوساط داخل الحركة بحكم جذوره الشمالية، ويقول بول دينق المحلل السياسي إن (الجماعة) كانوا يخططون لسحبه منذ وقت دون علمه، ووفر تشكيك المعارضة في نزاهة الانتخابات فرصة مواتية للتنفيذ.
معظم قادة الحركة الشعبية باستثناء باقان أموم ترشحوا لمناصب ومستويات مختلفة في الانتخابات، مثلما فعل معظم قادة المؤتمر الوطني، فالفاعلية السياسية بالنسبة لقادة الحزبين الشريكين الحاكمين، يتم البحث عنها عبر صناديق الاقتراع، لتعضيد الوضعيات الحزبية وتثبيت الأقدام، أما انسحاب عرمان، فيبعده عن قوة دفع صناديق الاقتراع، والمنافسة على المنصب التنفيذي الذي انسحب من سباقه، والمقاعد التشريعية الأوسع التي لم يترشح منذ البداية لأحدها، مثلما فعل قائد كرياك مشار، بترشحه لبرلمان الجنوب.
لا يستبعد بول دينق أن يحاول البعض داخل الحركة الشعبية، ممن عارضوا الترشيح أو غيرهم من المعارضين، التخلص من عرمان بهدوء، بسبب عدم اعتماده لدى هؤلاء كجنوبي، والنظر إليه كأحد (الجلابة) في نهاية المطاف، ويضيف دينق أن مثل تلك الاعتبارات وإن كانت تكتسى بطابع الحسابات القبلية، إلا أنها ستحرم عرمان من الحصول على منصب تنفيذي في الجنوب، وتتسبب في تهميشه، ما قد يفتح الباب أمام اعتزاله وانتقاله للعيش في الخارج، مثلما فعل قبل سنوات ومعه بعض قيادات الحركة الذين يعرفون بـ (أولاد قرنق).
مستقبل عرمان السياسي بعد انسحابه، بالنسبة لرفيقه في قطاع الشمال أقوك ماكور، هو ذات مستقبله قبل الترشح، قيادي فاعل في الحركة الشعبية، ويضيف ماكور أن الحركة الشعبية وإن انفصل الجنوب جغرافياً، إلا أن فكرة مؤسسها (السودان الجديد) ستظل حاضرة في الشمال، فيما يشبه التلميح إلى أن عرمان سيبقى أحد الباحثين عن تطبيق فكرة السودان الجديد في جميع الأحوال.
بعض خصوم عرمان، وصفوا سحبه بأنه حادثة (ركل خارج سباق الرئاسة)، وكان ذلك جزءاً من صورة سلبية تشكلت لدى البعض في الساعات الأولى عقب إعلان الانسحاب، تصور حجم عرمان بعد سحبه على أنه أصغر من حجمه السابق، أو تحاول الإيحاء بأن حجم عرمان في واقع الأمر هو حجم رجل يقدم لسباق الرئاسة ثم يسحب منه، دون يد له في القرارين، وامتدت تلك الصورة لتبدو فيها الحركة الشعبية نفسها كياناً منقلباً على حلفائه من قوى جوبا، نفض يده من قرارها المشترك الذي كان متوقعاً، وتصب في هذا المنحي الأنباء التي حملت تصريحات لسفاكير، زعيم الحركة، يقول فيها إنه سحب عرمان، ليدعم المؤتمر الوطني، ما صب في خانة الرأى القائل بأن عرمان، راح ضحية تأييد قيادته للبشير.
في المقابل، وبعد مرور المزيد من الوقت على انسحاب عرمان، تغيرت الصورة قليلاً، وبدا أن تداعيات الأحداث في نهاية المطاف قادت إلى ما يشبه خيار المقاطعة الجماعية لانتخابات الرئاسة.
وبينما رأى البعض أن الطريقة التي سحب بها المرشح السابق تسيء إلى صورته أمام الجماهير، وأن تجربة ترشيحه ستخصم من رصيده السياسي، وأنه أخرج من المنافسة كارهاً، يقول حسن ابراهيم الإعلامي السوداني في (الجزيرة انترناشيونال) إن عرمان من واقع معرفته الشخصية به لا يمكن أن ينفذ قراراً يأتيه من (فوق) دون أن يشارك في صناعته، ويصفه بأنه رجل يحسب خطواته على نحو جيد، ويمضى إلى أن الانسحاب لن يضعف عرمان، وأن تجربة الترشيح بغض النظر عما إذا كانت تمويهاً أم لا، منحته فرصة الظهور عالمياً كمرشح عن الشمال والجنوب، ويرجح حسن ابراهيم أن يحافظ عرمان على الجماهير التي خاطبها أثناء حملته الانتخابية.
عرمان نفسه، سواء أكان قد شارك في صناعة قرار الانسحاب أم لا، استوعب الموقف بسرعة على ما يبدو، فبعد أن بدت تصريحاته مقتضبة للغاية يوم الانسحاب، وقرأ البعض في ملامحه توتراً مكتوماً وغير معتاد، عاد خلال الأيام التالية لمواصلة نشاطه مع القوى المعارضة، يلوح بإمكانية مقاطعة الحركة للانتخابات على بقية المستويات في الشمال، ما يوحي بأن تجربة الترشح، سواء خصمت من صورة الرجل وقزمته، أو ضاعفت حضوره، إلا أنها لم تؤثر على تعلقه بفكرة السودان الجديد، ولم تخفف من علاقته الصدامية مع المؤتمر الوطني، وتوجهاته المناوئة للإنقاذ.

مجاهد بشير
صحيفة الراي العام

‫10 تعليقات

  1. ما زمان قلنا ليك حيمسكوك الخشب وأهو البداية سحبوك من الإنتخابات الرئاسية والباقي قادم … غشوك وخدعوك .. وإنتهت المسرحية .

  2. والله أنا بستغرب شديد جداً ولما ما قادر جاي ليه … الرئاسة ما ساهلة بالطريقة دي كل من هب ودب يحاول يجيها ,,, أنت نسيت أن السودان بلد الإسلام …. والخمارات دي ما بتنفع معانا أبداً وربنا حكيم في أمره … والله النية السودة ما بتسود أبداً ونصيحتي ليك ولأخوانك وغيرهم من الجارين جاي وجاي أغتسلوا وتوبوا لله عشان ربنا يرضي عنكم…والسودان في حمى ربه وكلنا بي شيوخنا ندعو الله أن يولي من يصلح أبداً الكذاب ما بجينا والداير داك واك يشوف ليه طريقة بعد ده..

  3. 😎 واللة يا سجمان مصيرك بطال الجنوبين ديل ولد البلد وابن عمتهم دكتور لام اكول ونعم الرجل شوف عملوا في اية انت جدك ملوال وحبوبتك تابيتا الراجيك كثير يما تشوف اهوال قريبا شهر خمسة الجاي دة متمسك في كلمة الحرية الحرية وشربت المقلب تماما ما تجينا راجع الخرطوم شوف ليك بلد من الان

  4. ايام حكومة الصادق قبل الانقاذ حصل ضجة حول موضوع يتعلق بماده حيوية مستوردة وكان يومذاك وزير مشهور للتجارة من غير حزبه ووزارة التجارة كانت من اشهر الوزارات لما لها من كوتات المهم هذا لوزير المهمام ملأ الدنيا ضجيجا حول تلك المادة المستورة وكانت محجوزة بالجمارك لامر ما وكانت تصريحات الوزير لا تصب فى مصلحة الحكومة حول الموضوع فما كان من الصادق الا ان علق بالقول كعادته ان الوزير الفلانى وجد شطة فى الجو وعطس وهذا ما حصل بالضبط مع عرمان مع فارق بسيط علما بان الوزير العاطس اقيل فجأة

  5. عرمان بالحركة الشعبية يذكرنى بخيال المآتة أو الهمبول كما يقول اهلى فى الشمال وهو صورة يتم وضعها فى المكان الذى تريده الحركة الشعبية ويتم أزاحتها عندما ينقضى دورها وهو زى الاطرش فى زفة الحركة الشعبية ……

  6. لا يمكن يا سي عرمان الجنوبين يختاروا شمالي في الحكم مهما كان ه
    هذا الشمالي متفانيا في ولائه لهم

  7. يا جماعه مهما كان اي واحد يجي الرئاسة بدل السفاح الاسمو البشير دا احسن كان عرمان ولا غيرو
    الشعب السوداني اتعود على انه يحكمه واحد مجرم زي البشير دا عمره ما عمل حاجه في مصلحة الشعب المسكين الجعان دا لكن الشعب زاتو بقا مستسلم وعارف انو مافي فايدة انو البلد تمشي لي قدام وتتطور زي باقي الدول طول عمرنا حنفضل اقل ناس طالما الرئيس هو اللي بيحكمنا
    الله يكون في عون الشعب السوداني;(

  8. I WAS TRYING TO IGNORE YOU ….BUT LET ME ASK YOU …WHAT ABOUT YOUR PRESIDENT NAF’E ALI NAF’E …..I KNOW YOU KNOW WHAT I MEAN YA SIMSIM ALGHDAREF

  9. القيمة الحقيقية للوطن والمواطن هى مايقدمه لخدمة الاخرين وإسعادهم وإبعادهم عن الشقاء والعناء حتى ولو للحظة وهذا مافعلته الحركة الشعبية . إبعدتنا عن الحرب لمدة 5 سنوات وجعلتنا نسمع ونتعرف على تاريخ السودان وخطابها الحقيقى والاساسى والرئيسى عبر مرشحها للمرة الاولى واليست الاخيرة دومت لنا ياعرمان